(فتاتي الحبيبة إذا جاءك من ترضين دينه وخلقه إجمالا ومن يؤدي عمله المهني بكفاءة ونجاح ويستطيع تحمل تكاليف ومسئوليات الزواج ويتكافئ معك و أسرتك اجتماعيا وافقي فورا خاصة إذا شعرت بميل إليه وتعاطف معه ولاتضيعي فرصك في السعادة والحياة وبعد الزواج افتحي له قلبك وكلك إصرار علي أن ينجح هذا الزواج وتبنين معه صرح العائلة الرائع ) أستاذة ايمان أكتب إليك هنا لعدم اتساع المقام علي الموقع .. نتعلم منك كثيرا ، ومن خبرتك الكبيرة بالحياة ، استوقفني المقطع الأخير من نصيحتك للفتاة في المرة السابقة ربما تكوني محقة في هذه الحالة تحديدا ، لكن أرجو ألا يكون هذا هو الخط العريض . فمن ذا الذي فيه كل هذه المواصفات ؟ ومن في مصر فيه كل هذه المواصفات ( الفوق مثالية ) تعلمي سيدتي أن دفع الشباب لعدم الزواج ووضع العقبات في طريقهم عملية مقصودة وممنهجه . ولقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) وبني الفعل للمجهول ليشمل كل من يستطيع المساعدة في تحقيق ذلك . ثم إن عندنا بمصر أصنام اجتماعية كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان ، تقف عقبة كبيرة أمام من يريد العفة والطهارة وتدفعه دفعا للحرام ، أو إلي الاكتئاب والأنزواء والعنت . لماذا لا يتحول الزواج إلي صورة سهلة وبسيطة ؟ لايحمل التعقيد والأهوال والصعاب التي يلقاها الشباب في طريقه ؟ لماذا نضع كل تلك الحواجز والعقبات ؟ دين المرء وخلقه هو الضمانة الوحيدة للحياة الطيبة ، وكل شئ بعد ذلك سهل وسيأتي أو لا يأتي . ثم إن كلمة تكاليف ومسئوليات الزواج ، كلمة فضفاضة ليس لها أي سقف ، فعلي عهد النبي صلي الله عليه وسلم كانت الفتاة تقبل خاتم من حديد أو سور من القرآن . انظري سيدتي إلي عدد العوانس في مصر يتجاوز ال15 مليون شاب وفتاة فوق 35 سنة ، وهي قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة ، مثلما حدث في غيرنا من البلاد من شيوع الانحراف الجنسي . يجب أن تكون الكتابات في اتجاه التيسير بكل السبل ، وهدم كل الأصنام الاجتماعية التي تقف حائلا دون الزواج ، الزواج احتياج فطري لا يمكن تأجيله . استمعي إلي الفتيات في كل الأعمار ومن مختلف الاتجاهات ، ستجدينها تتغالي في طلباتها هي و أهلها ، ولن يستطيع شاب في مقتبل العمر الوفاء بتلك الطلبات في ظل أزمات اقتصادية طاحنة ولن يصبح أمامه إلا سبيلين إما الحرام أو الكبت والعنت . هذه مشكلة أعمق كثيرا مما يخيل إلينا و لم يقف لها رجالا يهدمون أصنامها ، ويزللون عقباتها ، ثم يأتي تنازل الأهل تدريجيا بعد قلة الطلب علي البضاعة المعروضة وهذه جاهلية ما أنزل الله بها من سلطان ولاتليق بكرامة الإنسان الذي يجب أن نحترم أشواقه ورغباته الفطرية دون كل هذا العذاب الذي يواجه الشباب الباحث عن الحلال . أشكرك علي وقتك وفي رعاية الله أحمد طه . الرد المشكلة فعلا عميقة وتحتاج حلولا كثيرة غير تقليدية ولكن ليس من بينها الزواج المجاني وإهدار حقوق الفتاة ، الزواج يحتاج بيتا مجهزا ومصاريف كثيرة وتفاصيل يومية مكلفة ولذلك فهو مرهون بالاستطاعة وهي ما قصده رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله ( من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) يحدث أحيانا أن يندفع الشاب والفتاه إلي الزواج تحت وطأة العاطفة أو عدم تقدير العواقب ويتم الزواج دون توافر الحد الأدني للحياة الكريمة والنتيجة دائما مؤسفة ، الزواج ليس عاطفة واحتياج فطري بين رجل وامرأة فحسب بل هو مؤسسة اجتماعية متكاملة يتم من خلالها رعاية الأبناء وتقديمهم مواطنين صالحين للمجتمع وهذا يتطلب توافر جانب اقتصادي وجانب اجتماعي في تلك المؤسسة ولا يمكن الاقتصار علي الجانب العاطفي . من الحلول الممكنة بالطبع كما أشرت في رسالتك ، عدم المغالاة في المطالب المادية من الفتاه و أهلها وتقديمهم المساعدة قدر الإمكان ما دام الشاب طيبا ومناسبا والحقيقة أن الكثير من أهل البنات الطيبين يفعلون ذلك . أما مشكلة المسكن المناسب فهي تقع علي عاتق الدولة بشكل أساسي ونحن متفائلون بصعود التيار الإسلامي وليكن تيسير الزواج هدفا أساسيا في برنامجهم وخاصة توفير شقة بأسعار ملائمة للشباب حديثي الزواج . و نقطة أخري طرحتها أنت بقولك أن هذه المشكلة لم تجد رجالا يتصدون لحلها فأين مساهمة رجال الأعمال في التخفيف عن كاهل الشباب بتقديم تسهيلات في الأثاث والأجهزة للمقبلين علي الزواج . أما تقدير الحد المناسب من التكاليف والتجهيزات فهذا يختلف من طبقة إلي أخري ومن عائلة لعائلة والمعروف شرعا وعرفا أن للفتاه ( مهر المثل ) وهو ما يمكن القياس عليه في باقي التجهيزات وكلما تساهلت الفتاة و أهلها وتجاوزت عن بعض المطالب كلما رزقها الله السعادة والتوفيق في حياتها وخاصة لو كان الشاب علي خلق ودين وهي مقتنعة به . ما نراه في الواقع أن هناك زيجات كثيرة تتم بالحد الأدني وبفضل الله وحده تتم فيها ما يشبه المعجزات من شدة التيسير وذلك بسبب نية الشاب الحسنة واجتهاده في طلب العفاف ، تحقيقا لقول الشاعر : وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا يعني لو ظل الشاب يتحسر وهو مكتوف الأيدي ويتحدث عن ضعف الإمكانيات ويستسلم لفكرة أن الزواج بالنسبة له مستحيل لن يتزوج ، فلابد من السعي في كل اتجاه وفي نفس الوقت ، في اتجاه البحث عن بنت الحلال التي توافقه وترضي بظروفه وتعينه هي و أهلها ، و في اتجاه العمل علي تحسين ظروفه المادية والبحث عن مسكن مناسب ، وفي اتجاه التركيز في عمله والتفوق فيه وأولا و أخيرا الدعاء لله والإلحاح في أن يرزقه المولي عز و جل بالزوجة الصالحة . ولكني أؤكد أن كثير من الشباب الذي تأخر في الزواج من الجنسين مشكلته ليست مادية ولكن هناك أسباب أخري أهمها الانشغال بالتعليم والعمل ونضج الشخصية أكثر مما يجب مما يجعل التوافق مع زوج المستقبل صعبا وخاصة بالنسبة للبنات ، ومنها أيضا انتشار العلاقات الحرة بين الجنسين قبل الزواج وهذا يؤدي من ناحية إلي العزوف عن الزواج بتكاليفه وقيوده ومن ناحية أخري فقدان الثقة في الجنس الآخر وخاصة بالنسبة للشباب ، فالشاب الذي خاض مغامرات عاطفية قبل الزواج يجد صعوبة في الثقة بالفتيات . من أسباب التأخر أيضا انتشار الشخصية الاعتمادية التي تشعر بالأمان في ظل ( بابا وماما ) وتهاب الانفصال عنهم والاستقلال ببيت جديد ، بل إن من معوقات الزواج أيضا انتشار الطلاق وسرعته بين الشباب ( وصلت النسبة إلي 60% في السنة الأولي ). الزواج هو ترمومتر المجتمع ونجاحه وسهولته واستقراره تدل علي عافية المجتمع وازدهاره أما صعوبته وكثرة مشاكله وعقباته فهي تدل علي انتشار الفساد والخلل في المجتمع ، نتمني أن نبني مجتمعا صالحا نشهد فيه ازدهارا للزواج . [email protected]