فقه المرحلية ، هو الأمر الثاني الذي نتوقف عنده ، و هو من أعظم القضايا التي ينبغي الالتفات إليها، فتطبيق الشريعة لا يأتي دفعة واحدة ولا يجوز ولا ينبغي، فلا يجوز في بداية العمل الإسلامي المطالبة مثلا بمنع الخمور، مالم تكن هناك خطة مرحلية وبرنامج فعال يؤدي في النهاية إلى هذا، ولسنا نبتدع بدعا من القول في هذا، بل لنا سند من السيرة والتاريخ، فتحريم الخمر مثلا نزل على عدة مراحل،حتى استقر في النهاية التحريم القطعي، و لنا في موقف عمر بن عبدالعزيز في عدم الاستعجال في التطبيق الراشدي مخلص و منجد في هذا،بل إن فقهاء المغرب في ما ألفه الونشيري، فوائد و مباحث رائعة في هذا المجال، ففقه المرحلية قاعدة من قواعد هذا الدين، وهي أصل في فهم الدعوة والدين، ولم تكن وتحدث ثم تتلاشى، بل لابد من استلهامها،و القضية اليوم قد تكون أشد من ذي قبل، فالتغييب المتعمد للاسلام، بل ومحاربة الاسلام الصحيح، ومحاولة الاحياء والعودة، لا شك أنه بحاجة إلى فقه المرحلية وفهمها حق الفهم، والتعامل معها وفق المقاصد والأطر العامة للدين، في ظل هذه الظروف. الأمر الثالث:البدء بالأهم: مامن شك أن الشريعة ورفع راية الدين هي الغاية الكبرى لكل مسلم، وأن يرى الشريعة هي المصدر للتشريع، ولكن هذا الأمر قد لا يتحصل دفعة واحدة، فلا بد من التمهل وماذكرناه آنفا، وهناك أمر لا بد من الالتفات إليه، وهو أن الناس لابد أن تعيش وتحيا الحياة الكريمة قبل أن تفكر في أي شيء، فلا بد من مساعدة الناس في توفير الحياة الكريمة، وتوفير سبل العيش والحياة، والمسكن والملبس، والحريات، والاصلاح السياسي،فإذا أتقن العمل الإسلامي هذا الفن، وسد حاجات الناس، عندها سيكون الاتجاه للشريعة أسهل بكثير جدا. الأمر الرابع:العمل السياسي البعيد عن الايدلوجيا: العمل السياسي شيء منفصل عن الفعل الايدلوجي، و التفكير الايدلوجي، ولكن هناك من يخلط بين الاثنين، فالسياسة لها مساربها و مخارجها، ولها فعلها المختلف كل المخالفة عن المواقف الايدلوجية، ولكن البعض لا يدرك هذه الحقيقة، فيخلطون بين الاثنين وهنا يبرز الخطأ في التعامل مع القضية،فيكبر الجانب الايدلوجي ليضيع الشق السياسي الذي يغيب التحليل السليم للقضية، ويكون النظر ناقصا جدا في رؤية المشهد بكامل صورته. الأمر الخامس: عدم التنازع و التصارع والتطاحن بين الفصائل الاسلامية، فالجميع يرصد تحركاتهم، ويتحين الفرص للانقضاض عليهم لابعادهم عن العملية السياسية والانتخابات،هذا فضلا عن أن التنازع والتطاحن سيضعف المشروع الإسلامي، ويصرف المعارك إلى داخل الجسد الإسلامي،بدل أن يكون خارجه،(ولاتنازعوا،فتفشلوا وتذهب ريحكم). السادس:ضرورة تحليل النتائج: فتحليل النتائج بدقة وباحصائيات علمية، وتحليل علمي دقيق رصين، سيبرز جوانب الخلل في التحرك، وجوانب القوة، وهذا بدوره سيعطي العمل الإسلامي زخما للتحرك وسد الخلل، والاستفادة من التجارب الخاطئة لتفاديها، هذا فضلا عن أن تكون التحليلات جزءا من تاريخ الحركة الإسلامية التي ستستفيد منه أجيال الحركة. هذه بعض النقاط التي أراها جديرة بالاهتمام من قبل العاملين في الحركة الإسلامية في مصر بخاصة، حتى لا تتآكل ولاتتساقط من الهزة الأولى للعمل السياسي، والأمر يحتاج حوارا وبحوثا تثري العمل السياسي للإسلاميين. مفكر إسلامي كويتي