هذا الشد والجذب بين القوى الثورية ومجلس العسكريين حول اختيار رئيس لمجلس الوزراء يذكرني بما حدث قبل ثماني سنوات حين تجشأ برعي ابن خالتي كايداهم وقال بحسرة ظاهرة وكنا في ليلة من ليالي عام 2003: يا عيني على تركيا !! ، لم يبق أحد من الأتراك إلا وقد عرض عليه الرئيس سليمان ديميريل رياسة الوزارة فأبى إباءً صريحاً أو فشل فشلاً كسيحاً . قلت لبرعي وأنا أحاوره : طيب وأنت مالك ، بلد ما فيهاش كفاءات . . قال برعي : ولم لا تقول إن فيها أناساً يحترمون المناصب العامة . فلا يضع أحدهم نفسه في موضع لا يرضاه لنفسه لأنه يحس أنه غير كفء له . إنني أعرف على الأقل عشرات المشتاقين في بلدنا يتحسرون الآن لأنهم ليسوا أتراكاً . ففاتهم فرصة تأليف الوزارة في حين أنهم يتوقون ويتحرقون شوقاً إلى مجرد كرسي وزارة . فهذا رئيس جامعة يصطنع التدين الزائف يبكي ويشهق ويزفر في التليفزيون والإذاعة ليل نهار سعياً وراء كرسي وزارة . . حتى ولو كانت وزارة الثقافة ، وذاك رئيس هيئة عامة يقيم المعرض تلو المعرض ، ويضع اسمه على كل كتاب وصحيفة ومجلة وورقة لحمة ويستضيف كل من يأنس فيهم قرباً من صناعة القرار عسى أن يتخذوه وزيراً ولو للأوقاف . . وتلك سيدة عاشت سنين طوالاً تطرز القوانين تلو القوانين ، وتفصل القرار تلو القرار عسى أن يتخذوها وزيرة ولو للري فما أفلحت . وهذا صحفي عديم الموهبة يمسح الجوخ آناء الليل وأطراف النهار عسى أن يصبح " هيكلاً " جديداً دون جدوى . . . قلت لبرعي بن خالتي : كفى . . كفى . . فإنك متشائم . . إن حكومتنا ناصحة وعينيها في نص رأسها وهي لا تأبه لأولئك المستوزرين ولكنها تتسلى بهم وهم يمسون ويصبحون أسرى لذلك الوهم الجميل : وهم الوزارات . . وهي تقضي بهم ما تشاء من حاجات . . حتى إذا شبعت منهم لحماً ألقت بهم عظماً على أرصفة التاريخ . فقال برعي : تفتكر ؟!! قلت : نعم . . قال : كلا . . فأمثال هؤلاء أعز على الحكومة من أن تستغني عنهم ، فإنها تتقي بهم سخط الشعب ، فهي عنهم راضية ، وبهم مبتهجة . . استمر الجدل بيني وبين برعي حتى فوجئنا بالمذيع الشيك يظهر على الشاشة معلناً أن الرئيس ديميريل عثر على عبده مشتاق ( من أصل مصري ) قبل تأليف الوزارة !! فحمدنا الله على الستر !! أعيدوا لنا بهاء القاهرة : ثارت منذ سنوات معركة بين العلم والفساد ، دافع بعض علماء الآثار الإسلامية الكبار وعلى رأسهم الدكتور عبد الله كامل رئيس قطاع الآثار الإسلامية عن هذه الأرض الطيبة ، وتصدَّوا لمستثمر مدعوم رئاسيا ووزاريا وأمنيا ، أراد أن ينشئ فندقا في مقابل قلعة صلاح الدين الأيوبي بمصر المحروسة ، وأُطيح بالعلماء المعترضين وانتصرت الثروة على العلم والفساد على الوطنية ، وسقط تاريخنا تحت أقدام صبية الهانم . وارتفعت أعمدة الخرسانة المسلحة وماتزال شاهدة على عصر بلغ فيه الفساد الحلقوم . المطلوب الآن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومن النائب العام ومن رئيس الوزراء ، أن يسارعوا إلى وقف أعمال بناء هذا الفندق الذي ستؤدي مياه الصرف الناجمة عنه مستقبلا إلى تدمير القلعة كما قال المتخصصون . لقد سارت خطة حكومة نظيف العميلة ومن قبلها شيخه في الفساد وقدوته عاطف عبيد على تدمير كل رمز مصري لمصلحة الصهيونية المتغلغلة في النظام السابق . بيعت عشرات العمارات التاريخية في القاهرةالاسماعيلية ( وسط البلد ) بأرقام فلكية لسميح ساويرس ومعه شركاء قيل إنهم يهود . ويتوقع كثيرون إزالة تلك العمارات قريبا وتحويلها لأبراج سكنية قميئة لا جمال فيها . واشتكى الصهاينة من انتصاب تمثال رمسيس الثاني ، فخلعوه من ميدان المحطة الذي عُرِفَ به ، وأودعوه مخزنا بالجيزة بلا أي تفسير لما يفعلون !!! وأزالوا محطة كوبري الليمون التاريخية الفخمة المعمار ، بجرة قلم وأقاموا مكانها جراجا متعدد الطوابق بعشرين مليونا ، وقبل تشغيله أزالوه بلا أي تفسير لما يفعلون !!! وأرادوا إزالة مستشفى المواساة بالاسكندرية ... وأرادوا إزالة مبنى الإسعاف بوسط القاهرة .. وأرادوا إزالة مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية .... بلا أي تفسير لما يفعلون !!! سلامة العجلة : عجزت الحكومات المتتالية من 11فبراير حتى اليوم في تحديد حد أدنى وحد أقصى للأجور ، وهو أول مطلب لقوى الشعب التي تعاني الفقر والجهل والمرض بسبب تردي دخولها ، ومع ذلك تعجب حين تثور طائفة مهضومة الحقوق ويقال لها بصفاقة : رفقا بعجلة الإنتاج !!! الدكتور جمال زهران أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، وعضو مجلس الشعب عن دائرة شرق شبرا الخيمة والذي أسقطوه عمدا في انتخابات 2010 أثار في مجلس الشعب قضية أسماها – بلغته الرقيقة – ( تفاوت الأجور ) ولكني أسميها ( بلغتي الخشنة) " فُجُور الأجور " فقد كشف الدكتور زهران أن هناك من يصل راتبه إلى 500 ألف جنيه، وهناك من يصل راتبه إلى 700 ألف ، وإن أفقر رئيس جامعة وهو من غير المحظوظين بالطبع يصل راتبه إلى 50 ألف جنيه في الشهر الواحد، وهناك نحو 10 قيادات بوزارة الإعلام يتقاضون راتبًا شهريًا يصل إلى 10 ملايين جنيه، كما يصل راتب قيادات وزارة الإسكان إلى 50 ألف جنيه في الشهر، بخلاف حالات الفساد وإهدار أموال الشعب المصري داخل البنوك -والكلام ما زال للدكتور جمال زهران- بينما يصل راتب مدير البنك في الشهر الواحد إلى 200 ألف جنيه، في حين أن هناك قراراً وزارياً صدر عن الدكتور أحمد [نظيف] [ !!!] بألا يتعدى الحد الأقصى للأجر 54 ألف جنيه في العام – وليس في الشهر- نصف مليون جنيه أو ثلثا مليون أو مليون يتقاضاه شخص واحد – مهما تكن وظيفته- كل شهر ، و مئات المصريين يقتل بعضهم بعضا في طوابير الخبز ، وعشرات الآلاف لا يجدون مياه الشرب ، وسامح فهمي –حبيب الصهاينة- وزير بترول مبارك ينشئ أربعة أندية رياضية ( إنبي- بتروجيت [ في الدوري الممتاز]-و جاسكو- بترول أسيوط [ في الدوري الثاني الذي كان يتأهل للممتاز] ) تستنزف أموال مرضى الكبد والكُلى وضحايا الرغيف ، فنادي إنبي وحده أنفق 15( خمسة عشر مليون جنيه تكفي لإنقاذ ألف نفس من الموت) لشراء لاعبين[ وليد سليمان ومحمد شعبان وعمرو الحلواني ومحمد أبو العلا وعبد الظاهر السقا) . وأنفق نادي بتروجيت أكثر من عشرة ملايين للغرض نفسه . نصف مليون جنيه أو ثلثا مليون أو مليون يتقاضاه شخص واحد – مهما تكن وظيفته- كل شهر ، و عشرات آلاف المصريين لا يجدون وسيلة انتقال مريحة بين المحافظات ، فالقطارات قاتلة ، والباصات سيئة ومستغلة ، والطرق منهارة . وفي الحكومة مستشارون يبلغ عددهم – وفق تقديرات د. عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي المحترم- خمسة وأربعين ألف مستشار [ كلهم من أعضاء لجنة الوريث المسماة بلجنة السياسات أو لهم أقارب بها ] يتقاضون مكافآت تتراوح ما بين 12-15مليار جنيه سنويا حيث يبلغ أدنى حد لمكافأة أقل مستشار منهم 10عشرة آلاف جنيه شهريا بخلاف البدلات والمكافآت الأخرى ويتجاوز بعضهم( في البنوك والتليفزيون وغيرها ) مليون جنيه شهريا . كل هذا ثم يظهر من يقول للثائرين : كفوا تظاهركم ، البلد تنهار ، والاقتصاد يضمر ، كفوا تظاهركم واتجهوا للإنتاج !!!! لمن ننتج أيها اللصوص؟ لمن ننتج أيها المزورون ؟ لمن ننتج أيها السارقون أحلام الفقراء ؟؟؟ [email protected]