تغلغلت قيادات وشركات تابعة للقوات المسلحة في القطاع الاقتصادي المصري بشكل كبير من خلال تعيين قياداتها المحالين للتقاعد في مناصب مسئولة بمختلف القطاعات الاقتصادية. وتم تعيين حمدي بدين، قائد الشرطة العسكرية السابق، رئيسًا لمجلس إدارة الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، والفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، بجانب تعيين عدد كبير من العسكريين رؤساء ومديرين لشراكات قطاع الأعمال، بالإضافة إلى تعيين غالبية المحافظين ونوابهم من ضباط الجيش المتقاعدين. وتشرف القوات المسلحة على جميع صحراء مصر ولا يتم فتح أي منجم جديد إلا بموافقتها، كما أنها تقوم بجميع أعمال التفجيرات في الجبال لاسيما في مصانع الأسمنت. ويرجع الفضل في تضخم الإمبراطورية الاقتصادية للقوات المسلحة، إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 والتي منذ إبرامها بدأ الجيش الاستثمار في كل شيء في البلاد بدءًا من الزراعة إلى بناء الطرق والكباري والاستثمار العقاري والصناعات الإلكترونية مرورًا بمصانع اللبن والدجاج ومزارع تربية العجول والأبقار ومزارع الخضروات والفاكهة ومصانع المعلبات والمزارع السمكية. قال رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن تعيين قيادات الجيش في الشركات الحكومية يرجع إلى ندرة الكوادر الموجودة في مصر في مختلف المجالات الاقتصادية، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الحصول عليها مقارنة بالقطاع الخاصة، الذي يقدم أموالاً طائلة لجذب هذه الكوادر، لذلك تستغل الدولة ضابط الجيش المتخصص في إدارة هذه الشركات، مرجعًا خسارة غالبية الشركات التي يديرها ضباط الجيش إلى نقص التمويل وانعدام التطوير، لافتا إلى أن هناك شركات كثيرة في مصر لا يديرها ضباط جيش وتحقق خسائر كبيرة أيضًا. وأضاف، أن توسع الجيش في النشاط الاقتصادي، يخدم في المقام الأول الجانب الوطني ويرفع عن كاهل الدولة الحاجة إلى زيادة ميزانية القوات المسلحة، بسبب استمرار حربها ضد الإرهاب في سيناء. وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يدعم بقوة دور القطاع الخاص في التنمية، لذلك يحرص على لقاء رجال الأعمال في جميع زياراته الخارجية، إلا أنه في بعض المشروعات قد يكون إسنادها إلى شركات تابعة للقوات المسلحة أفضل لأنها تتميز بالكفاءة وانخفاض التكلفة، بجانب الحس الوطني في الحرص على جودة المشروعات. ونفى اللواء عادل سليمان، الخبير العسكري، سيطرة الجيش على المشروعات الكبرى منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي من الحكم. وأضاف سليمان، أن جميع المشروعات التي يتولاها جهاز مشروعات الخدمة العامة التابع لوزارة الدفاع، والتي يكون معظمها بالأمر المباشر، تأتى وفقًا للقانون الذي أعده الرئيس الراحل أنور السادات عام 1979، والذي يخول تكليف الجهاز بأي مشروعات مهما كانت. وأوضح، أن جهاز مشروعات الخدمات العامة، مؤسسة وطنية أنشئت وفقًا للقانون في عام 1979، ولكنه يتبع وزير الدفاع، وهو منصب سياسي يتبع مجلس الوزراء، وليس منصبًا عسكريًا ومن الخطأ الخلط بين المنصبين إلا أنه حدث نتيجة لتولي شخص واحد المنصبين. وذكر سليمان، أن جهاز الخدمات العامة بالقوات المسلحة يدير مجموعة من الشركات المشهرة في هيئة الاستثمار، وهى شركات عديدة تتولى أعمال الإنشاءات والتشييد وغيرها، مؤكدًا أن حصول القوات المسلحة على المشروعات يكون وفقًا للقانون ولكن الهجوم يتزايد بسبب الوضع العام والمناخ السياسي غير المستقر.