تشهد الدعوة السلفية، المرجع الديني لحزب النور، حالة من التخبط الداخلي بين قياداتها لاسيما عقب الإطاحة بما يقرب من 50 قياديًا منها السبت الماضي 25 يوليو، في ظل مطالبة عدد من المشايخ المقالة، بتدشين بمبادرة إصلاح للعودة بالمدرسة السلفية، إلى سابق عهدها والعمل العام والتخلي عن تأييد أية مناهج مخالفة للمنهج الإسلامي في السياسة أو الاكتفاء بالعمل الدعوي حتى تتحسن الظروف وهو ما اعتبره مقربون من الدعوة حالة من "التمرد" تعصف بها. أطاحت الجمعية العمومية، للدعوة السلفية بالإسكندرية بالشيخين سعيد عبدالعظيم، ومحمد إسماعيل المقدم، من المؤسسين التاريخيين للدعوة، بالإضافة إلى عدد آخر من أبناء الدعوة، وهم الشيخ على غلاب، مسئول الدعوة بمطروح، والدكتور محمد يسرى إبراهيم، وأحمد النقيب، ومحمد الكردي، وذلك بسبب موقفهم الأخيرة من أحداث 30 يونيو، ولدعمهم لجماعة الإخوان المسلمين- بحسب ما أكدته مصادر بداخل الدعوة. الصراع الفكري داخل "الدعوة السلفية وزراعها السياسي حزب النور "لم يكن الأول من نوعه ففي يناير 2013 قدم ما يقرب من 150 شخصية استقالاتهم نتيجة لاختلافات في الرؤى، كان أبرزهم الدكتور عماد عبدالغفور، والدكتور يسري حماد وآخرين وهم الذين أسسوا بعد ذلك حزب الوطن برئاسة عبد الغفور. وفي الوقت الراهن تتعالى صيحات الإصلاح والدعوة إلى تجاوز "برهامي" وأنصاره بين صفوف كثير من القواعد وقياداتها الوسيطة، أبرزهم الشيوخ أحمد السيسي وعبد الرحمن علاء وغيرهم، ما يؤكد أن الأمور ستتجه إلى مطالبة الشيخين المقدم وعبد العظيم إلى الأخذ بمبادرة الإصلاح. قال الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، إنه تم إبعاد هذه القيادات من الجمعية العمومية بالكلية، لأن له مواقفهم المعلنة مخالفة لتوجه الدعوة، حسب قوله. وأضاف برهامي، في تصريح صحفي عقب عملية الهيكلة، أن المستبعدين من معارضي الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومؤيدين لجماعة الإخوان، وغير معترفين بثورة 30 يونيو وخالفوا قرارات الجمعية، بجانب أنهم اختاروا الصدام مع الدولة، مشيرًا إلى أنه تم توفيق الأوضاع القانونية داخل الدعوة، ودخول شباب جدد لتجديد الدماء داخل مجلس الإدارة، حسب زعمه. وأشار برهامي إلى أن الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، والشيخ أحمد فريد، والشيخ عبدالمنعم الشحات والشيخ عادل نصر، المتحدثين الرسميين للدعوة، والشيخ محمود عبدالحميد، مازالوا متواجدين بمناصبهم دون تغيير. يشار إلى أن الشيخ سعيد عبدالعظيم، نائب رئيس الدعوة السلفية، الذي تمت الإطاحة به من مجلس إدارة الدعوة، كان مؤيدًا لجماعة الإخوان وظهر على منصة "رابعة" أكثر من مرة وبعد فض الاعتصام غادر مصر، وكان يأمر شباب الدعوة السلفية بالنزول إلى «رابعة» للتضامن مع الإخوان لنصرة الدين، ووصف كبار مشايخ الدعوة بأنهم أعوان الظلمة، على حد قوله، كما وقع عبدالعظيم على بيان الكنانة الذي وقع عليه عدد من المشايخ المنتمين لجماعة الإخوان. أما الشيخ علي غلاب، مسئول الدعوة السلفية بمطروح، الذي أطاحوا به أيضًا، فكان رافضًا لبيان عزل الرئيس محمد مرسي، ودعا أنصاره للتظاهر لرفض ذلك، وجمدت الدعوة عضويته على إثر ذلك. يذكر أن الدعوة خسرت الكثير من أتباعها ومن قياداتها الوسطية بعد مواقف "برهامي" من أحداث 3 يوليو، مما اضطره إلى إسناد مهام مختلفة في الدعوة والحزب إلى كوادر ضعيفة وقليلة العلم وهو ما زاد من شغف موقفها، خاصة أن القيادات التاريخية كالشيوخ أحمد خطيبة، وأحمد فريد وسعيد حماد، فقدت حيويتها وانزوت تمارس بعض الأعمال الدعوية التي تشغلها دون الانخراط في أعمال عامة. وفي هذا الشأن شدد الدكتور ياسر عبدالتواب، المفكر الإسلامي، على ضرورة توقف الدعوة عن الانغماس في السياسة وتغليب المبادئ على المصالح، مضيفا: "ليس معقولاً أن تصبح الدعوة أداة بيد النظام يتجمل بها رغم إجرامه في حق المبادئ لنجد المشايخ والدعاة مثلا يقيمون مؤتمرات تأييد لرئاسة السيسي بعد ارتكابه لكل تلك المجازر الدموية التي أدانه فيها كل من له مسحة من خير". وأضاف عبدالتواب، في تصريح خاص ل"المصريون" مستهجنًا: "يا الله كيف سيتحمل هؤلاء تلك المسئولية أمام الله عز وجل حين يهوي الإنسان في النار بكلمة كذب أو خداع أو تضليل أو تأييد لباطل ستين خريفا"، حسب قوله.