في تعليقه على نتائج الانتخابات البرلمانية التركية, التي أظهرت فقدان حزب العدالة والتنمية الحاكم أغلبيته المطلقة, فجر الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي مفاجأة مفادها أن هذه النتائج ربما تكون "مكيدة" من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, "لفضح أحزاب المعارضة وتأكيد عجزها عن إدارة البلاد". وأضاف خاشقجي، المقرب من دوائر صنع القرار بالسعودية, في مقال نشرته له صحيفة "الحياة" اللندنية في 13 يونيو, أن "حزب العدالة والتنمية لا يزال في موقع القيادة، وأن أردوغان لا يزال القائد التركي الكبير"، وأن نتائج الانتخابات ربما أرادت توصيل رسالة مفادها أن أردوغان لا يزال ممسكا بخيوط السياسة والاقتصاد مع الجيش، وأن حزبه هو الأكثر انضباطا وقدرة على تحقيق طموحات الأتراك, خاصة أن الأحزاب الثلاثة الأخرى التي جاءت بعد حزب العدالة والتنمية في نتائج الانتخابات بينها خلافات حادة, ما يجعل تشكيلها ائتلافا حكوميا أمرا مستحيلا. وتابع خاشقجي " وإن حصل, ائتلاف بين الأحزاب الثلاثة, لن يدوم طويلاً، ما يعني إجراء انتخابات مبكرة ستمنح حزب أردوغان أغلبية مريحة, حيث يراهن حزب العدالة والتنمية على أن نتائج الانتخابات الحاسمة بمثابة درس للناخبين, الذين تخلوا عنه، واستفاقوا على انخفاض في سعر الليرة، وتراجع في البورصة، وتردد أخبار عن إلغاء عقود مع شركات، وبدء الحديث حول مستقبل المشاريع الكبرى, التي دشنها الحزب الحاكم لتوفير وظائف وتحقيق الرخاء". وسخر الكاتب السعودي من شماتة بعض العواصم العربية في حزب أردوغان, قائلا :" ليس في تركيا جيش يتدخل، ولا استخبارات تتآمر، والديموقراطية استقرت هناك". وكان الكاتب البريطاني ديفيد هيرست امتدح أيضا تجربة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، رغم نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة, التي أفقدته أغلبيته البرلمانية المطلقة. وأضاف هيرست في تقرير نشره له موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في 11 يونيو أن حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كتب سجلا حافلا بالنجاحات طيلة 13 عاما, من أبرزها تعزيز الديمقراطية وإنعاش الاقتصاد وإعادة الجيش لثكناته والسماح للأكراد بالمشاركة في العملية السياسية بعد عقود من القتال. وتابع الكاتب أن نتائج الانتخابات البرلمانية في تركيا قدمت درسا في الديمقراطية للطغاة في الشرق الأوسط, لأنها أثبتت أنه يمكن تقييد طموحات الهيمنة السياسية، وإحداث تغييرات كبيرة اجتماعيا واقتصاديا من خلال أصوات الناخبين, وليس من خلال "الاستبداد والديكتاتورية", مثلما يحدث في مصر وسوريا, على حد قوله. وكانت النتائج غير الرسمية للانتخابات البرلمانية التي أجريت في تركيا في 7 يونيو أظهرت فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم بنسبة 40.8% من الأصوات وحصوله على 258 مقعداً من مقاعد البرلمان ال550، بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 25% بواقع 132 مقعدا, من إجمالي عدد نواب البرلمان البالغ 550 نائبا. وحل حزب الحركة القومية ثالثا بنسبة 16.33% وبواقع 81 مقعدا، في حين حل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي رابعا بنسبة 13%، وحصل على 79 مقعدا في البرلمان, مما يعني تخطيه العتبة الانتخابية التي تؤهله لدخول البرلمان التركي ليكون أول حزب كردي يدخل البرلمان في تاريخ البلاد. وفقد حزب العدالة والتنمية الحاكم أغلبيته المطلقة في البرلمان حسب هذه النتائج, بينما استبعد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي التحالف مع الحزب الحاكم لتشكيل حكومة ائتلافية، في وقت دعا فيه حزب الحركة القومية إلى إجراء انتخابات مبكرة إذا فشلت محاولات تكوين هذه الحكومة. وهذه النتيجة قضت على مشاريع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتعديل الدستور لإقامة نظام رئاسي قوي في تركيا، وكان يلزمه من أجل تمرير هذه الإصلاحات التي نددت بها كل الأحزاب الأخرى باعتبارها "ديكتاتورية دستورية"، الفوز ب330 مقعدا لكي يمكن لحزبه اعتماد هذه التعديلات بمفرده. وحسب "الجزيرة", تراوحت التنبؤات بعد فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم بنسبة لا تمكنه من مواصلة الحكم منفردا, بين التكهن بعودة الحياة السياسية المختلطة من جديد إلى تركيا عبر تشكيل حكومات ائتلافية عقب عجز كافة الأحزاب عن الحصول على الأغلبية المطلقة منفردة أو الذهاب للانتخابات المبكرة.