فوجئت زوجتى بجارتنا أم زياد تطرق بابنا فى ساعة لم تكن تأتينا فيها من قبل,وأم زياد نموذج للمراة المصرية بنت الريف الحيية والمتدينة بفطرتها والتى يقطر قلبها حبا ونقاء،كان وجه أم زياد قلقا على غير العادة وسألناها عن السبب ... فقالت بحسرة : مصر ضاعت .. ثم استطردت : ألا تشاهدون الفضائيات,ألا تقرأون الصحف!؟ مصر تنهار كنا نتطلع الى المستقبل فاذا بالحاضر يتبدد,لقد أراد زوجى أن يصطحبنى لشراء بعض الملابس فطلبت منه التمهل فربما أُجبرت على ارتداء النقاب بعد وصول الاسلاميين للحكم ,وتسائلت مستنكرة ... هل يعقل أن نترك البلد ليحكمها المتطرفون ونعود مرة أخرى لنمتطى البغال والحمير بعد هدم المتاحف واغلاق البنوك وتدمير السياحة والزراعة والصناعة والاقتصاد وبعد الاقتصار على تجارة السبح والطواقى والجلاليب والمسواك !! من منا يرضى بخراب مصر .. وضعت أم زياد يدها فوق رأسها وأطرقت ببصرها الى الأرض فأدركت زوجتى أن المسكينة قد وقعت أسيرة لحفنة من الأوغاد خريجى مدارس الأبالسة والذين مكنتهم قدراتهم على النفاق ومهارتهم فى لعق الأحذية من الالتحاق بالاعلام المسعور ليتصدروا المشهد الاعلامى رغم جهلهم الشديد وثقافتهم الضحلة فراحوا يطاردوننا من خلال نوافذهم المشبوهه ليل نهار لا يخجل أحدهم لحظة من ممارسة الكذب والتضليل وتزييف الحقائق وترويج الشائعات وتصوير مصر على أنها مرقص وملهى ليلى وماخور لشرب الخمر والغناء والرقص ...وراحوا يتلاعبون بمشاعر البسطاء وترويعهم من المستقبل المظلم واللعب على وتر الاستقرار الذى سنفتقده بعد وصول الاسلاميين للحكم والصدام مع الشرق والغرب,وراحوا يتهمون الاسلاميين بتهم مضحكة تارة ومبكية أخرى مثل التأثير على الناخبين بالسكر والزيت وأطباق البصارة!! ,وقاموا بتسليط الأضواء على أى مخالفة لأنصار المرشحين الاسلاميين وتركوا مخالفات الآخرين مهما كانت فداحتها,لم يتحدثوا ولو مرة عن ثقافة وفكر وخبرات مرشحى التيار الاسلامى كما تحدثوا عن أفكار وانفتاح الأخرين,طمست أبصارهم فراحوا يتهمون الشعب بالسذاجة وبالغباء وهو نفسه الشعب الذى كانوا يتغزلون فيه قبل سويعات من ظهور نتيجة الانتخابات التى حسمها الشعب لمن تواصل معهم من خلال الشارع وليس عبر الشاشات, لقد فضح هؤلاء انفسهم عندما أشادوا بقدرات أبو الفتوح على قيادة حكومة انتقالية واشادتهم بكفائته ثم باحتفائهم بمصطفى النجار وبنجاحه الساحق فى الانتخابات وما كانوا ليفعلوا ذلك الا بعد خروج الاثنين من جماعة الاخوان وكأن المشكلة فقط فى اسم الجماعة ومرجعيتها الاسلامية التى تزعجهم .. كانت زوجتى تتلعثم وهى تحاول تصحح المفاهيم المغلوطة لجارتنا فاذا بأصوات هادرة لمسيرة حاشدة من الشباب والشيوخ ,من النساء والأطفال يجوبون الشوارع ويغنون بلادى بلادى لك حبى وفؤادى فأسرعت زوجتى وجارتنا الى الشرفة ووقفت أم زياد منبهرة بالمسيرة ومدى التنظيم الرائع للشباب الذى يفرح القلب والفتيات اللائى لا يختلفن شيئا عن كل المصريات سواء فى الوطنية والانتماء أو فى التدين الفطرى وعرفت جارتنا ان هؤلاء هم "الاخوان المسلمون" يقومون بالدعاية الراقية لحزبهم "الحرية والعدالة" فأسرعت جارتنا بالانصراف ووقفت زوجتى تتابع المسيرة وادهشها وجود أم زياد بين فتيات المسيرة تشد على أيديهن وتدعو لهن بالنجاح والتوفيق . مهندس / على درويش [email protected]