دعا الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس "الدعوة السلفية"، إلى إخراج مصر من "المعادلة الصفرية" التي يخوضها طرفا الصراع في ظل رغبة كل منهما في القضاء على الآخر بشكل تام، لأن أيًا منهما لن ينجح في تحقيق مبتغاه، مدللاً بمعارك الماضي التي لم ينجح فيها الفائز في إقصاء خصمه تمامًا. وقال برهامي في مقال نشره موقع "أنا السلفي"، إن "ما تشهده بلاد المنطقة كلها ومِن ضمنها بلادنا مِن صراع وانقسام واحتراب يتصور الأطراف فيه أنه لا بقاء لهم إلا بالقضاء على الطرف الآخر المنافس، وأنه لا إمكانية للتعايش مع الاختلاف، ويذكي روح الاقتتال مهما كلف ذلك الأمة والوطن والدين مِن خسائر إنما هو دائرة مفرغة لن تنتهي بهذا التصور ولا بهذا السلوك". وفيما بدا أنها إشارة إلى السلطة الحالية التي تسلحت في البداية بتأييد شعبي واسع ودعم إعلامي متواصل، فضلاً عن القوة المسلحة ضد معارضيها، حذر برهامي من أن "المراهنة على قلوب الناس وعواطفهم أمر لا يجدي؛ فالناس تتقلب قلوبها ونظراتها في اليوم فضلًا عن الشهر والسنة، ووسائل التأثير التي يظنها البعض سلاحًا ماحقًا مثل الإعلام والمال، بل والقوة العسكرية لا تمحق". ومضى محذرًا: "بل في حالة الصراع الداخلي والحروب الأهلية إنما يمحق كل طرف جزءًا مِن نفسه وجزءًا مِن خصمه، والجزء الأكبر من شعبه وأمته ومستقبل وطنه، وكلما نزف الدم وكثر القتل؛ جذب مزيدًا مِن النزف والقتل، مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم عن أشراط الساعة: "ويكثر الهرج، فقيل: وما الهرج؟ قال: القتل القتل". وخاطب نائب رئيس "الدعوة السلفية"، قطبي الصراع، قائلاً: "أخرجوا بلادنا وأمتنا مِن هذه الدائرة المفرغة، وأيقنوا أن هذه الأمور لا تحتمل المعادلة الصفرية الوهمية، بل لا بد مِن التكاتف والتعاضد والتعاون والتعايش مع المخالف، واقتسام الحياة بدلًا مِن قهر الآخرين". وساق على ذلك أدلة من التاريخ، للتأكيد على عدم جدوى الخوض في هذه "المعادلة الصفرية"، مضيفًا: "فها هي الفتوحات الإسلامية التي قضت على وجود اليهود في الجزيرة العربية بل في منطقة الشرق الأوسط كلها إلا أن اليهود بقوا وسيبقون إلى زمن الدجال ونزول المسيح عليه السلام، وكذا قضت الفتوحات على دولة الفرس والروم، ومع ذلك بقي الفرس إلى يومنا هذا يحاولون زعزعة الوجود العربي والإسلامي، وإن كان تحت رايات أخرى كالرافضة". وتابع "بقي النصارى وسيبقون إلى زمن المسيح عليه السلام حين ينزل فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية. متفق عليه. وهذا يدل على أن الصليب سيظل موجودًا إلى زمن نزول المسيح، وكذا قضى التتار على دولة الخلافة العباسية ودمروا بغداد وقتلوا نحو مليوني مسلم". وذكر بما فعله الصليبيون حينما احتلوا القدس وقتلوا كل مَن بها مِن الرجال والنساء والأطفال من المسلمين، ثم عادت إلى المسلمين، وعندما أباد الفرنجة المسلمين في الأندلس في أبشع مذابح في التاريخ بمحاكم التفتيش، ومع كل ذلك بقي الإسلام، بل في نفس التاريخ الذي سقطت فيه الأندلس كان المسلمون يفتتحون مدينة قسطنطينية لتصبح إسطنبول عاصمة للدولة العثمانية. وخلص برهامي إلى أنه "فمن عرف التاريخ عرف أن الوصول إلى المعادلة الصفرية "إما تقضي عليَّ بالكلية وإما أن أقضي عليك بالكلية" لا يكاد يقع في العالم إلا قبيل قيام الساعة في زمن المسيح عليه السلام كما بيَّنَّا حين تصبح الملة واحدة هي الإسلام دون ما سواه". وانتهى برهامي إلى القول: "إذا كان هذا رغم التناقض التام والاختلاف في الدين والجنس واللغة والعرق، فبالأَوْلى إذا كان التناقض حول بعض الأمور دون بعض وداخل أمة واحدة ووطن واحد، وإنما تختلف المصالح أحيانًا وتتفق، وتقترب الخطوط وتبتعد".