أبرزها زيارات السجون ورابعة العدوية والنهضة والمحاكمات العسكرية.. حقوقيون: المجلس تستر على جرائم النظام قسمت الأزمات التى يعيشها المجلس القومى لحقوق الإنسان، خلال الفترة الماضية، والناجمة عن تضارب واختلاف الآراء، حول عدد من القضايا، التى تدخل ضمن اختصاصاتهم، المجلس إلى فريقين، أحدهما يؤكد أنه ليست هناك انتهاكات لحقوق الإنسان فى السجون، وفريق آخر انسحب من المجلس بعد التقرير الأخير لزيارة وفد المجلس سجن العقرب، مؤكدين أن هناك انحيازا داخل المجلس لصالح النظام الحالي. الخلافات بين الأعضاء تتعلق بمشكلات عامة، وهى "زيارة سجن العقرب، وفض رابعة العدوية، وأقسام الشرطة، والمحاكمات العسكرية، وحملات اعتقالات، والتهجير، وحجب المعلومات، والأمن القومي". وقال عدد من الخبراء الحقوقيين إن المجلس لا يقوم بدوره كمركز حقوقى لمواجهة الحكومة بالانتهاكات التى تحدث فى بعض الملفات، مشيرا إلى أن المجلس تحول من مرحلة التستر على الجرائم، إلى مرحلة التواطؤ فيها بل المشاركة فى الجرائم.
زيارات السجون زار المجلس القومى لحقوق الإنسان بزيارة العديد من السجون بعد وفاة 4 سجناء فقط خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وكان لسجن العقرب النصيب الأكبر فى عدد الوفيات التى تجاهل المجلس القومى ذكرها فى تقريره، ويعد السجن شديد الحراسة المعروف ب«العقرب» أو «992»، مخصصا لأعضاء جماعة للإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية، خاصة أن من بين حالات الوفاة ال264 التى وردت فى تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، بشأن أحوال المساجين داخل السجون المصرية منذ 3 يوليو 2013، عددٌ كبير من جماعات التيار الإسلامي. ويقع سجن «العقرب» ضمن منطقة سجون طره «ب»، على بعد 2 كم من بوابة منطقة سجون طره الرئيسية، إلا أن وضعه مميز كسجن شديد الحراسة، لأنه محاط بسور يبلغ ارتفاعه 7 أمتار، وبوابات مصفحة من الداخل والخارج، كما أن مكاتب الضباط تقع بالكامل خلف الحواجز، والقضبان الحديدية. ولقى عدد كبير من المعتقلين مصرعهم فى السجون خلال الفترة الماضية، أشهرهم القيادى فريد إسماعيل، والدكتور طارق الغندور، وزكى أبو المجد، وأبو بكر القاضي؛ بسبب الإهمال الطبي، ثم القيادى الجهادى نبيل المغربي، والقيادى الجهادى مرجان سالم، وأخيرًا القيادى فى الجماعة الإسلامية عصام دربالة. ولم تكن تلك الزيارة هى الأخيرة، بل خاض أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان تجربة زيارة سجون أخرى كان من ضمنها سجن "العقرب"، إلا أنهم أظهروا إيجابيات السجون وكأنهم يعيشون فى جزر منعزلة عن الواقع المصرى الذى شهد موت العشرات من القيادات السياسية الإسلامية فى السجون.
رابعة العدوية والنهضة جدل كبير حدث بين المنظمات الحقوقية المصرية والأجنبية بشأن عملية فض اعتصام رابعة العدوية، فهناك من يصفها ب"المجزرة" والآخر يصفها ب"دعم الاستقرار"، ليكون المجلس القومى لحقوق الإنسان بمثابة اليد التى لها أن تفصل فى تلك المسألة، وشكل رئيس المجلس لجنة تقصى حقائق منذ 30 يونيو من عام 2013 حتى الآن، لم يتم الإعلان عن بدء التحقيق القضائى الفعلى للبت فى أحداث الفض وما وقع خلالها، ليخرج المجلس حينها بتوصياته التى تتمثل فى تحقيق قضائى مستقل فى كل الأحداث التى تزامنت مع الاعتصام حتى الانتهاء من فضه وإخلائه من جانب قوات الأمن والجيش، وتلك الإجراءات القضائية تكون ضد من يثبت تورطه فى ارتكاب أى جرائم ضد الإنسانية واتخاذ التدابير التشريعية والتنفيذية التى تنهى بشكل قاطع إمكانية استخدام العنف أو الدعوة كوسيلة للتعبير عن الرأى بين أى من الجماعات أو القوى السياسية، والبدء فى إخضاع العناصر الشرطية لعمليات تدريب وتأهيل لمكافحة الشغب وفض التجمعات وتدريبها على التعامل الإنسانى والمهنى مع المتعدين على القانون.
تجاهل المحاكمات العسكرية تجاهل القومى لحقوق الإنسان، الأحكام العسكرية التى صدرت ضد عدد من النشطاء الإسلاميين والمعارضين لحكم الحالي، معتبرًا أنه لم يتم اللجوء إلى المحاكم الاستثنائية، معتبرا أنه رغم قيام ثورتين إلا أنه لم تجر أي محاكمات استثنائية مخالفة للدستور، وحوكم قادة تنظيم الإخوان المتهمون أمام قاضيهم الطبيعى.
سلخانات أقسام الشرطة تمتعت حالات القتل والتعذيب التى وقعت داخل أقسام الشرطة خلال عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى بأبشع الطرق، حيث قتل حوالى 11 محتجزًا بقسم المطرية الذى يحتل المرتبة الأولى بين أقسام المحافظات يليه قسم إمبابة، من بين «أقسام الموت» فى مصر، ولكن لم تتوقف حالات الانتهاكات فى ذلك القسم عند التعذيب فقط، ولكن لأول مرة نجد اغتصاب وقتل مصابين فى المستشفيات. ويأتى قسما الخليفة ومصر القديمة، فى الترتيب بعد إمبابة والمطرية، خاصة مع سقوط 4 محتجزين أثناء فترة الاحتجاز.
الأمن القومي تمثل فكرة الأمن القومى بالنسبة لبعض أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان أزمة، لأنهم يعتبرونها ذريعة تستخدمها الدولة لانتهاك الحقوق والحريات باسم الأمن القومى، لافتين إلى أنها كلمة مطاطة والقانون لم يُحددها. وفى هذا السياق، قال جورج إسحاق، مُقرر لجنة الحقوق السياسية والمدنية بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، إن مفهوم الأمن القومى ليس مُحددًا، وبالتالى قد يستخدمها البعض فيما يُمكن أن نُسميه "انتهاكًا لحقوق الإنسان".
حجب المعلومات وفيما يتعلق بحجب المعلومات، أقر عدد من أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن المؤسسات الرسمية تحجب عنهم المعلومات، وبالتالى لا بد من الإسراع فى إصدار قانون الشفافية وتداول المعلومات، الأمر الذى أوجد خلافا بين أعضاء المجلس، قائلًين إن الجهات السيادية، ووزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، ورئاسة الجمهورية، لديها تصنيف لمعلومات الأمن القومى التى لا يجوز نشرها إلا بتصريح خاص.
الاختفاء القسرى أعلن المجلس القومى لحقوق الإنسان فى مطلع يونيو الماضى تبنى حملة للكشف عن المُختفين قسريًا، خاصة بعد تزايد أعدادهم بحسب المعلومات والشكاوى التى حصل عليها المجلس.
تجاهل حالات التحرش تناسى المجلس القومى لحقوق الإنسان، حالات التحرش التى تعرضت لها نساء مصر واعتبر أن التشريعات التى صدرت خلال الفترة الماضية والخاصة بحماية المرأة من العنف وجرائم التحرش والاعتداءات الجنسية بشكل خاص، ساهمت فى بناء بيئة مؤسساتية تراكمية لحماية المرأة من العنف بشكل عام، وقد صدر بالفعل حكم بحبس أحد الأطباء لإجراء عملية ختان لإحدى الفتيات، إلا أن المجلس تجاهل العديد من حالات التحرش والاغتصاب التى تتم بشكل متكرر تجاه السجينات السياسيات فى مختلف السجون بجانب التحرش الذى يتم فى الشوارع والمتنزهات العامة.
تجاهل اعتقال وانتهاكات بحق الطلاب لم يذكر تقرير مجلس حقوق الإنسان المصري، أى انتهاكات وقعت للطلاب من قبل قوات الداخلية، كما لم يتحدث عن حالات اعتقال الطلاب من أمام الجامعات.
التهجير رغم اختفاء مصطلح التهجير خلال فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات وبدايات عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، فإنه عاد للظهور على نطاق أضيق عددا، ولكنه أكثر زخما مع تكرار المشاجرات التى تنشب بين مواطنين مسلمين ومسيحيين وعادة ما يتم إنهاؤها بمجالس صلح عرفية. ونقلت مراكز حقوقية وتقارير قبطية شكاوى من تهجير عائلات مسيحية بعد تلك الوقائع، كان أبرزها شكاوى تهجير عائلات مسيحية (نحو 15 أسرة) من قرية حجازة قبلى مركز قوص بقنا عام 2006، وأسر (غير محددة العدد) من قرية الكشح فى سوهاج بعد أحداث عام 1998 وعام 2000، وجرى الحديث عن تهجير أسر قليلة مع عدة حوادث مماثلة فى منطقة عين شمس. فى أكتوبر العام الماضى 2014، بدأت قوات الجيش المصرى عملية إزالة للمناطق السكنية على الحدود المصرية مع قطاع غزّة المُحاصر؛ بُغية تأسيس منطقة عازلة على طول 14 كيلومترًا وبعمق نحو نصف كيلومتر بشكل عام، مع وصول العمق إلى نحو كيلومترين فى بعض المناطق. خُطّة الجيش المصرى الخاصة بهذه المنطقة العازلة، تأتى ضمن ما يسميه الجيش بحربه على الإرهاب.
حقوقيون: المجلس تستر على جرائم النظام قال حسين حسن حسين، عضو مجلس أمناء منظمة "الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان"، إن المجلس لا يقوم بدوره كمركز حقوقى لمواجهة الحكومة على الانتهاكات فى بعض الملف، منها "حالات التعذيب بالأقسام الشرطية، وحملات اعتقالات، وغيرها من الأمور التى يجب أن يتحرك أي المجلس"، موضحا أن البيان الأخير للمجلس القومى لحقوق الإنسان عن زيارته لسجن العقرب، كان متوقعًا لأننا اعتدنا منهم التستر على الجرائم التى تنتهك الحريات فى مصر، خاصة أنه مجلس محسوب على الدولة لأن الدولة من عينته. وأكد حسين فى تصريح خاص ل المصريون، أن التصريحات التى أدلى بها المجلس بشأن سجن العقرب، عارية تمامًا عن الصحة، لأن جميع شهادات أهالى المعتقلين تكذب تلك الادعاءات التى تؤكد أن جميع أبنائهم يعانون من سياسة التجويع التى جعلت الكثير منهم يفقد عشرات الكيلو جرامات من أوزانهم، هذا بجانب التعذيب والانتهاكات التى تحدث ضدهم، فكيف المجلس يقول إن كل شيء متوفر داخل السجن؟ والزيارة منعت عنهم لمدة 4 شهور. وأوضح أن المجلس تحول من مرحلة التستر على الجرائم، إلى مرحلة التواطؤ فيها بل المشاركة فى الجرائم، فإلى الآن هناك أكثر من 200 معتقل داخل السجون، وهى المرة الأولى تشهدها مصر فى تاريخها. ولفت إلى وجود حالات انسحاب من المجلس، وهم الأعضاء المعارضون لزيارة الأخيرة، وهم "جورج إسحاق، ومحمد عبد القدوس، وكمال عباس، وراجية عمران". ومن جانبه، قال رئيس جمعية نبض الوطن لحقوق الإنسان محمد الدواودى، إن المجلس القومى لحقوق الإنسان لا يستخدم السلطات فى مكافحة ما يحدث من حملات اعتقالات، وحجب المعلومات، والمحاكمات المدنية أمام المحاكم العسكرى، وقضايا التعذيب التى تحدث داخل السجون والذى أدى إلى قتل عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وهناك الكثير من القضايا التى لا يهتم به لمعالجتها.