عسكريون: أطراف خارجية ساعدت على تنفيذ العمليات الإرهابية سياسيون: لا توجد استراتيجية موحدة لمحاربة الإرهاب
فى 26 يوليو 2013، خرجت جموع الشعب المصرى لتفويض المشير عبد الفتاح السيسى آنذاك الرئيس الحالى لمصر الآن بمكافحة الإرهاب بناء على طلب الرئيس السيسي، من الشعب المصرى بالخروج لتفويضه بمكافحة الإرهاب فى أحد تصريحاته، ورغم تفويض الشعب للسيسى بمكافحة الإرهاب فى مصر، فقد اتخذت العمليات الإرهابية شكلاً تصاعديًا خلال العامين الأخيرين حتى بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسى للسلطة . وقد كان لسيناء النصيب الأكبر من هذه العمليات، ففى يونيو 2014 حدثت مذبحة رفح الثانية التى راح ضحيتها عدد من الجنود المصريين وأعلن أنصار بيت المقدس عن مسئوليتها، ثم بعد شهر تقريبًا وفى 19 يوليو 2014 أى فى نفس العام وقعت مذبحة الفرافرة و قتل فيها عدد من الجنود المصريين. وفى الرابع والعشرين من أكتوبر 2014، وقعت مذبحة أخرى بمنطقة كرم القواديس جنوب الشيخ زويد قتل على أثرها ما يزيد على 20من أفراد الجيش، وأصيب 26 آخرون، بجانب التفجيرات المتكررة فى سيناء لخط الغاز الطبيعى ومحكمة وقسم شرطة الشيخ زويد. ثم وقع مؤخرًا مذبحة رفح الرابعة، والتى نفذت يوم الأربعاء الموافق 1 يوليو 2015 فى نهار شهر رمضان, من قبل تنظيم ولاية سيناء التابع للتنظيم داعش، حيث قام تنظيم ولاية سيناء بالهجوم على عدد من الكمائن الأمنية للقوات المسلحة المصرية بمنطقتى الشيخ زويد ورفح فى توقيتات متزامنة، باستخدام عربات مفخخة وأسلحة ذات أعيرة مختلفة, مما أسفر عن استشهاد 17 من عناصر القوات المسلحة، منهم 4 ضباط وإصابة 13 آخرين، وقامت عناصر القوات المسلحة المصرية بشمال سيناء بمعاونة القوات الجوية بمطاردتهم وتدمير مناطق تجمعاتهم وقتل ما لا يقل عن 100 فرد من العناصر الإرهابية وإصابة أعداد كبيرة فى الساعات الأولى التالية للهجوم، إضافة إلى تدمير 20 عربة كانت تستخدمها تلك العناصر الإجرامية وحتى يوم 5 يوليو 2015 وصلت حصيلة أعداد القتلى من العناصر الإرهابية إلى 240 عنصرًا. وبعيدًا عن سيناء، شهدت القاهرة فاجعة كبرى فى 29 يونيو 2015 بعد تفجير سيارة مفخخة استهدفت موكب النائب العام هشام بركات مما أدت إلى وفاته، وتنوعت العمليات الإرهابية فى محافظات مصر من استهداف ضباط شرطة وتفجيرات بدائية الصنع. وفى الحادى عشر من يوليو الجارى وقع تفجير فى مقر القنصلية الإيطالية بوسط القاهرة، دون حدوث قتلى وصاحبه إدانات دولية وعربية لما حدث. مما يؤكد بحسب خبراء استمرار وتصاعد وتيرة العمليات الإرهابية فى مصر، رغم مرور عامين على تفويض الشعب للرئيس السيسى بالقضاء على الإرهاب بسبب عدم وجود إستراتيجية موحدة لمحاربة الإرهاب أدت إلى وجود تحركات فردية ضعيفة وخاطئة فى أغلب الأحيان من قبل وحدات الدولة المختلفة. وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء المحللين فى أسباب استمرار العمليات الإرهابية فى سيناء رغم مرور عامين على تفويض الشعب للرئيس عبد الفتاح السيسى بالقضاء عليه. وقال الدكتور سعيد صادق المحلل السياسي، إن طلب الرئيس السيسى من الشعب تفويضه لمحاربة الإرهاب فى يوليو 2013 لم يكن له أى دلالات على أرض الواقع بعد مرور عامين من التفويض، وذلك لأن الحكومة تجاهلت وضع إستراتيجيه مكتوبة لمكافحة الإرهاب. وأضاف صادق، أنه كان يجب عقد مؤتمر دولى عقب الحصول على التفويض من الشعب يضم خبراء من كل قطاع معنى بمحاربة الإرهاب كقطاع التعليم الذى يلعب دورًا مهمًا فى تنقية المناهج الدراسية من الأفكار المتطرفة, وقطاع الإعلام وكيفية تناوله للأحداث الإرهابية وقطاعى الثقافة والتكنولوجية وأيضًا القضاة والجهات الأمنية وذلك لوضع خطة واضحة, إلا أن هذا لم يحدث وتحول الأمر طوال العامين الماضيين، إلى مجرد رد فعل ضعيف من قبل الحكومة تجاه الهجمات الإرهابية, حتى أنه لم يرتق لمعالجة الحدث نفسه. وأشار صادق، إلى أن عدم وجود استراتيجية موحدة لمحاربة الإرهاب أدت إلى وجود تحركات فردية ضعيفة وخاطئة فى أغلب الأحيان من قبل وحدات الدولة المختلفة, كتحرك إحدى مديريات التربية والتعليم بالقاهرة وإقدامها على حرق الكتب فى فناء المدرسة أمام الطلاب بزعم مواجهة الإرهاب مما سيشكل جانبًا سلبيًا فى نفوسهم سينعكس على المجتمع . وأكد صادق، أنه رغم مرور عامين على التفويض لمحاربة الإرهاب والذى هو فى الأساس واجب أصيل للحكومة والمسئولين لم تؤسس الدولة مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب، وأن كانت الحكومة تحدثت عن هذا الأمر, إلا أنه لم يرتق للتنفيذ على أرض الواقع ولم تسع لإصدار قانون للإرهاب إلا بعد اغتيال النائب العام, ومن المتوقع أن تحدث أيضا خلافات كبيرة قد تعرقل وجودة. فالقوات المصرية لا تزال تحارب الإرهاب فى سيناء ولكن يجب تقييم السياسات الأمنية بشكل متكرر خاصة فى ظل الاستهداف المتكرر للجنود فى سيناء، والذى أسفر عن عشرات القتلى فى سيناء فى أكثر من حادثه إلا أن هذا التقييم للسياسات الأمنية لم يحدث حتى الآن.
من جانبه قال اللواء محمد على بلال نائب رئيس أركان القوات المسلحة السابق، إن الدولة كانت تحكم من خلال جماعة الإخوان المسلمين التى تمتلك عددًا كبيرًا من الأعضاء بجانب الداعمين لهم وهم يسعون بصورة متكررة للانتقام من النظام وزعزعة أركان حكمه, مما قد يصعب من محاولات الأمن للسيطرة على الشارع ومنع حدوث عمليات إرهابية . وأوضح بلال، أنه منذ تفويض الرئيس عبد الفتاح السيسى بمواجهة الإرهاب فإن مظاهرات الإخوان ومناصريهم بدأت تقل بشكل كبير حتى تناقصت بفضل مجهود الدولة فى حفظ الأمن، فعمليات أنصار الإخوان تغيرت بشكل نوعى وأصبحت المواجهة بشكل غير مباشرة مع الدولة من خلال وضع قنابل واستهداف رجال الشرطة . وأكد بلال، أن هذه العمليات الإرهابية بدأت تتزايد فى سيناء خاصة أن حدودها منفتحة على الخارج، ومن المرجح أن تكون هناك معاونه خارجية أدت إلى تنفيذ كل هذه العمليات الإرهابية خلال الفترة الأخيرة. وذكر نائب رئيس أركان القوات المسلحة السابق أن هروب العديد من المسجونين عقب ثورة يناير والإفراج عن الكثير من المحكوم عليهم فى الفترة الانتقالية التى تلتها أدى إلى صناعة بؤر إرهابية فى منطقة سيناء مما دعم وجود عمليات هجوم كبيرة على قوات الجيش كبدته خسائر بشرية كبيرة . وأضاف بلال، أن العمليات الإرهابية تتم من قبل عناصر متحركة تستطيع الهروب والهجوم أما عناصر الجيش المصرى ثابتة فى مناطق محددة مما يجعلها معرضه لهجمات إرهابية فى أى وقت, لذلك يجب وضع إستراتيجية متطورة لمنع وجود ثغرات أمنية والتصدى لهذه الجماعات الإرهابية. فقدرة الدولة على جمع المعلومات وبمساعدة المواطنين ستكون الفيصل فى القضاء على الإرهاب والجماعات الإرهابية، فالدولة استطاعت التصدى للإرهاب خلال عامين بنسبة نجاح تصل إلى 80% فيما تعد النسبة المتبقية فى صالح الجماعات الإرهابية ويعد مجرد تخويف المواطنين نجاح لها". وقال اللواء عادل القلا عضو مجلس الشعب السابق، إن استمرار العمليات الإرهابية على مدار عامين رغم تفويض غالبية الشعب المصرى الرئيس السيسى لمحاربة الإرهاب يأتى نتيجة قصور أمنى فى المواجهة، فتطور الأحداث فى العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والدولة أدى إلى استمرار أعمال العنف، خاصة مع طول فترة المحاكمة لقيادات الجماعة, وظهور جماعات إرهابية جديدة تحاول أن تثبت وجودها على الأرض من خلال عمل تفجيرات فردية تستهدف قوات الجيش والشرطة وحتى الشخصيات المسئولة فى الدولة . وأوضح القلا، أن العمليات الفردية تؤكد أن عمليات الإرهاب لازالت مستمرة، خاصة أن الجماعات الإرهابية لديها عتاد كبير من الذخيرة والأسلحة التى دخلت مصر خلال المرحلة الانتقالية بعد ثورة يناير، وحتى حكم الإخوان المسلمين، كما أن هناك ثغرات أمنية تستطيع هذه الجماعات اختراقها وتهديد حياة الجنود والمواطنين . وقال القلا، إنه من الضرورى أن يتم استخدام وسائل تكنولوجية حديثة فى التأمين تعتمد على الأنظمة الالكترونية وكاميرات المراقبة بجانب تفعيل نظام أمنى يعتمد على الدوريات المرورية المتنقلة لتجنب الهجمات المباشرة من قبل هذه الجماعات، وأيضًا وضع قوانين تمنع استخدام الدراجات البخارية لأكثر من فرد، خاصة أن غالبية العمليات التفجيرية والاستهداف يستخدم فيها مثل هذه الوسيلة للهروب السريع, مع تطوير جهاز الشرطة وتسليحه بشكل متطورة . وأشار القلا، إلى أن منطقة جبل الحلال بسيناء يتسم بوعورة طبيعته لذلك يلجأ للاختباء بها الخارجين على القانون والجماعات المتطرفة فهناك مجموعات متحركة داخل محافظات الوادى والدلتا تمارس عملياتها الإرهابية بشكل منفرد, تعجز الشرطة عن التصدى له لعدم تدريبها مسبقًا على التعامل المباغت مع مثل هذا النوع من العمليات. فالقوات المسلحة قادرة على القضاء على الإرهاب فى سيناء بشرط منع وصول الأسلحة للمتطرفين وإغلاق الحدود بشكل كامل فوسائل الإعلام تتحمل عبئًا كبيرا فى مواجهة الإرهاب من خلال عدم التركيز على الشو الإعلامى ونقل الخبر كما هو.
فى سياق آخر، قال مجدى حمدان المحلل السياسى وعضو جبهة الإنقاذ السابق، إن تزايد وتيرة الإرهاب خلال الفترة الأخيرة رغم تعهد الرئيس السيسى بالقضاء عليه بعد أن لبى المصريون طلبه فى تفويضه لمواجهتهم لن ينتهى وسيظل قائمًا، نظرا لأن هناك معالجة خاطئة من مؤسسات الدولة للعمليات التى تحدث على الأرض وطرق التأمين المتبعة. وأضاف حمدان، أن ردود أفعال الدولة تجاه الأحداث الإرهابية تؤكد عجزها عن المواجهة وضعفها فى تدارك الأمر فالتقصير فى علاج الحالات الارهابية ومحاولة إلصاق التهمة بالمعارضين أو الخصوم السياسيين, من شأنه أن يبعد الأجهزة عن الفاعل الأصلى مما يدفعه لتكرار الأمر مرة أخرى .