سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تراث مصر يحترق.. والمسئولون يتفرجون ..أبوغازى: أتعجب من عدم السيطرة على نيران المجمع العلمى وتركها تلتهمه دون تحرك..الشرنوبى: 192 كتابًا وخريطة ودورية أحرقت بالكامل
سيطرت حالة من الحزن الشديد على المثقفين والمهتمين بالتراث المصرى، بسبب الحريق الذى نشب فى المجمع العلمى المصرى، خلال أحداث مجلس الوزراء بسبب الكتب النسخ والخرائط التراثية التى أتت عليها النيران بالكامل ومن ضمنها كتاب وصف مصر للعملاق جمال حمدان. واستنكر المثقفون تباطؤ المسئولين وعدم قيامهم بالسيطرة على الحريق لإنقاذ واحد من أهم المتاحف والمبانى الأثرية فى العالم والذى يرجع عمره إلى أكثر من مائتى عام والذى أنشأته الحملة الفرنسية عام 1798، بقرار من قائدها نابليون بونابرت. وتساءلوا لمصلحة من يتم إضرام النار فى مبنى علمى وثائقى يخدم الأمة كلها لمجرد اختلاف الثوار مع المسئولين عن إدارة البلاد ولماذا فعلوا ذلك فى هذا التوقيت؟. "المصريون" ناقشت المثقفين والمهتمين بالتراث فى هذا الحادث المأساوى فماذا قالوا؟. أكد الدكتور عماد أبوغازى، وزير الثقافة السابق، وأستاذ الوثائق فى قسم المكتبات والوثائق والمعلومات بجامعة القاهرة، أن المجمع قيمة علمية كبيرة، ويضم مكتبة من أهم المكتبات المتخصصة فى تاريخ مصر، وبها تراث لا يمكن تعويضه، فهو مجهود 200 عام، لذا فهو خسارة لا تعوض، مشيرًا إلى أن إحراقه جريمة لن تغتفر ولن يغفرها التاريخ لمن ارتكبها. وقال: "أتعجب من أن النيران نشبت به منذ أمس، ولم يتحرك أحد لإطفائها، فكان يمكن حماية المبنى والوثائق". وأوضح محمد الشرنوبى، أمين عام المجمع العلمى المصرى ل"المصريون" أن الحريق شب فى المبنى نتيجة إلقاء زجاجات المولوتوف، وإنه أتلف كل محتوياته تمامًا، والتى تمثل تراث مصر القديم. وقال "إن احتراق هذا المبنى العريق بهذا الشكل، يعنى أن جزءًا كبيرًا من تاريخ مصر انتهى، مشددًا على ضرورة الكشف عن المسئولين عن هذا الحريق. وتساءل بحزن شديد: "ماذا يريدون من هذا المبنى وليس به غير الكتب قائلاً: "حرام عليكو، اعرفوا مصر فيها إيه". ونفى أن يكون هناك شباب من الثورة قد قاموا بمحاولة لإطفاء الحرائق المتصاعدة قائلاً: "إنه شاهد بنفسه الصبية يرشقون سيارات الإطفاء بالحجارة كى لا تتمكن من إطفاء الحريق بالمجمع". وأكد أن المبنى تم حرقه بالكامل ونحو 192 كتابًا وخريطة ودورية أحرقت بالكامل ومنها النسخة الأصلية من كتاب وصف مصر، مؤكدًا أن المبنى سينهار خلال ساعات وأن الأدخنة مازالت تتصاعد حتى الآن، أسفًا على أن المبنى مسجل كأثر وعمره 100عام. وأكد أن الحريق الذى شب فى المبنى نتيجة إلقاء زجاجات المولوتوف أتلف كل محتوياته تمامًا والتى تمثل تراث مصر القديم. وأوضح أن المبنى سينهار بكامله لأن هناك شروخًا فى جدران المبنى، وأكد أنه تحدث مع وزارة الداخلية وسيتحدث مع أمانة مجلس الوزراء كى يأتوا بقوة من وزارة الداخلية لإنقاذ المجمع الذى ينهار تمامًا، وناشد القوات المسلحة وقال لو أتى لنا عشرة عساكر فقط سنستطيع أن نحتوى الأزمة ونخرج ما تبقى من الكتب الأثرية ووجه نداء للمشير طنطاوى لإنقاذ المجمع بما فيه من مخطوطات أثرية وكتب حفاظًا على تراث مصر. وتابع: لا أقول غير أننا نحرق تاريخ مصر وهؤلاء ليس لهم علاقة بالثورة بصلة فهم يريدون تدمير وتخريب مصر وما أراه من البالون لماسبيرو لمحمد محمود لمجلس الوزراء هؤلاء فئة ضالة تريد حرق مصر وتوجيه الثورة لمسار تخريب وعند الاتصال بالأستاذ محمود حافظ، رئيس المجمع قالت زوجته عفاف غانم "إن زوجها فى العناية المركزة الآن، مؤكدة أنه لو كان قد رأى هذا المشهد لأصيب بصدمة شديدة". وأضافت " اتقوا الله فى مصر وتاريخها ولمصلحة من يتم إحراق تراث وتاريخ؟". وأشار د.محمد عفيفى، رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة، إلى أن المبنى كان يمكن إنقاذه بوسائل متعددة، مثل الطائرات التى يمكن أن تطفئ نيرانه، لأن هناك تاريخًا وحضارة بلد تم تخريبه، مثلما حدث فى الأيام الأولى من ثورة يناير للمتحف المصرى، والسرقة التى تعرض لها رغم إنكار زاهى حواس لتلك السرقة، والمشكلة الكبرى أن الإدارة فى مصر لا تحترم الثقافة ولا الحضارة. وأوضح أن معظم الوثائق ترجع إلى فرنسا، ويمكن بعد الحريق أن تطالب بحقها، كما أن المشكلة لا تتمثل فى المبنى، لأنه يمكن ترميمه، والمشكلة الكبرى فى الوثائق والنسخ النادرة من الكتب والدوريات، مؤكدًا أنه كان يجب على الأمن بدلاً من أن يحرس مبنى البرلمان، أن يحرس مبنى مثل المجمع العلمى، ولابد الآن من عمل جرد للوثائق ومعرفة المتبقى والمحترق، كما أنه من الممكن أن يكون تعرض للسرقة وقت الحريق. ولفت د.خالد عزب، الباحث فى الوثائق، إلى أهمية المجمع، مؤكدًا أنه يضم فى عضويته أهم 100 عالم مصرى فى مجالاتهم، وتعرضه للحريق فى وقت مثل هذا، له دلالة سيئة على مصر، ومكتبته تضم نوادر المطبوعات الأوروبية، والتى يوجد منها نسخ نادرة على مستوى العالم، لا تخص المصريين فقط. وأضاف: كما يضم كتب الرحالة الأجانب، ونسخ للدوريات العلمية النادرة منذ عام 1920، والتى يمكن ألا يكون لدينا فى مصر نسخ أخرى منها، وهذا يفتح أمامنا موضوعًا آخر حول تأمين مثل تلك المبانى الأثرية، والتى تضم وثائق نادرة. وأكد أن الخطورة تكمن فى الجمعية الجغرافية المجاورة للمجمع، والتى تحتوى على كنوز تتعدى 6 مليارات جنيه، بخلاف المتحف الإفريقى، والذى يحتوى على تراث يرجع إلى القرن السابع عشر، من خرائط وكتب، وتعد الجمعية من أقدم 6 جمعيات جغرافية على مستوى العالم، وهى الوحيدة خارج أوروبا وأمريكا، وإذا تعرضت هى الأخرى للتلف، فنحن أمام كارثة لا يمكن وصفها. من جهته، أعرب الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء عن بالغ أسفه بما حدث للمجمع العلمى من إتلاف وحريق لكتبه وتراثه. وقال فى اتصال هاتفى لفضائية الحياة اليوم "إنه يتعهد بحماية وإنقاذ ما تبقى من كتب ومخططات فى المجمع العلمى". يذكر أن المجمع العلمى المصرى أُنشئ بالقاهرة فى 20 أغسطس من عام 1798، بقرار من نابليون بونابرت، وهو مبنى أثرى عتيق من معالم مصر؛ وكان مقر المجمع فى دار واحد من بكوات المماليك بالقاهرة، ثم تم نقله إلى الإسكندرية عام 1859، وأطلق عليه اسم "المجمع العلمى المصرى"، ثم عاد للقاهرة عام 1880، ويقدم المجمع أبحاثًا ودراسات عن أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية. وكان للمجمع المصرى أربع شعب، هى: الرياضيات، والفيزياء، والاقتصاد السياسى، والأدب والفنون الجميلة، وفى عام 1918، أصبح مهتمًا بعلم الآثار، والأدب والفنون الجميلة، والعلوم الفلسفية والسياسة، والفيزياء و الرياضيات، والطب والزراعة والتاريخ الطبيعى. وبالمجمع المصرى مكتبه تضم نحو 40 ألف كتاب من أمهات الكتب، أهمها على الإطلاق كتاب "وصف مصر"، وله مجلة سنوية ومطبوعات خاصة.