قال الكاتب الصحفي وائل قنديل، إن "الأطراف الراعية لما وصفه ب"الانقلاب" لم تكن منذ البداية أكثر انكشافاً، ممّا هي عليه الآن، ولم يعد مفيداً أو مجدياً أن نضيع الوقت والجهد في تبيان ما هو بيّن"، متهكما: "غير أنها مناسبة لكي يتفحّص الذين روّجوا حلولاً قادمة، داخل أكياس الأرز، ملامحهم، ويتبيّنوا مواقع أقدامهم، وأقدام الحراك الثوري الآن". وفي مقال بعنوان "عن حقن الثورة بجرعات الوهم"، قال قنديل، عبر موقع "العربي الجديد": "قد ينجح الأرز في تعويم نظام فاسد مؤقتاً، لكنه لا يمنح وطناً، ولا يصنع استقراراً، وكما أنه ليس بالأرز وحده تُبنى الأوطان، فإنه لا توجد ثورة في العالم، تنتظر حلاً أو دعماً من أهل المنح والعطايا والمساعدات، وبكلمة واحدة: هناك فرق هائل بين تسوية الأرز وحرق الثورات". وأضاف: "جاء ولي ولي العهد السعودي، وجاء وزير الخارجية الأميركي، لمنح عبد الفتاح السيسي مزيداً من الصور واللقطات، التي يجيد استخدامها في إعطاء المخدوعين في معجزاته جرعات إضافية من المخدرات، فيتمايلون ويتراقصون ويغيبون أكثر عن الوعي، أمام هذه "الفيوضات" المنهمرة من الخارج". وصوَّر قنديل المشهد الحالي ب "كأنك أمام مشهد من أرشيف أنور السادات، حين أدار رؤوس المصريين بوعد الرخاء والرفاهية، كي يشتري صمتهم على خطيئة التصالح مع العدو الصهيوني، المحتل للأراضي العربية". وأشار إلى أنه "قد عبّر عبد الرحمن الأبنودي (عندما كان لا يزال أبنودياً)، عن تلك الحالة من الهلوسة القومية شعراً، حين كتب: احقنها بحلم.. لو اتحقق.. إحنا اللي نموت الحلم الأفيون الوهم اللي بلا شحم ولحم كلمها عن أموال جايّه.. وبنوك وبيوت وصحارى خضرااااا وازرع شجرة تطلع في الكاميرا وقبل ما تمشي.. تموت. واتصوّر ماسك بيضة أو بتبوس بقرة أو تصطاد حوت". ولفت إلى أنه "لا تختلف تفاصيل هذه الصورة التي رسمها الأبنودي شعراً، قبل عقود، عمّا تفعله ماكينة عبد الفتاح السيسي الإعلامية الآن، إذ تنشر لقطات مصورة بمعرفة القمر الاصطناعي لحركة سحب المليارات التي ستنهمر على مصر، ابتداءً من 6 أغسطس/ آب، وترصد موسم تكاثر القنوات وتوالد التفريعات، وتراقص السفن في مياه السويس". ومضى قائلا: "لكي تكتمل الصورة، يأتي جون كيري، ليشيد بعبقرية عبد الفتاح السيسي (الكهربائية) ونجاحه في التغلّب على أزمة انقطاع التيار، تلك الأزمة التي لم تصبح حديث الناس في مصر، إلا بعد ثورة يناير، وتسلّط الحكم العسكري، ثم يقف الوزير الأميركي صامتاً، مستمتعاً بابتلاع أكاذيب الجانب المصري عن نهر الديمقراطية الذي يتهادى على أرض مصر، فلا صحافيين معتقلين، ولا سجون، ولا قتل خارج القانون، ولا تصفيات ولا اختفاء قسرياً.. لا شيء هناك سوى الحرب على الإرهاب. وتابع: "في هذه اللحظة، لا بد من فرز حقيقي، في الجبهة المناوئة للانقلاب، وليس أقل من أن يعتذر الذين خدّروا الناس وثبّطوا هممهم، بكميات هائلة من المهدئات والمسكّنات العميقة، بادّعاء الاتصالات مع كل الأطراف، وانتحال صفة البديل الذي يعرف، لكنه لا يريد أن يفصح، أو هؤلاء الذين ضُبطوا يمارسون عمليات الإحماء على جنبات الملعب، بين العرض كله ليس أكثر من "فوتوشوب" أو لعبة "بلاي ستيشن". وأردف: "لم يكن لذلك كله من نتيجة سوى أنهم منحوا عبد الفتاح السيسي ونظامه هدوءاً في شوارع الغضب، وألزموا قطاعاً من الثائرين بيوتهم، انتظاراً لقدوم "بابا نويل" وفي يده الحرية والديمقراطية والخلاص من الذين انتزعوا الهتاف من الحناجر، والحلم من القلوب والأمل من العيون". وأختتم: "أفضل ما يصنعه مقاومو الانقلاب في الداخل الآن هو ألا يلتفتوا لكثير ممّا يدور في الكواليس والدهاليز من عمليات "سمسرة على الغضب"، تساعد سلطة الانقلاب، بتبريد الغضب وتخدير الثورة بأقراص من الكلام المنمّق، والوعود التي لا تختلف كثيراً عمّا تحدث عنه عبد الرحمن الأبنودي في الأبيات المنشورة أعلاه".