منذ قرن من الزمان كتب الشيخ عبد العزيز جاويش مقالا بهذا العنوان علي صفحات جريدة اللواء، التي كانت تعبر عن التيار الإسلامي، لكن ذلك كان في أجواء يفرضها الاحتلال البريطاني . والآن وبعد مرور مائة عام تقريبًا تستمر الحملة المسعورة علي التيار الإسلامي وبضراوة غير مسبوقة وعبر كل القنوات الفضائية، فهل ما زال الاحتلال موجودا؟ وما نوعية هذا الاحتلال؟ أهو احتلال من النظام الاستبدادي الذي ما زال موجودًا حتى بعد ثورة يناير 2011؟ أم هو وجه الاستعمار الجديد الذي يحتل مصر من خلال ادعياء الليبرالية والعلمانية الذين يعبرون عن الهيمنة الأمريكيةالغربية ويسعون لفرض رؤاهم علي كل أهل مصر ويعتقدون أنهم وحدهم الأكثر علمًا وفهمًا، والجديرون بأخذ مصر تجاه التحضر وأن من يخالفهم يصبح متخلفًا جاهلا رجعيًا؟. ومن دواعي الحسرة والنكد أنك كلما طالعت قناة تليفزيونية تجد جمعًا من لابسي الكرافتات الشيك يتبارون بالحديث عن ضرورة الدولة المدنية والخوف من وصول التيار الإسلامي للسلطة، ويطرحون العديد من المشاهد التاريخية الانتقائية المغرضة التي تدين التيار الإسلامي . ويتساءل المشاهد بتعجب من أين لهم هذا الحقد والكره لهذا التيار؟ أليسوا يناقضون أنفسهم بين المباهاة بدور المسلمين في صفحات التاريخ من حطين إلي العاشر من رمضان ؟ وهل أتباع التيار الإسلامي شخصيات هلامية هبطت خطأ من الفضاء ؟ والمتابع لأغلب هذه القنوات يجد أن أغلب القائمين عليها من خريجي الإعلام أو العلوم السياسية الذين تعلموا من خلال مناهج مستوردة لكونها علوم مستحدثة، كما أنهم في أغلبهم يعبرون عن توجه الرأسماليين ملاك القنوات، واللي ياكل عيش اليهودي يضرب بسيفه كما يقول المثل الشعبي. ولم يعط أغلبهم فرصة لنفسه للاستمتاع بدراسة الجوانب الإيجابية في حضارة الإسلام فذلك كان كفيلا بأن يحد من غلوهم في الكره وتصويب الرأي والاهتداء إلي الحق لفكر نابع من بلادنا وشكَّل وسيظل يشكل هويتها بدلا من التطفل علي موائد الكارهين وتقمص أفكارهم وترديدها كالببغاوات. ولعل المتابع لبعض كوادر العلوم السياسية الذين اهتدوا إلي مطالعة العلوم الإسلامية يدرك هذا البعد كما هو عند الدكتورة نادية مصطفي والدكتور سيف الدين عبد الفتاح والدكتورة هبة رءوف والدكتور السيد عمر وغيرهم . والمتابع لوسائل الإعلام بشكل عام يجد أنها في أغلبها لا تعبر عن نبض الشعب أو مصالحه وتوجهاته . والمتابع لرأي الشعب في الانتخابات الأخيرة يدرك أنه لا يبالي بالإعلام وما يدور فيه . وكأن الفجوة بين النظام الفاسد الذي ثار عليه الشعب، وبين الشعب هي نفس الفجوة الموجودة بين الشعب وبين هذا الإعلام الموجه الذي يحتاج تصويب توجهه إلي ثورة أخرى . وهنا لابد من تساؤل هل كتب علي التيار الإسلامي الذي يحظي بثقة أغلبية الشعب أن يواجه كل هؤلاء؟ ومتى نتعلم أدب الاختلاف؟ وإذا كان الشعب قد قال كلمته بشكل حر وعبر وسائل ديمقراطية يتغنون هم بها فهل يعد موقفهم الهجومي تعبيرًا عن فشلهم أم توافقًا مع أجندة بعيدة عن رأي شعب مصر؟ ولا يستطيع أحد أن يحصي الهجوم علي التيار الإسلامي في قنوات أون تي في والسي بي سي والنهار والحياة بكل قنواتها والفراعين الذي ينظر صاحبها بأن نهاية مصر واحتلالها ستكون بوصول الإسلاميين للسلطة . بل حتى القنوات المصرية الحكومية التي يتقاضي القائمون عليها رواتبهم من الشعب الذي انحاز أغلبه للتيار الذي يهاجمونه، فهل لا يعد هذا خيانة لدافعي الضرائب الذين يشكلون مصدر دخلهم؟ فإلى متى تستمر غربة الإسلام فى بلاده . [email protected]