جمال سلطان لعل قارئ هذه الزاوية يذكر ما كتبته يوم وقع الملعوب الحكومي على الدكتور أيمن نور في حزب الغد ، ومحاولة الانقلاب الثلاثي عليه ، وقلت يومها أن هذا السيناريو إذا مر بسهولة ، فلن يكون هناك رادع من تكراره مع أحزاب أخرى مثل الوفد والتجمع والناصري ، هذا الأسبوع وقع ما كنت أحذر منه ، وشرب نعمان جمعة من نفس الكاس الذي شرب منها أيمن نور ، على يد الانقلاب الثلاثي أيضا ، وحزب الوفد يدخل الآن نفق الظلام الحزبي ، ولولا حرج السلطة من كثرة الأحزاب التي سيتم إغلاقها قريبا ، لجمدت حزب الوفد بسهولة ، لأن السيناريو الذي تم هو صورة طبق الأصل من السيناريو الذي فعلوه مع حزب العمل ، حيث حركوا الممثل حمدي أحمد ، فقام بدور رئيس حزب العمل الجديد المتنازع مع إبراهيم شكري ، فقررت لجنة الأحزاب عدم الاعتداد بأي من الرئيسين وبذلك تم تجميد الحزب ، وبعد أن تم تجميد الحزب اختفى الرئيس الممثل حمدي أحمد ، والسيناريو تكرر مع أحزاب أخرى كثيرة بأمانة شديدة معظمها لا أذكر أسماءها فضلا عن رؤسائها ، ولا يوجد قانون أصلا يحكم المسألة إنما الهوى السلطاني ، وما حدث مع حزب العمل أو حزب الغد أو حزب الوفد لا يوجد مثيل له في أي دولة محترمة في العالم ، لا يوجد قوتان تتصارعان حول حزب وكأنه فدان أرض أو مشروع تجاري ، في أي مكان عندما تتباين وجهة النظر بين جناحين في الحزب بحيث يستحيل الجمع بينهما ، ينفصل أي جناح منهما ويعلن عن تشكيل حزب جديد يعبر عن رؤيته ، وهذا ما حدث في تركيا مؤخرا عندما اختلف جناح رجب طيب أردوغان مع جناح قوطان الموالي لأربكان في حزب الفضيلة ، فأعلن أردوغان وجناحه الانفصال بهدوء وتأسيس حزب العدالة الجديد ، ونجح الحزب الجديد في الحصول على الأغلبية التي تؤهله لتشكيل الحكومة في أول انتخابات جرت ، لأن هناك ديمقراطية حقيقية وليس مجرد ديكور أو هامش ديمقراطي يتم التبشير بتطويره أكثر من ربع قرن بلا أمل ، لا يوجد نظام ديمقراطي في مصر ، وإنما يوجد دجل ديمقراطي ، يؤدي إلى حالة من الفساد والإفساد للحياة السياسية ، هل لو كان محمود أباظة ومنير فخري وجناحهم يدركون أنهم في الصباح يمكنهم أن يعلنوا عن تشكيل حزب جديد هل كانوا يفكرون في انقلاب وصراعات واشتباكات ، أم أنهم يعلنون انفصالهم بهدوء ويعلنون عن حزبهم الجديد ، ولكن لأنهم يعرفون أنهم سيرون حلمة أذنهم دون أن يروا ترخيصا بحزب سياسي من لجنة الحزب الوطني لشؤون الأحزاب ، وأنهم لن يستطيعوا إصدار صحيفة ولا تحقيق وجود سياسي شرعي وقانوني ، فقد قاتلوا من أجل انتزاع الترخيص الموجود ، وكل المعارك التي تدور في انشقاقات الأحزاب مثيرة للسخرية والشفقة على بؤس الحياة السياسية في مصر ، ومن المؤكد أن المراقبين الأجانب يقفون مندهشين من هذه المسرحيات المضحكة ، لأنها لا تنتمي إلى الديمقراطية ونظمها بأي مقياس ، هي مسخرة أرادها الحزب الحاكم وقياداته مسخرة ، مسرح عرائس يحركونها ويتحكمون في مبتداها ومنتهاها ، ولذلك تم إفساد الأحزاب وتهميشها ، لأن جميع الأحزاب بلا استثناء تزهد في توسيع قواعدها ، وتغلق الأبواب على العضوية إلا في أضيق نطاق ، لأنها تنظر إلى أي عضوية جديدة كمشروع انقلاب وتهديد لكعكة الترخيص ، وأسوأ النتائج الانتخابية هي التي تحققها الأحزاب الشرعية لهذا السبب ، بينما أقوى الحركات السياسية هي تلك التي تعمل خارج إطار القانون وخارج إطار النظام الحزبي الشرعي ، فأقوى حركة سياسية هي الإخوان ، وأقوى حضور في الشارع السياسي هي حركة كفاية ، لأنهما لم يكونا أسيرين لقانون إفساد الحياة السياسية المشهور بقانون الأحزاب ، أزمة حزب الوفد هي المسمار قبل الأخير في نعش النظام الحزبي الفاسد في مصر . [email protected]