الرئيس السيسي يصدق على إطلاق مبادرة "مصر معاكم" لرعاية أبناء الشهداء القصر    وزير التعليم العالي يتابع سير الأعمال الإنشائية بالحرم الجديد للجامعة الفرنسية    حزب الجبة الوطنية يطلق منصة إعلامية شاملة لتغطية قضايا المواطنين    ملتقى إيجيكيا 2025 يناقش دور مؤسسات التعليم العالي في تطوير البحوث الإعلامية    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    سيدة جامبيا الأولى تنبهر بمستشفى أورام الأقصر وتوزع الهدايا على المرضى    وزير الطيران ورئيس حماية المستهلك يبحثان التعاون المشترك    وزير العمل يُعلن عن 600 منحة مجانية تدريب للشباب    بعد التصعيد الإقليمي.. وزير التموين يتابع موقف المخزون الاستراتيجي من السلع    بعد استقبال المحافظ لها.. السيدة الأولى لدولة جامبيا توزع الهدايا على مرضى السرطان بالأقصر(صور)    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    برلماني يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لاحتواء النزاع بين إسرائيل وإيران    بعد كاليفورنيا.. ترامب يحاصر 5 مدن ديمقراطية جديدة بالقوات    تفاصيل تحطم مروحية تقل حجاجًا في الهند ومصرع ركابها    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    الرئيس الإيراني يهدد برد أكثر إيلاما حال استمرار العدوان الإسرائيلي    وزير الرياضة يشيد بأداء الاهلي فى مستهل مشواره بكأس العالم للأندية    فرانك يفتتح عهد توتنهام بالتعاقد مع تيل ودانسو.. خيارات جديدة في الهجوم والدفاع    حارس إنتر ميامي بعد حصوله على جائزة رجل المباراة: "الشناوي يستحقها"    الزناري يترقب موقفه مع الزمالك لحسم العروض المحلية    المشدد ل 5 متهمين لحيازتهم المخدرات بالمنيا    محافظ أسوان يتفقد عددا من لجان امتحانات الثانوية العامة بإدفو    نادية مصطفى تنعى نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي " فقيد الشباب"    كرسي الإمام الليث، برنامج جديد لوزير الأوقاف بجوار مرقده    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدة    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    مكتبة الإسكندرية تطلق جائزة كبرى لدعم المبدعين الشباب في 7 مجالات    المتحف المصري الكبير يستقبل الزائرين.. وإلغاء قرار الغلق بداية من اليوم    محافظة أسيوط تنظم يوما علميا للتوعية بمرض الديمنشيا    8 حيل نفسية وعقلية لاجتياز امتحانات الثانوية العامة    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    هل ترفع الأثقال قبل الجري؟ .. العلم يحسم الترتيب الأفضل لحرق الدهون    إحباط تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    محمد صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال33 ب "تورتة صغيرة"    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    أسعار الخضراوات اليوم الأحد 15-6-2025 بمحافظة مطروح    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    ضبط شاب بتهمة الاعتداء على فتاة في الطالبية    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    تعرض مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران لهجوم إسرائيلي    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    أنظمة عربية اختارت الوقوف في وجه شعوبها ؟    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إراتوستينس ....جبل الذهب الضائع
نشر في المصريون يوم 04 - 09 - 2015

أعترف أني سمعت هذا الاسم و لأول مرة بعد أبحاث أخيرة قمت بها تتعلق بالكشف الأخير لحقل الغاز الضخم في البحر المتوسط، و أعترف أني لم أكن أعلم الكثير عن ثروات مصر الضائعة بإهمال و تعمد ، غير بعد اعلان الحكومة المصرية وشركة الطاقة الإيطالية "إيني "عن هذا الاكتشاف الذي قد يوفر لمصر احتياطات عملاقة من الغاز، حيث أنه يحتوي على احتياطيات أصلية تقدر بحوالي 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، حسب تأكيد وزارة البترول المصرية في بيانها.

و لأني أحب التنقيب في الكواليس الخلفية لكل خبر ، هالني أن أصطدم بالعديد من المفاجآت الحافلة بأدوات الاستفهام ، لماذا و كيف و أين الحس الوطني في الحفاظ على ثروات مصر من عبث العابثين و المجرمين .

البداية ،،

جبل من أكبر الجبال الغاطسة في العالم ، يعود إسمه إلى العالم السكندري إراتوسينيس (276- 194 ق.م.) و الذي استمد الجبل اسمه منه ، و هو ثالث أمناء مكتبة الإسكندرية ، و الذي وصف منطقة تقع أعلى دمياط ب 190 كم تعيش بها أسماك و قشريات مختلفة عن باقي الأحياء البحرية في البحر المتوسط .

هذا الجبل يقع ضمن ملكية تاريخية لمصر منذ عام 200 ق.م ، وقد بدأ إجراء المسوحات المختلفة لجبل إراتوستينس في 1966 من قبل سفن أبحاث بريطانية ، ثم أمريكية (1977-2003)، ثم روسية (1994) ثم بلغارية (2003). و هناك أكثر 20 ورقة بحثية إسرائيلية عن جيولوجيا المنطقة نشرت بين عامي 1980-1997.

و تشاء الأقدار أن يكون هذا الجبل هو أداة الوصل بين أكبر حقول غاز في البحر المتوسط ، لتفرض أولى علامات الاستفهام المنطقية نفسها على الأحداث ، أين هي تلك الحقول؟ و لماذا لم تستفد مصر من أي منهم ؟ و هي التي أجبرت على تغيير نشاطها من منتج للغاز إلى مستورد له ، حتى وصلت الديون المصرية لشركات البترول العالمية الى 6 مليار دولار !


فتش عن نوبل إنرجى الأمريكية ورويال دتش شل البريطانية ، و فساد شركات التنقيب


في عام 1999 أرست مصر أكبر امتياز تنقيب بحري يبلغ (41.500 كم2) علي شركة " رويال دتش شل" في شمال شرق البحر المتوسط والذي أطلق عليه اسم " نيميد Nemed " و الذي يمتد من شمال الدلتا حتي السفح الجنوبي لجبل " إراتوستين".

و في هذه الأثناء ، حمل رولاندس ( وزير الخارجية القبرصي ) على عاتقه إدخال بلاده في مفاوضات سرية مع سفير اسرائيل و الرئيس السابق جورج بوش ، مدفوعا من شركات الطاقة الأمريكية لترسيم المنطقة الاقتصادية اولا بين قبرص و لبنان ثم قبرص و مصر ، و قد لاقى عرض الوزير القبرصي قبول ( على بياض ) من وزير البترول آنذاك سامح فهمي ، حيث لم يعترض على أي من ال 8 نقاط الإحداثية و التي‏ حلم بتحقيق بعضها الوزير القبرصي ، فإذا بفهمي يتنازل عن كل الإحداثيات لصالح قبرص ! و بالفعل في فبراير 2003 وقعت مصر مع قبرص اتفاقية ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة ، تم فيها اقتسام المياه الاقتصادية بين البلدين مناصفة .

و لم تكذب إسرائيل خبرا ، و بدأت على الفور في الحفر في جبل "إراتوستينس" شمال دمياط ، أي أن مصر لم تعد تجاور قبرص ، بل أصبحت تفصلها مياه إسرائيلية هي جبل إراتوستينس البحري المصري!

وفي فبراير 2004 أعلنت شركة «شل مصر» اكتشاف احتياطيات للغاز الطبيعي شمال شرق البحر الأبيض المتوسط، و أعلنت البدء في المرحلة الثانية من عملية الاستكشاف و التي ستستمر لمدة 4 أعوام بغية تحويل الحقول المكتشفة إلي حقول منتجة

و في 2007 ، أعلن رئيس «شل مصر» ان الشركة لم تجر أي أنشطة حفر منذ عام 2004 ولم تلتزم بتنفيذ تعهداتها وتعاقدها في فترة الامتياز

في 2008، أعلنت إسرائيل عن نشرها مجسات في قاع البحر المتوسط

وفي 2010، أعلنت شركتان إسرائيليتان بالتعاون مع نوبل إنرجي الأمريكية، عن اكتشاف حقل " لفياثان" العملاق في جبل إراتوستينس، باحتياطي 16 تريليون قدم مكعب، و استعانت إسرائيل بسفينة استكشاف أميركية لأخذ عينات من إراتوستينس، و سبر أعماق السفح الجنوبي منه ، و الأدهى أنها لم تكتف بالتعدي على منطقة ترسيم الحدود الاقتصادية و الإقليمية المصرية بل نزلت جنوباً وصولا الى سواحل مصر، و نشرت افتخارا صور لضفاف النيل من الأعماق !

تعدي آخر على مناطق التقسيم قامت به قبرص و التي خرج رئيسها على شعبه مبشّراً إياهم في يناير 2011، باكتشافهم أحد أكبر احتياطيات الغاز عالمياً، تقدر بقرابة 27 تريليون قدم مكعب، في ما يسمى "بلوك-12" و الذي يقع ضمن منطقة إمتيازات ( Nemed ) في السفح الجنوبي لإراتوستينس والمتقاطع تماما مع حقلها المكتشف و الذي سمي ب أفروديت ، في نفس العام الذي أعلنت فيه شل انسحابها من امتياز التنقيب المصري في منطقة شمال شرق البحر المتوسط !


و حقل آخر استولت عليه اسرائيل و قامت بتطويره في أبريل 2012 ، و هو حقل شمشون البحري و الذي يقع قرب سواحل مصر ، لم لا و هي لم تلق أي ردود أفعال دولية تشجب قرصنتها البحرية على حقول لا تقع في نطاقها ، و للتدليل على ذلك ، يكفي أن تعلم أن :

المسافة بين حقل شمشون و شمال دمياط تقدر ب 114 كم ، و بينه وبين حيفا 237 كم ، و المسافة بين حقل ليفياتان و شمال دمياط 190 كم و حيفا 235 ، اما أفروديت فرغم قصر المسافة إلى قبرص 179 كم منه إلى مصر 190 كم إلا ان أفروديت تقع ضمن امتياز Nemed 1999 .

و أخيرا ، معرفتي بثروات مصر الضائعة عن إهمال و عمد جعلتني لا أتفاءل كثيرا بالكشف الأخير الرائع ، اذا أثبت التاريخ أن مجرد الكشف لأجل الكشف وحده لا يكفي، و أنه يجب أن يكون هناك عقود ملزمة ببنود جزائية قاسية عند التخلف عن الالتزام بتحويل الحقول إلى حقول منتجة .

أما بخصوص الكشف الأخير ، فستبرز مسألة فنية متمثلة في أبيار الغاز ، و هل ستكون مشتركة بين قبرص و مصر بحيث تتقاسم قبرص معه الثروة المكتشفة أم ماذا ، كل تلك أسئلة يجب الإجابة عنها قبل الفرح و الاستبشار بمستقبل مبهج وواعد ثم الاستيقاظ على الواقع المرير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.