أيهما أصدق المفكر البارز أحد رواد التجديد في الفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا؛أم المرشح للرئاسة - الذي كان محتملا قبل شهور - محمد سليم العوا؟! مناسبة هذه الحيرة وذلك الارتباك عندي وعند الملايين من متابعيه توالي مايصدمنا فيه بمواقفه التي أقل ماتوصف به أنها تثير الحسرة على مفكر فذ تكاد أن تسلبه منا السياسة ودهاليزها. تعلمت منه – أعني العوا المفكر – ألا أحكم على النوايا؛لذلك سأنحيها جانبا ولن أخوض فيما يخوض فيه الملايين؛وأظن- وبعض الظن ليس إثما – أنهم ليسوا كلهم خاطئون؛سأعرض عن هذا وأكتفي بمواقف وآراء علنية للمرشح الذي كان منذ شهور(محتملا)؛ولن أتوقف عند آراء كثيرين يرون مواقفه في الفترة الأخيرة (لاتطاق)! خذ موقفه الأخير ورأيه القاطع بأن ( تأجيل الانتخابات البرلمانية القادمة هو جريمة تحت أي مسمى) و أن (هذا النيل من الأسماء والأشخاص غير جائز شرعا). وكلامه الأخير بالتأكيد حق؛لكن ماذا عن النيل قتلا وسحلا وتجريحا ؛بل ومن أجساد بني آدم الذي كرمه الله؛أيها المرشح – الذي كان محتملا -؟ انظر رأيه من أن المطالبة بحق شهداء الثورة وشهودها من الأحياء المصابين ؛ليست أولوية الآن!!! وضع أيها القارئ الكريم ما شئت من علامات التعجب ولك ما تستطيع من الاستغراب أن يتشارك المفكر الكبير في موقفه هذا مع بعض الذين واجههم بكتبه ومؤلفاته من جماعات كانت تتبنى وفعلت ونفذت ما استحلت به دماء أبرياء كثر طوال سنوات مضت!! الرجل الذي رسخت كتبه ومحاضراته وحواراته عبر عقود من المتابعة والإعجاب - حد الانبهار أحيانا - ما أحسبه يرقى إلى مرتبة (المعلوم من الدين بالضرورة) من القيم الإنسانية العظيمة لإسلامنا الجميل؛فقد ملأ مؤلفاته سطورا وبحت حنجرته أقوالا وصيحات تنبيه وهو يذكرنا دائما بما قاله رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)؛ولك أن تطالع قراءة واستماعا ومشاهدة ؛واستمتاعا أيضا كيف كان يسوق الأدلة والشواهد والأحداث التي تؤكد ذلك؛حين يذكرنا بما رواه ابنُ عمر حين نظر يومًا إلى الكعبة، فقال: (ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك) ذكرنا كثيرا وطويلا- عندما كان مفكرا كبيرا - بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا)؛وشرح كثيرا في قيم ديننا المستوحاة من الحديث الشريف لنبي الرحمة ورسول الإنسانية ؛القائل: : (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن؛ لأكبهم الله في النار). ناهيك عن استشهادات مضيئة واقتباسات ذكية له من آيات الله الرحمن الرحيم في قرآنه الكريم؛دستورنا الخالد الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه. ثم صدمني - المرشح الذي كان محتملا - ؛حين رأيته يخطب في ميدان التحرير يوم الجمعة قبل الماضي موليا وجهه شطر من يبحث عن تأييدهم ح وفي خلفية المشهد ووراء ظهره خيام أسر الشهداء والجرحى والمكلومين وصانعي الثورة الحقيقيين ؛فيعدد المطالب التي احتشد لها ملايين من الذين أتوا للتحرير؛والذين لم يتمكنوا فكانوا هناك في محافظات مصر على امتدادها؛لكنه يبخل بكلمتين يطالب فيهما بحق أسر الشهداء والجرحى. صدمني أكثر وأكثر؛حين لم أجد فارقا كبيرا بين(انقلابه) السريع على نفسه بين عشية وضحاها في موقفه من المجلس العسكري؛وتعجبت كيف استطاع ابن السبعين(عاما)أن يعدو بهذه الخفة وتلك المرونة من ميدان التحرير – قلب مصر النابض - إلى (أطراف صحراء القاهرة)التجمع الخامس؟! هل ثمة فارق سرعات كبير بين المرشح – الذي كان محتملا – وبين من جاءوا بهم من محافظات مصر إلى العباسية على بعد خطوات من المستشفى الشهير؟! لقد تعلمنا كثيرا من الدكتور العوا – المفكر السابق – ومن قبله تعلمنا أن الحق لايعرف بالرجال ؛ولكن الرجال يعرفون بالحق.