العالم: التعبير عن غضب موجود.. العزباوي: رجال الأعمال كلمة السر.. وشحاتة: كسر عظام بين الأجهزة القوية فى تحول مفاجئ في السياسة التحريرية لعدد من الصحف الشهيرة، والتى عرف عنها تأييدها المستميت لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، وإعلانها صراحة تأييدها للسيسى خلال الانتخابات الرئاسية، شهدت ما اعتبر "انقلابًا" في سياسة التأييد المطلق للنظام، وخاصة مع ظهور عدد من المشاكل الحياتية المستعصية كانقطاع الكهرباء، واستمرار مسلسل الانفجارات، وغلاء الأسعار. وبدت نذر هذا التحول حين نشرت صحيفة المصري اليوم"، الموالية للنظام، ملفًا تحت عنوان "الشرطة شهداء وخطايا.. ثقوب في البدلة الميري"، اشتمل على اتهامات لوزارة الداخلية بارتكاب انتهاكات بحق مواطنين، ما أثار ضجة لم تهدأ، ولحقت بها "الأهرام" فنشرت تحقيقًا بعنوان: "في أقسام الشرطة: من لم يمت بالتعذيب.. مات بالاختناق"، تضمن انتقادات لممارسات وزارة الداخلية في أقسام الشرطة، وحديث عن عدم توفير حياة إنسانية للمحبوسين. وبالتزامن مع تلك الموجة الناقدة للنظام نشرت جريدة "الوطن" ملفًّا خاصًا بعنوان "7أقوى من الإصلاح" بعدما كانت نشرته بعنوان "7 أقوى من السيسى وصادرته جهة سيادية - مؤكدة أنها تحديات تقف فى طريق خطط السيسي. وقالت الصحيفة إن الجيش والنخبة السياسية لا يزالان يهيمنان على مصر، وحددت الأشياء التى تقاوم خطط السيسى من بينها الفساد والمحاباة، وانتقدت ما قالت إنه انتهاكات ترتكبها قوات الشرطة. وحفلت برامج حوارية على قنوات فضائية خاصة، خلال الأيام القليلة الماضية، بآراء لشخصيات مؤيدة للسلطات الحالية تنتقد الشرطة والرئيس عبد الفتاح السيسي وتحمله المسؤولية عن الأزمات، بل إن الأمر بلغ حد مطالبته بترك السلطة، بدعوى أنه لم يقدم شيئا. وقال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسى بجامعة القاهرة، إنه توقع منذ أكثر من عام حدوث صدام بين النظام السياسى والإعلام المصري. وحدد العالم، 4أسباب لانتقاد الإعلام للنظام وإمكانية تفاقم الأمر حتى يصل إلى مرحلة الصدام، وهي: "عدم وجود قواعد مهنية أو رؤية أو افتقار الخبرة لدى الإعلام، وعدم تفعيل تشريعات تنظيم الأداء الإعلامي، بجانب التنفيس غير المخطط، وأخيرًا التعبير عن حالة موجودة بعدم الرضا عن الأوضاع". وتابع العالم، "أن هذه الانتقادات تمثل أحيانًا فكرة البحث عن نغمة مختلفة، فالكل يعزف على نغمة أحادية خاصة، والأوضاع العامة فيها عدم رضا فى ظل ظروف سياسية واقتصادية معنية". بينما أرجع الدكتور يسرى العزباوى الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، أسباب مهاجمة الصحف الموالية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسى وحمل لواء مهاجمة النظام المتمثل فى مؤسساته الأمنية والحكومة بصورة علانية وظاهرة، إلى عدة أسباب، منها ملكية هذه المؤسسات لرجال الأعمال وكانوا يطمحون فى عقد صفقات مع النظام السياسى بعد تأييدهم له قبل الانتخابات الرئاسية وخاب أملهم بعد تجاهل النظام لطلباتهم، مما دفعهم إلى الضغط على النظام عبر صحفهم المملوكة لهم". وتابع "يبدو أنه توجد مشكلة بين رجال الأعمال والنظام، بعد عدم امتثال النظام لطالبات رجال الأعمال مما دفع عدد من رجال الأعمال إلى تسخير صحفهم الخاصة والقنوات التى تتبعهم إلى مهاجمة النظام لمصالحهم الخاصة وهواهم". وفي حين اعترف بأن المشاكل التى يسلط عليها الإعلام الضوء موجودة على أرض الواقع، إلا أنه أكد أنها "تعطى مساحة أكبر وفقًا لأهداف رؤوس الأموال". فيما رأى اللواء عبدالسلام شحاتة الخبير الأمني, أن السبب وراء هجوم الصحافة الخاصة على النظام الحالي يوضح أن هناك صراعًا بين "الجيش والشرطة ورجال الأعمال "، خاصة بعد أن تحولت مصر إلى مناطق نفوذ مقسمة بين الأطراف الثلاثة، ولذلك لا يمكن استبعاد أن ما يحدث الآن عملية "كسر عظام" بينها من أجل زيادة مساحة نفوذها وتأثيرها". وقال شحاتة، إن "رجال الأعمال يمتلكون التأثير الأكبر على وسائل الإعلام أكثر مما يمتلكه الطرف الثانى النظام الحالى، ولا يمكن لأى صحفى أو إعلامى أن يتحرك وينتقد وزارة الداخلية من دون الحصول على "ضوء أخضر" دون علم أصحاب القنوات". وأضاف أن "الأذرع الإعلامية تحركها تعليمات صريحة وواضحة من مكتب جهات مخابراتي، وأن رجال الأعمال يتحكمون فى الإعلاميين الذين يعلمون فى قنواتهم؛ بسبب الأموال الضخمة التى يجرى إنفاقها، ولا يمكن لأى إعلامى أن يخرج عن حدود الدور الذى يحدده له مالكو هذه القنوات، وإلا فهو يغامر بمستقبله، وبالملايين التى يجنيها من العمل فى تلك القنوات".