كانت نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية والمفاجئة الكبيرة التي حققتها حركة المقاومة الفلسطينية حماس بحصد 76 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 132 مقعدا محور اهتمام كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الولاياتالمتحدة هذا الأسبوع، الأمر الذي دفع بتغطيات متنوعة تحمل دلالات متباينة لنظرة الشارع الأمريكي وساسة واشنطن. * شريك سياسي غير مقبول! على شاشة شبكة CNN أجرى وولف بيلتزر مقابلة مع بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، الذي اعتبر أن فوز حماس بالانتخابات الفلسطينية انتكاسة كبير ة لعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقال إن حماس سوف تسير على خطى النظام الإيراني. نتانياهو أشار غير مرة في هذه المقابلة إلى أن على إسرائيل أن تواصل العمل على مواجهة الإرهاب المتمثل ب"حماس". وبدا واضحا أن الشبكة تعرض لوجهة نظر إسرائيلية متمثلة برفض هذا الشريك السياسي، وزعم نتانياهو في المقابلة أن إيران تقوم لسنوات بتمويل ودعم حركة حماس، الأمر الذي من شأنه أن يجعل وجودها في السلطة وتشكيلها للحكومة أمرا يدعو إلى الحذر. وكجزء من التحريض، دعا نتنياهو عبرCNN إلى ثورة داخلية شاملة في حماس وتعديل ميثاقها. المقابلة التي انضم لها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ركزت على ضرورة قبول حماس التفاوض لقيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية، والاعتراف بحق إسرائيل الوجود كدولة في حدود 1967. * فوز "خدماتي" لا سياسي! على أثير إذاعة "إن بي أر"، كان ثمة رأي آخر يبحث عن أسباب فوز حماس جماهيريا، وأرجعت الإذاعة السبب إلى الخدمات الاجتماعية التي تقدمها لمواطنيها وليس بسبب رؤيتها وأجندتها الخارجية. وتوقعت الإذاعة أن تبدي حماس مرونة أكبر في التعامل مع إسرائيل، التي يمثل صعود حماس بالنسبة لها تحديا كبيرا. أما إدوار ووكر رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن والسفير الأميركي السابق لدى إسرائيل ومساعد سابق لوزير الخارجية الأمريكية، فأرجع فوز حماس إلى الفساد الذي استشرى في حركة فتح. متوقعا أن تستمر حماس في إعلان الهدنة مع إسرائيل، ومثيرا لسؤال غاب عن أذهان الجميع في نفس الوقت وهو كيف ستتعامل حماس مع حركة الجهاد الإسلامي؟! * توقعات بتغير شكل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولم يتوقع أكثر المحللين الأمريكيين تشاؤما الفوز الكبير الذي حققته حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، إذ أصبح التساؤل يتمحور حول مصير مستقبل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية. ويعتقد هؤلاء بأن الفرصة أمام إسرائيل والولاياتالمتحدة للتفاوض حول اتفاقية السلام مع سلطة فلسطينية وطنية علمانية معتدلة في طريقها نحو الاختفاء بحسب تحليلات لصحف الأمريكية. ورغم دعوة الرئيس الأمريكي للرئيس الفلسطيني محمود عباس للبقاء في منصبه وتكريره للرغبة الأمريكية في التعامل معه من أجل إيجاد دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل. والتساؤل الهام في واشنطن الآن ينصب على دراسة خطأ عدم استغلال وجود حكومة فلسطينية معتدلة علمانية بقيادة منظمة فتح للإسراع بعملية التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما أدى في النهاية لضرورة البحث في كيفية التعامل مع حكومة فلسطينية إسلامية بزعامة منظمة حماس. * هل يمكن دمج حماس في العملية السياسية؟ تحليلات الصحف الأمريكية ذهبت أبعد من ذلك في هذا الشأن، حيث احتوت القائمة الانتخابية لحماس علي العديد من النساء، والنصارى، ومرشحين آخرين مستقلين غير معنيين بفرض دولة إسلامية أو تجديد أعمال المقاومة العنيفة. وبينما يظهر من بيانات قادة حماس المتضاربة الصراع القائم داخل المنظمة حول تعريف علاقاتها بالسلطة الفلسطينية وإسرائيل، نجد أنها توضح بلا شك رغبة المنظمة في نيل الشرعية والاعتراف بها من قبل الغرب عموما والولاياتالمتحدة بصورة خاصة. يعتقد هؤلاء أن السلطة فقدت القدرة الحقيقية على الحد من النفوذ المتزايد لحماس أو إجبارها علي نزع سلاحها، بدليل نتائج الانتخابات. عباس بحسب الرؤية الأمريكية تلك يأمل في التمكن من نزع سلاح المنظمة بمجرد اندماجها في المنظومة السياسية, من خلال تحفيزها على القيام بدور سياسي أكثر فاعلية من دور المقاومة المسلحة. * موقف الولاياتالمتحدةالولاياتالمتحدة تقر صراحة أن حماس لا يمكن استبعادها من صفوف السياسية الفلسطينية، خاصة بعدما فازت بأغلبية كبيرة في الانتخابات التي جرت بهدوء وفي جو سلمي وحر طبقا لشهادات مراقبين دوليين على رأسهم الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، لكنها تأمل بأن تعدل حماس ميثاقها بعد الانتخابات لتعترف بحق إسرائيل في الوجود وتسلم أسلحتها. وفي ظل المشكلات والتعقيدات التي تواجه الولاياتالمتحدة في المنطقة وفي الداخل الأمريكي، قد تتراجع الولاياتالمتحدة عن موقفها بالكامل الرافض للحوار أو التعامل مع حكومة فلسطينية بقيادة حماس. المصدر : العصر