انتشرت ظاهرة زواج الفتيات المتعلمات من أثرياء غير متعلمين وربما أميين أيضا في مصر مؤخرا وذلك للهروب من شبح العنوسة والفقر بعد أن انتشرت البطالة بين الشباب المتعلم. وكشفت وزارة العدل المصرية في أحدث إحصائية لها عن زواج 200 ألف فتاة مصرية من أثرياء مصريين أو عرب أوأجانب كبار السن من غير المتعلمين ، مما يوضح الاتجاه إلى تفضيل "الزوج الجاهز" الذي يستطيع تأثيث منزل الزوجية الفخم كما تحلم وتتمنى الفتاة ويغرقها في الهدايا والمجوهرات والملابس الفاخرة ، إلا أن أغلب هذه الزيجات بحسب الإحصائيات انتهت بالطلاق. من جانبها ، ترجع درية عبد الرازق أستاذ علم الاجتماع ظاهرة زواج المتعلمات من أميين إلى تغير نمط الحياة في مصر حيث "أصبح الزواج من ثرى حتى ولو كان غير متعلم هو الوسيلة الوحيدة للهروب من الفقر والعنوسة". وتضيف قائلة : إن الزواج أصبح مشكلة مادية بحتة نتيجة التغيرات الحادة التي طرأت على تفكير أغلب الناس ونظام الحياة بشكل عام ، ولم تعد الفتاة نفسها اليوم تحلم بالفارس الذي يحملها على الحصان الأبيض ولم تعد تهتم بقوة شخصية وثقافة الرجل وإنما أصبح كل اهتمامها منصبا على مدى قدرته المالية التي تمكنه من تلبية كل طلباتها". وأكد د.إبراهيم العيسوي أستاذ الاقتصاد أن البطالة "تلعب دورا مهما في انتشار هذه الظاهرة ، فانحسار الوظائف وفرص العمل أمام الشباب أصبح هاجسا يؤرق كل طالب عمل وكذلك محدودية الفرص الوظيفية المتاحة للنساء ، وإذا وجد الشاب عملا فإنه يتعذر عليه العثور على مسكن ليتزوج فيه وهكذا يمتنع عن الزواج ما دام غير قادر ماديا". وكشفت دراسة رسمية أعدها الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع نسبة غير المتزوجين بين الشباب المصري إلى37% ، مشيرة إلى أن عدد الشبان والشابات الذين تجاوزوا الخامسة والثلاثين من العمر دون زواج وصل إلى أكثر من 9 ملايين نسمة ، من بينهم 3 ملايين و773 فتاة وقرابة 6 ملايين شاب ، وذلك من إجمالي تعداد السكان البالغ نحو 75 مليونا. كما أكدت الدراسة أن عدد المطلقين والمطلقات بلغ 364 ألفا و361 مصريا ومصرية. وأوضح خبراء الجهاز أن هذه الأرقام ترجمة فعلية ل`"ظاهرة خطيرة" بدأ يعاني منها المجتمع المصري لاسيما في السنوات الأخيرة وهي "ظاهرة العنوسة" التي تسود بين فئات الطبقة الوسطى محملين الفتيات والأسرة المسئولية عن تفاقم تلك الظاهرة بسبب تغير مفاهيمهم عن الزواج من خلال المغالاة في المهور وتكاليف الزواج مما جعل الشاب يقف عاجزا عن توفير الحد الأدنى لمتطلبات الفتاة وأسرتها. أما وزارة الشئون الاجتماعية المصرية فقد أعلنت بدورها أن 255 ألف طالب وطالبة يمثلون نسبة 17% من طلبة الجامعات قد اختاروا الزواج العرفي ويتخذونه وسيلة للهروب من أي التزامات مادية ليصبح فقط وسيلة لتلبية الاحتياجات العاطفية. وبدوره يقول الشيخ عبد الحفيظ المسلمي إمام مسجد الفتح بميدان رمسيس في وسط القاهرة ، ومدير مكتب تيسير الزواج التابع لجمعية عماد الإسلام ، إن "الدعاة لابد وأن يسخروا جهودهم لإرشاد الأسرة إلى أن ترضى بمن هو على خلق ودين..مع تخفيف المهور واشتراط الكفاءة لا القبلية وعدم الترتيب بين البنات والعمل على حل أزمة السكن والمساعدة على إيجاد فرصة عمل". ويري الخبراء في مصر أن المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية يمكن أن تجند طاقاتها وجهودها لمواجهة تفشي هذه الظاهرة وإعادة الاعتبار إلى شكل الزواج بوصفه رباطا أسريا وليس علاقة تجارية وذلك من خلال تنظيم الندوات والمحاضرات الدورية للتوعية بالمفهوم الصحيح للزواج ولمحاربة العادات والتقاليد التي عفا عليها الزمن . (د ب أ)