اصطفاف أبناء الجالية المصرية في باريس أمام لجان الاقتراع للمشاركة في انتخابات «النواب»    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تستقبل المستشار التعليمي التركي وتبحث سبل التعاون الأكاديمي    «المشاط» تترأس اجتماعًا تحضيريًا للجنة «المصرية–الأذرية» المشتركة للتعاون الاقتصادي    «المقاولون العرب» تُتوّج ب 6 جوائز من «ميد» على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    أحمد عبدالوهاب يكتب: حماس وتخزين الأسلحة في الضفة.. تهديد أم فرصة؟    الأهلي يناشد جماهيره لحضور مباراة شبيبة القبائل.. التذاكر لم تنفد بعد    الكامب نو يفتح طريق العودة للمنافسة محليا وأوروبيا أمام برشلونة    إصابة 3 شباب في حادث مروري بنجع حمادي    في عيد ميلادها| قصة أغنية "حبيتك بالصيف" التي تحولت إلى اعتذار رومانسي من عاصي لفيروز    «الدواء المصرية» تحذر من عبوات مجهولة من مستحضر «Entresto» لعضلة القلب    علاج 3652 مريضا فى 3 قوافل طبية لخدمة أهالي برج العرب    إيران والغرب ووكالة الطاقة الذرية.. مواجهة على حافة الغموض النووي    الشناوي: مجموعة الأهلي متوازنة.. وهدفنا لقب دوري الأبطال في 2026    دوري أبطال إفريقيا.. محمد الشناوي: جاهزون لمواجهة شبيبة القبائل ونسعى للفوز باللقب    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    حرام عليكم، مصطفى كامل يفتح النار على أعضاء نقابة المهن الموسيقية لهذا السبب    يوسف شاهين الغائب الحاضر في مهرجان القاهرة السينمائي    تعاون جديد بين هيئة الكتاب ومكتبات مصر العامة لتوسيع إتاحة الإصدارات في القاهرة    اليابان تعيد تشغيل أكبر محطة نووية بالعالم بعد أكثر من عقد على فوكوشيما    أسعار مواد البناء.. سعر الحديد في السوق    جامعة بنها وحياة كريمة ينظمان قوافل طبية وتوعوية بقرية الجلاتمة بمنشأة ناصر    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بين عائلتين بقنا    ضبط 367 قضية مخدرات و229 قطعة سلاح نارى فى حملة موسعة    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    تليجراف: ستارمر على وشك الموافقة على إنشاء سفارة صينية عملاقة جديدة فى لندن    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    وصول حكام مباراة الزمالك وزيسكو إلى القاهرة    إكسترا نيوز من موسكو: العائلات وكبار السن من أبرز مشاهد انتخابات النواب    تعرف على سر سورة الكهف.. وفضل قراءة السورة يوم الجمعة❤️    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" أذكار الجمعة التي تغيّر يومك للأفضل    أسعار الفراخ والبيض اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    "النيابة" تستمع لأقوال المتهمين في واقعة قتل شاب بالدقهلية وإخفاء جثمانه 6 سنوات    حبس شاب 15 يومًا بعد إطلاق نار عقب نتائج انتخابات النواب بالفيوم    تطورات جديدة في ملف تجديد عقود ثنائي الزمالك    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    وفاة القمص توماس كازاناكي كاهن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بالإسماعيلية    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    فرص عمل في شمال القاهرة للكهرباء.. اعرف التفاصيل    مدبولي يكشف مكاسب محطة الضبعة النووية.. مليارات الدولارات سنويًا    موعد وتشكيل الاتحاد المتوقع لمباراة الرياض بالدوري السعودي    الصحة المصرية تعلن خلو البلاد من التراكوما فى ندوة لقيادات الصحة فى الصعيد    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لهذه الأسباب لن أنتخب العوّا رئيسًا
نشر في المصريون يوم 25 - 11 - 2011

رغم انتمائى الفكرى للمدرسة الوسطية التى يعد الدكتور محمد سليم العوّا أحد رموزها وأقطابها، ومع تقديرى الكامل له كقيمة علمية وفكرية مستنيرة.. إلا أنه برأيى ليس المرشح الأفضل لمنصب رئيس الجمهورية، وأنصحه بالتراجع عن قرار الترشح الذى أظن أنه لم يكن عن قناعة ذاتية، ولكن استجابة لضغوط مارسها عليه بعض المقربين لأسباب أو (لأغراض) معينة.
بالطبع هناك حيثيات وأسباب جوهرية شكلت موقفى الرافض لترشح العوّا.. منها على سبيل المثال أن الرجل ليس سياسيًا ولم يمتهن العمل السياسى طوال عمره المديد (على مدى سبعين عاما).. فهو من حيث التصنيف مرجعية فقهية كبيرة ويشغل منصب الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين.
معنى هذا الكلام أن مجرد ترشح الرجل يثير مخاوف الكثيرين من فكرة ولاية الفقيه، فعندما يصل فقيه دينى (وليس رجلا سياسيا) إلى سدة الحكم فى مصر، فعندئذ سنواجه بالنموذج الإيرانى المرفوض، وهو ما لا يمكن قبوله حتى من بين أبناء التيار الوسطى أنفسهم. خطورة الأمر تكمن فى تناقض المرجعية الدينية (المثالية). بالممارسة السياسية (البراجماتية)، فكل قرار أو موقف سيتخذه الرئيس الفقيه سيغلف بالقداسة الدينية وسيروج له باعتباره قرارًا شرعيًا وإسلاميًا، وليس اجتهادًا سياسيًا يصيب ويخطئ ويمكن نقده ومعارضته.. يعزز هذا الانطباع على سبيل المثال الوصف الذى أطلقه العوّا على المطالبين بالدستور أولا أو تأجيل الانتخابات، وهو رأى سياسى فى المقام الأول ب (شياطين الإنس)
والحقيقة أنا مندهش من تأييد حزب الوسط لهذه الخطوة غير المحسوبة التى تتناقض كليًا مع ما يصدره الحزب من أفكار ومبادئ..
أفهم أن يدعم الحزب ترشح شخصية سياسية وسطية مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، أو حتى رئيسه أبو العلا ماضى، وأفهم أن تدعم المرجعيات الفكرية الوسطية مثل القرضاوى وعمارة وهويدى والبشرى- بمن فيهم العوّا- هذا التوجه نحو حشد الجهود لدعم زعيم سياسى وسطى يقود مصر إلى النموذج التركى المأمول.. ولكن أن يرشح أحد هذه المرجعيات نفسه.. فهذا مسلك غير مفهوم وغير مقبول!!
وعلى ذكر النموذج التركى.. لماذا لم نر المفكر فتح الله كولن الأب الروحى والمرجع الفكرى لحزب العدالة والتنمية التركي، يزاحم أردوغان فى العمل السياسى أو ينافس عبد الله جول على الترشح لرئاسة تركيا؟!! ولماذا لم نر راشد الغنوشى فى تونس يرشح نفسه لأى منصب رسمى بعد فوز حزبه فى الانتخابات؟!
هناك أمثلة أخرى فى الجهة المقابلة تؤكد خطأ وكارثية اشتغال الفقيه والمفكر بالسياسة.. ففى السودان مثلا عندما نزل الدكتور حسن الترابى إلى المعترك السياسى أهان نفسه وهان على تلاميذه، وحدث الشقاق والانشقاق وجر البلاد إلى نكبات كان آخرها انفصال الجنوب.
السبب الثانى لرفضى ترشح العوّا، أنه لم يكن معارضا (حقيقيا) لنظام مبارك، صحيح أنه كان ينتقد فى مقالاته وخطبه بعض الأمور العامة أحيانًا، ولكنه لم يتعرض أبدا أو يقترب من رأس النظام.
والدليل على ذلك أن الرجل لم يتعرض لأية مضايقات أو حتى ممارسات خشنة فى عهد مبارك.. بل على العكس كان مسموحًا له الظهور الإعلامى فى كل القنوات دون أية تحفظات، ولم يمنع يوما من الكتابة، وأعطوه ترخيصا لإنشاء جمعية مصر للثقافة والحوار، وتم اختياره عضوًا فى عدد من المجامع العلمية، وغير ذلك العديد من الأمثلة.
وبالمقارنة مع المرشحين الآخرين نجد من بينهم شخصيات معارضة تمرست النضال السياسى منذ عقود، وتصدت لرءوس الفساد والاستبداد غير آبهة بالعواقب (وقالت للغولة عينك حمرا)، فنالها العقاب وتعرضت للأذى صنوفًا وألوانا، فمنهم من ذاق السجن والاعتقال مثل: أبو الفتوح وحمدين صباحى وأيمن نور.. ومنهم من تعرض للتضييق والتنكيل واستبيحت حرماته وسمعته وطالته أبواق النظام بالاتهامات والتشهير، مثل الدكتور البرادعى، الذى حركت عودته قبل عام من الثورة المياه الراكدة فى مصر.. وشكلت أقواله وأفعاله إلهاما للثورة.. ولقد رأينا البرادعى يوم جمعة الغضب موجودا وسط حشود المتظاهرين، وهو يتلقى قنابل الغاز وخراطيم المياه.. فلم يغير كلامه ولم يتزحزح عن مواقفه، وقد ذكرنا ذلك النضال الشريف والنبيل بالراحل الدكتور المسيرى عليه رحمة الله عندما سحله الأمن على سلم نقابة الصحفيين فى إحدى مظاهرات حركة كفاية، فأصابوه بالكدمات والجروح وهو رجل مسن مريض بالسرطان.. فأين كان العوّا حينئذ.. الحقيقة أننا لم نره فى الميدان إلا بعد موقعة الجمل الشهيرة عندما حصحص الحق وطلع الصبح.
السبب الثالث لرفضى ترشح العوّا، أنه برأيى ليس الرجل المناسب ولا هو المرشح التوافقى الذى تنتظره مصر وتحتاجه فى هذا التوقيت، حيث تتسارع الأحداث والتقلبات وتتشابك الصراعات الداخلية مع الحسابات الخارجية.. وهى مرحلة تتطلب شخصية إدارية قوية تتمتع بالحنكة السياسية والخبرة الدولية المؤهلة لقيادة البلاد فى هذه المرحلة المصيرية.
هذه الشخصية يجب قبل كل شىء أن تتمتع بالقبول العام عند الجماعة الوطنية، لا أقول عند كل المصريين (فلم ولن يوجد هذا الرجل الذى يجمع عليه كل الناس).. ولكن على الأقل تقبله غالبية الشرائح والقطاعات والطوائف على اختلافها وبجميع مستوياتها.. دون أن يكون متورطا فى خصومات قديمة أو خلافات حادة سابقة مع أى جهة كانت.. وفى حال العوّا فإن جهات عديدة وقطاعات واسعة لن تتقبل مجرد فكرة ترشحه.. مثل الأقباط والعلمانيين من جهة، والعديد من القوى السياسية والنخب المثقفة من جهة أخرى.. ناهيك عن السلفيين والإخوان.. والأهم من ذلك كله هو رجل الشارع الذى لا يعرفه ولم يسمع عنه من قبل.
السبب الرابع لرفضى ترشح العوّا، هو تبدل المواقف وتناقض الآراء حول قضايا بعينها وأشخاص بذاتهم، قبل الثورة وبعدها، بل وفى أيام الثورة الثمانية عشر. فقبل موقعة الجمل أطلق كلاما وبعدها قال كلاما مغايرا تماما. وبالرجوع إلى الأرشيف الصحفى والفضاء الإلكترونى نجد أمثلة عديدة وكاشفة مسجلة بالصوت والصورة، لا نريد الخوض فيها الآن لضيق المساحة (يمكن أن نفرد لها مقالا لاحقا).
السبب الخامس يختص بعمله بالمحاماة، وهى مهنة شريفة لا غبار عليها، وكانت مهنة رجال السياسة على مر العصور.. ولكن المحامى (السياسى بصفة خاصة) يجب أن ينأى بنفسه بعيدا عن مواطن الشبهات.. وقد أزعجنى كثيرا ما يتردد حاليا فى الأوساط الصحفية والسياسية، من أن العوّا وكيل لعدد من رجال الأعمال المتهمين فى قضايا فساد ومن المقربين من رموز دولة مبارك، الأمر الذى يثير علامات استفهام كثيرة إن صحت هذه المزاعم.. وقد نشرت مجلة روز اليوسف تقريرا سرد بعض الاتهامات الخطيرة الموجهة للرجل.. وذكر وقائع محددة بالأسماء والتواريخ والأتعاب (المليونية) وهى معلومات لم ينفها العوّا أو يرد عليها، وأنه لم يكلف خاطره بالدفاع عن شهداء ومصابى الثورة الفقراء!! وكم كنت أتمنى أن يخرج الرجل (المرشح للرئاسة) ليدافع عن نفسه ويوضح الحقائق أمام الرأى العام.. كضريبة وطنية واجبة يتحملها كل من يتصدى للعمل السياسى.. فما بالك بشخصية فكرية وقانونية مرموقة.
السبب السادس لرفضى ترشح العوّا، هو تأثره الواضح بالضغوط الشخصية فى اتخاذ قرارات مصيرية وحاسمة.. ليس هذا ادعاء أو تجنيا منى على الرجل.. بل حقيقة اعترف بها بنفسه على نفسه.. فالرجل أقر فى أكثر من مناسبة ووسيلة إعلامية بأن هناك ضغوطا هائلة من المقربين تمارس عليه لاتخاذ قرار الترشح، بعد أن كان يرفض الفكرة مطلقا، معللا ذلك بأنه يجد صعوبة فى إدارة مكتبه.. فكيف يدير شئون البلاد؟!.. ثم استسلم لهذه الضغوط فى نهاية الأمر وقرر الترشح .. ونشرت ابنته الكبرى تدوينة على الفيس بوك بعنوان: من فاطمة العوّا إلى أبيها: لماذا نعم للبرادعى؟ من جيل الوسط إلى جيل الآباء". وتم نشر التدوينة على الموقع الرسمى للعوّا فى فبراير 2010، وعبَّرت فيها عن رأيها وإيمانها بأن الدكتور محمد البرادعى، هو الرجل الملائم كمرشح رئاسى توافقى قادر على إحداث التغيير الذى تحتاجه مصر.
ما الذى جرى بعد ذلك.. ليقلب الأمور ويبدل المفاهيم؟.. ولماذا قرر العوّا الترشح فى مواجهة البرادعى (المرشح التوافقى) وأبو الفتوح (المرشح الوسطى) بدلا من دعم أحدهما.. هل يظن الرجل فى قرارة نفسه حقا أنه أفضل منهما لحكم مصر؟!.. ولماذا قرر فى نهاية العمر أن يخوض المعترك السياسى من أوسع أبوابه؟.. وهو ليس كأى معترك آخر صادفه فى حياته.. إنه معترك انتخابات رئاسة الجمهورية.. فمن له مصلحة أو منفعة مباشرة أو غير مباشرة فى توريط الرجل وإقحامه فى هذه المعركة الصعبة؟.. وهل يمكنه الآن التراجع للحفاظ على صورته فى عيون أبناء التيار الوسطى الذى يبجله ويحترمه؟
أسئلة حائرة ننتظر إجابتها من أستاذنا الجليل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.