قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت عبد الله الشايجي إن مخاوف العرب بشأن الاتفاق النووي, الذي وقعته إيران والقوى الكبرى, تكمن في الأمر غير المعلن في هذا الاتفاق، حيث ستتحول إيران, التي يعاد تأهيلها, إلى دولة محورية مهمة قادرة على تنفيذ مشروعها التوسعي في المنطقة، وهو ما أشار إليه بعض المسئولين الإيرانيين بتأكيدهم أن الاتفاق يفتح آفاقا جديدة أمام بلادهم. وأضاف الشايجي في تصريحات ل"الجزيرة" أن إيران لن تغير استراتيجيتها التوسعية في المنطقة بعد هذا الاتفاق, واستشهد في هذا السياق بما ورد في خطاب مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي, الذي صرح السبت 18 يوليو بأن بلاده "لن تتخلى عن دعم أصدقائها في المنطقة، والشعبين المضطهدين في فلسطين واليمن، والشعبين والحكومتين في سوريا والعراق، والشعب المضطهد في البحرين". وتابع " التقارب الأمريكي الإيراني هو إفلاس للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، مما يحتم على العرب ودول الخليج خصوصا عدم الرهان على الطرف الأمريكي، وأن يعولوا على أنفسهم"، داعيا إلى برنامج نووي خليجي, وتعاون خليجي. وتساءل الشايجي: لماذا ترسل الولاياتالمتحدة وزير دفاعها آشتون كارتر ووزير خارجيتها جون كيري إلى المنطقة لطمأنة العرب إذا كانت متأكدة بأن الاتفاق يخدم مصلحة العرب؟". وكان البيت الأبيض أعلن أن الإدارة الأمريكية قررت إيفاد وزير الدفاع آشتون كارتر الأحد 19 يوليو في جولة شرق أوسطية لطمأنة دول المنطقة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وستشمل الزيارة إسرائيل والسعودية والأردن. كما سيزور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المنطقة في أغسطس القادم. وأعلنت إيران والقوى الكبرى في 14 يوليو التوصل إلى اتفاق في فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني, بعد أكثر من عشر سنوات من المفاوضات المتقطعة. وعقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني مؤتمرا صحفيا في فيينا ، أعلنا فيه رسميا التوصل إلى الاتفاق بعد جلسة مغلقة لوزراء خارجية إيران والدول الست (الولاياتالمتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين، وألمانيا). وقالت ممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن الاتفاق يضمن أن يكون البرنامج النووي الإيراني سلميا بشكل كامل، وإخضاع كل البرامج المستقبلية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما سيؤدي الاتفاق إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران فيما يتعلق بالبرنامج النووي وقطاعات الطاقة والمالية. ووصفت موغيريني الاتفاق ب"التاريخي", وأوضحت أن هذا الاتفاق الذي يتألف من نص رئيسي وخمسة ملاحق فنية بشأن الملف النووي والعقوبات وتطبيق الاتفاق- سيقدم إلى مجلس الأمن الدولي للتصديق عليه. وذكرت قناة "الجزيرة" أنه بحسب نص الاتفاق، تلتزم إيران بالحد من أنشطتها النووية لأكثر من عشر سنوات مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها من قبل الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. ووافقت طهران -بحسب الاتفاق- على آلية تسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى المواقع النووية المشتبه بها في إيران خلال 24 يوما، وستسمح طهران أيضا بدخول المفتشين الدوليين إلى موقع بارشين العسكري. ويقضي الاتفاق بالعودة السريعة لفرض العقوبات على إيران خلال 65 يوما، إذا لم تلتزم بتنفيذ تعهداتها. وبحسب نص الاتفاق، ستتمكن إيران من مواصلة تخصيب اليورانيوم، والاستمرار في أبحاث وتطوير أجهزة الطرد المركزي "بما لا يسمح بتراكم اليورانيوم المخصب". وستقتصر أنشطة البحث والتطوير الإيرانية على أجهزة الطرد المركزي (آي أر 4، وآي أر 5، وآي أر 6، وآي أر 8)، وذلك لمدة عشر سنوات، "وبما يتفق مع خطتها لأنشطة البحث والتطوير الخاصة بالتخصيب". وينص الاتفاق على استمرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأممالمتحدة على إيران خمس سنوات، بينما سيستمر الحظر على الصواريخ ثماني سنوات. وقال مراسل "الجزيرة" عيسى الطيبي من فيينا إن الاتفاق يسمح لإيران ببيع إنتاجها من اليورانيوم ومنتجات معمل آراك التي تعمل بالماء الثقيل، وهو ما يجعلها عضوا في نادي الدول التي تتاجر في المنتجات النووية لأغراض سلمية. وأضاف أن الاتفاق يسمح لإيران بالإبقاء على كل مواقعها النووية ولا يجيز تفكيكها، وهو ما عُدّ تراجعا عما طالبت به بعض الدول الكبرى أثناء المفاوضات. وبدورها, ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن "العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة من الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة سترفع عندما يبدأ تطبيق الاتفاق، والحظر والقيود المفروضة على التعاون الاقتصادي مع إيران سترفع في جميع المجالات بما في ذلك الاستثمار في النفط والغاز". وأضافت أنه سيجري الإفراج عن مليارات الدولارات من أرصدة إيران المجمدة، كما سيرفع الحظر المفروض على الطيران الإيراني منذ ثلاثة عقود، والحظر المفروض على البنك المركزي الإيراني وشركة النفط الوطنية الإيرانية وخطوط الملاحة الإيرانية والكثير من المؤسسات الأخرى والأشخاص. وأشارت إلى أن "حظر شراء بعض التقنيات والآلات ذات الاستخدام المزدوج سينتهي، ويمكن لإيران أن تحصل على ما تحتاجه من خلال مفوضية مشتركة بينها وبين مجموعة الدول الست".