"قد يبدو مصطلح الإخفاء القسري كمصطلح قانوني معقد وأعلى من مستوى فهم البعض – ولكن القصة الإنسانية الماثلة وراءه هي قصة بسيطة. إذ يختفي الناس بكل معنى الكلمة من حياة ذويهم وأحبتهم ومجتمعاتهم عندما يختطفهم المسؤولون من الشارع أو المنزل ثم ينكرون وجود هؤلاء الأشخاص في عهدتهم أو يرفضون الكشف عن أماكن تواجدهم. وهذه ممارسة غير قانونية". بهذه الكلمات تعرف منظمة العفو الدولية ظاهرة "الإخفاء القسري".. إلا أن آلاء، شقيقة الشابة المصرية المختفية منذ نحو أسبوع إسراء الطويل (23 عاما)، والتي حظيت قضيتها بزخم حقوقي وإعلامي واسع، فإنها تعيد تعريف "الإخفاء القسري"، تعريفا يحدد ملامحها الإنسانية الخاصة بعيدا عن عمومية الأرقام والتعريفات الرسمية، وهي تتساءل بلوعة "كل ما نريده هو معلومة مؤكدة عن مكان أختي، وأن نراها ونطمئن عليها، ونعرف لماذا تم هذا الاختفاء؟ وماذا حدث أو سيحدث لها؟ ... هذا حقنا". وبحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان فإنه "تم اختفاء إسراء الطويل، وصهيب سعد، وعمر محمد في تاريخ 2 يونيو/ حزيران 2015 من منطقة المعادي، ولا معلومات تتوافر عن مكان تواجدهم حتى اليوم"، لافتة الشبكة في تقريرها عن "تصاعد حملات القبض العشوائي والاختفاء القسري في مصر"، إلى العديد من الحالات الأخرى، بينها حالة الناشط السيناوي "صبري الغول" الذي اعتقل في الأول من يونيو/ حزيران الجاري، ثم توفي بعدها بساعات، بحسب التقرير. وفي حديثها للأناضول تروي آلاء كيف تعاني من اختفاء أختها قائلة "أحاول أن أغمض عينيّ، لكن أتخيل إسراء ومكانها ومع من تتعامل وأي أذى تتعرض له.. يالها من مواقف صعبة للغاية تعيشها إنسانة كبيرة جدا في إنسانيتها ولا تستحق كل هذا الظلم". ومما زاد من ألم الأسرة المكلومة، أن إسراء مصابة منذ نحو عام بعجز في ساقيها أقعدها عن الحركة، ولكن حالتها الصحية بدأت تتحسن مؤخرا وتتحرك حركة بسيطة، ما شجعها على الخروج في نزهة برفقة كاميرتها الخاصة، وبمصاحبة اثنين من زملائها، الإثنين الماضي، في منطقة المعادي جنوبي العاصمة القاهرة، قبل أن ينقطع الاتصال بها، تماما منذ الساعة العاشرة مساء، هي وزميليها، بحسب رواية أسرتها. الأم حنان عليّ، تستحضر الحالة الصحية لابنتها، مرددة "إسراء تتلقى علاج طبيعي مكثف بشكل يومي، بالإضافة إلى جرعات دوائية يومية أيضاً، نظراً لإصابتها في عمودها الفقري قبل نحو عام، ما أثر على قدرتها على المشي"، وترثي نجلتها بقولها "ابنتي الآن لا نعرف شيئا عن مكانها أو حالها فضلا عن علاجها.. ابنتي الآن بلا علاج طبيعي ولا أدوية...من المسؤل عن سلامة إسراء من وقت اختطافها وإخفائها؟!". وبينما تتزايد المطالبات الحقوقية والإعلامية للسلطات المصرية للكشف عن مكان إسراء، لم يصدر حتى الأن أي تعليق من وزارة الداخلية المصرية عن الموضوع، ما جعل مصادر قانونية تفسر ذلك ب"احتمال تعرض إسراء وزملائها للتعذيب وضغوط لحملهم على الاعتراف بأمور لم يقترفوها"، وهو ما اعتادت السلطات المصرية على نفيه، والتأكيد أن إجراءات التوقيف تتم بشكل قانوني، ووفق قررات من النيابة، وبناء على اتهامات "جنائية"، وليست "سياسية". العجز عن معرفة أخبار إسراء، وعجزها ذاته عن المشي رغم رحلة علاجها التي لم تستكمل بعد، زاد من الاهتمام بقصة الفتاة التي "لا تحمل أي توجه سياسي، وتهوى التصوير بجانب دراستها، ولديها قطة تحبها اسمها وودي"، كما تقول صفحة البحث عنها، التي دشنها أهلها وأصدقاؤها على فيس بوك، والهاشتاج الذي أطلقوه، #إسراء_الطويل_فين؟ (أين)، وحظي بانتشار واسع على صفحات التواصل الاجتماعي.