أصدر المشاركون في مؤتمر المعارضة السورية الموسع الثاني بالقاهرة "خارطة طريق" تتضمن برنامجاً تنفيذياً ل"بيان جنيف"، وشملت النظام السياسي المنشود في سوريا، و9 إجراءات لتهيئة المناخ للتسوية السياسية. حسب بيان صدر عن الخارجية المصرية، وصل الأناضول نسخة منه اليوم الأربعاء، فإن المؤتمر الذي بدأ أعماله في القاهرة الاثنين الماضي، واختتم مساء أمس، صدر عنه "وثائق سياسية هامة تمثلت بخارطة طريق سياسية تعتبر كوثيقة مرجعية لرؤية الحل السياسي". وأشارت الخارجية أن "الوثائق تشمل خطوات تنفيذية واضحة تهدف لتطبيق بنود بيان جنيف، وكذلك ميثاق وطني سوري". واعتبر البيان تلك الوثائق "مجرد بداية لجهد جماعي ووطني نأمل بتطويره لكي يساهم في تفعيل الحل السياسي في سوريا بناء على بنود وثيقة بيان جنيف". من جهة ثانية قال البيان إن مشروع الميثاق الوطني السوري، الصادر عن المؤتمر تضمن 27 بندا، ستشكل "مرجعا للمبادئ الدستورية للمرحلة الانتقالية وكتابة الدستور السوري الجديد"، وتناولت طبيعة العلاقة بين فئات الشعب السوري، والحقوق والحريات، والموقف من مؤسسات الدولة المختلفة، ومؤسسات المجتمع المدنية، والقضايا الإقليمية والدولية. وأشار بيان الخارجية المصرية أيضا إلى أن "خارطة الطريق"، هي "آليات تنفيذ عمليةٍ قابلةٍ للتحقق وقادرة على الانتقال لتسويةٍ سياسيةٍ غايتها تغيير النظام بشكل جذري وشامل، والذهاب الى نظام ديمقراطي تعددي، يوفر الحرية والكرامة والعدالة والمساواة لكل السوريين". وأكد البيان على تصور "استحالة الحسم العسكري في سوريا ومأساويته وكذلك استمرار منظومة الحكم الحالية، التي لا مكان لها ولرئيسها في مستقبل سوريا"، معتبرا أن "الحل السياسي التفاوضي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا". ومضى البيان موضحا أن خارطة الطريق، اعتبرت أن النظام السياسي المنشود في سوريا هو "الانتقال إلى نظام ديمقراطي برلماني تعددي تداولي، يرسم معالمه ميثاق وطني مؤسس، يرتكز على مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات لجميع السوريين، بغض النظر عن الجنس أو القومية أو المعتقد أو المذهب". ومن أبرز الإجراءات المقرة لتهيئة المناخ للتسوية السياسية، بحسب البيان "الإعلان الفوري عن وقف الصراع المسلح من قبل جميع الأطراف على كافة الأراضي السورية"، و"وقف دعم الجماعات المسلحة وإدانة وجود كل المقاتلين غير السوريين واخراجهم من الأراضي السورية"، و"السماح بعودة جميع المواطنين السياسيين المعارضين المقيمين في الخارج لأسباب مختلفة". كما تضمنت الخارطة، الاتفاق على تكوين هيئة الحكم الانتقالي "التي تنقل لها جميع الصلاحيات التشريعية والتنفيذية وينبثق عنها مؤسسات المجلس الوطني الانتقالي ومجلس القضاء الأعلى، وحكومة المرحلة الانتقالية، والمجلس الوطني العسكري الإنتقالي، والهيئة المستقلة العليا للإنصاف والعدالة والمصالحة". وأكد البيان على ضرورة تسمية أعضاء تلك المؤسسات ورئاساتها في غضون شهرين من بدء المفاوضات تحت ضمانات دولية. وفي نفس الإطار تضمنت الخارطة كذلك الإجراءات الأساسية للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها "تعطيل العمل بالدستور الحالي، وهيئات الحكم المبنية عليه، وإلغاء جميع القوانين والتدابير والمشاريع الاستثنائية التمييزية، وفصل حزب البعث عن جميع أجهزة الدولة بما فيها الجيش والقوى الأمنية". وينص بيان "جنيف 1" الذي عقد بإشراف دولي في يونيو/ حزيران 2012، وتصر المعارضة السورية على أن يكون منطلقاً لأي حل سياسي مفترض، على وقف العنف وإطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وضمان حرية تنقّل الصحفيين، والتظاهر السلمي للمواطنين، وتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات.
إلا أن الخلاف على مصير بشار الأسد في مستقبل سوريا هو ما عطل تنفيذ أي من تلك المقررات، وأفشل جولتين من مفاوضات "جنيف 2" التي عقدت ما بين يناير/ كانون الثاني، وفبراير/ شباط 2014، في التوصل لحل سياسي للأزمة. وكانت أعمال المؤتمر الموسع الثاني للمعارضة السورية، قد بدأت الاثنين الماضي، واختتمت أمس الثلاثاء، بهدف التوافق على وثيقة سياسية تتبناها المعارضة وتتضمن مطالبها في أي حل سياسي محتمل للأزمة السورية المندلعة منذ أكثر من 4 سنوات. ووجه المجلس المصري للشؤون الخارجية (غير حكومي ومقرب من الخارجية المصرية)، نحو 220 دعوة إلى شخصيات معارضة لحضور مؤتمر المعارضة في القاهرة، دون أن يوجه دعوة رسمية للائتلاف السوري (أكبر مظلة للمعارضة)، مكتفياً بتوجيه دعوات لأشخاص داخله، بحسب مصادر في الائتلاف. وعقد الاجتماع الأول للمعارضة السورية بالقاهرة في الفترة ما بين 22 و24 يناير/ كانون ثان الماضي، وكان من أهم نتائجه إصدار ما سمي ب"بيان القاهرة"، وتشكيل لجنة معنية بمتابعة الاتصالات مع أطراف المعارضة السورية للإعداد لمؤتمر موسع ثان بالقاهرة. ومنذ منتصف مارس/ آذار 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من (44) عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين القوات النظام والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم