بدأت تفاصيل اللحظات الأخيرة التي عاشها طاقم وركاب العبارة المصرية السلام 98 ، التي غرقت في البحر الأحمر فجر الجمعة الماضي وعلى متنها 1400 شخص ، في الظهور بعد العثور على عدد من أفراد طاقم السفينة بين الناجين ، ذلك فيما تم العثور خلال الساعات الماضية على مجموعات جديدة من ركاب السفينة على قيد الحياة ، مما رفع أعداد الناجين إلى ما يقرب 400 شخص ، ولا يزال نحو ألف آخرين في عدد المفقودين . وكشف راني كمال الضابط الثالث على متن العبارة ، والذي يتلقى العلاج داخل إحدى المستشفيات السعودية ، أن المياه تجمعت في الجراج الخاص السيارات داخل العبارة إثناء إخماد حريق شب داخل إحدى السيارات ، مما أدى إلى ميل العبارة. وأضاف الضابط انه مع الارتفاع المستمر في مستوى المياه مالت السفينة بشكل حاد لتبلغ درجة الميل 25 درجة وكانت هذه بداية النهاية. وكان ركاب العبارة قد أشاروا إلى حريق نشب في أسفل السفينة بعد قليل من مغادرتها ميناء ضبا السعودي ، وبعد فترة بدأت العبارة في الميل على أحد جانبيها ، ثم انقلبت لتستقر في قاع البحر . ولم يعرف مصير قبطان العبارة سيد عمر وجرى إنقاذ الضابط الثاني على متن العبارة وتحدث للسلطات ولكن دون أن يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام. واتهم الناجون القبطان وأفراد الطاقم بالإهمال وقالوا إن عمر ترك السفينة قبل أن يتأكد من مغادرة جميع الركاب ، مشيرين إلى أن أفراد الطاقم حالوا دون ارتداء الركاب سترات النجاة وإنزالهم في قوارب نجاة. وفي سياق متصل ، كشفت مصادر مطلعة " للمصريون " أن الرئيس مبارك كلف جهازا أمنيا سياديا بإعداد تقريرا شاملا عن مافيا الشركات الملاحية التي تسيطر على مجال نقل الركاب بين مصر وباقي الدول العربية خاصة السعودية ، وفوض الجهاز بالاستعانة بمن يراه من الخبراء في هذا المجال لوقف تكرار الكوارث البحرية التي تشهدها مصر بصفة مستمرة ويذهب ضحيتها الآلاف من أبناء مصر. وكان الرئيس مبارك قد تلقي تقريرا عاجلا حول مجموعة شركات آل سالم الملاحية يؤكد أن القائمين علي تلك الشركات يتعمدون شراء السفن المتهالكة ، والتي لا تصلح للإبحار لإعادة تشغيلها بين الموانئ المصرية والسعودية لنقل الحجاج والمعتمرين والعمال. وقال التقرير إن أسطول الشركة مالكة العبارة المنكوبة ما زال يضم 15 سفينة بعضها من نفس طراز السلام 98 التي غرقت مساء الخميس الماضي وأن هذه السفن تنقل سنويا حوالي 450 ألف مسافر مصري من خلال موانئ البحر الأحمر. وأشار التقرير العاجل الذي تلقاه الرئيس مبارك فور وقوع الحادث إلى أن هناك سفنا تابعة للمجموعة تعمل في نقل السياح في النيل وأن التقارير الفنية تحذر من عدم سلامة تلك المراكب. ولفت التقرير إلي وقوع 3 كوارث بحرية لمراكب مجموعة لمجموعة آل سالم راح ضحيتها المئات ، الأولي كانت عام 1991 حيث غرقت السفينة سالم أكسبريس ولقي أكثر من 700 حاج مصرعه في مياه البحر الأحمر ويومها حاولت الشركة المالكة تحميل قبطان السفينة حسن مورو مسئولية الغرق ، والحادثة الثانية كانت في أكتوبر الماضي حيث غرقت السفينة السلام 95 عند مدخل قناة السويس بعد اصطدامها بسفينة شحن قبرصية خلال أقل من ساعة ، والثالثة مساء الخميس الماضي حيث غرقت السلام 98 علي بعد 90 كم من ميناء سفاجا ولقي أكثر من ألف شخص حتفهم غرقا. وقال التقرير إن آل سالم حققوا ثروات طائلة من التعويضات التي حصلوا عليها من شركات التأمين عند غرق العبارتين السابقتين ، وينتظر أن يحصلوا علي ما يقرب من 25 مليون جنيه تعويضا عن غرق السلام 98. وأشار التقرير إلى أن الشركة المذكورة تحاول الآن أن تحمل مسئولية غرق العبارة السلام 98 لربان السفينة وطاقمها متجاهلة أن العبارة كانت متهالكة وتفتقر لأبسط قواعد الأمن والسلامة ، وأنها حصلت علي شهادات صلاحية وإبحار وهمية من بنما للهروب من التفتيش عليها في مصر. وتوقعت مصادر مطلعة أنه في ضوء تقديم الجهاز الأمني السيادي لتقريره الشامل عن مافيا النقل البحري في مصر ، سوف تصدر قوانين جديدة تنظم عمليات نقل الركاب والبضائع وتمنع استخدام عبارات لنقل الركاب انتهي عمرها الافتراضي كما ستنص التعديلات القادمة علي أحقية سلطات الموانئ المصرية التفتيش علي أي مركب تدخل الموانئ المصرية لنقل الركاب المصريين حتى لو كانت تحمل علم دولة أجنبية . من ناحية أخرى ، كشفت مصادر أمنية عن العثور على مجموعات جديدة من الناجين خلال الساعات الأخيرة الماضية، لكن مازال نحو ألف شخص في عداد المفقودين في حين انتشلت فرق الإنقاذ 195 جثة. وأشارت المصادر إلى أنه تم العثور على 61 ناجيا خلال الليل ووصلوا إلى ميناء الغردقة ، كما تم العثور على ستة ناجين آخرين تم نقلهم إلى ميناء ضبا السعودي . ورغم استمرار عمليات البحث حتى مساء أمس إلا أن فرص العثور على ناجين تتضاءل. وكان خبراء ووسائل إعلام قد حملوا الشركة مالكة العبارة مسئولية الحادث ، بعد قيامها بإضافة طوابق إضافية للسفينة لرفع طاقتها الاستيعابية ، ورفع علم بنما لتفادي اشتراطات السلامة التي يتطلبها القانون المصري . وتساءل الخبراء عن أسباب عدم إرسال القبطان وأفراد الطاقم إشارة استغاثة لمحطات برية وسبب عدم إخلاء الركاب في وقت مناسب كما يبدو ، حيث أكد الناجون أن النيران ظلت مشتعلة لساعات قبل غرق العبارة. في المقابل ، ذكرت شركة السلام للنقل البحري ، مالكة العبارة في بيان لها ، أن معايير السلامة في العبارة تتفق مع المعايير الدولية وانه مصرح لها بالعمل في المياه الإقليمية الأوروبية. وأوضح البيان أنه في ضوء تعقيدات الحادث فإنه من السابق لأوانه تحديد الأسباب الفعلية لان الاهتمام الرئيسي للسلطات وضباط الشركة ينصب في الوقت الحالي على عمليات الإنقاذ كأولوية قصوى. ولا يزال مئات من أقارب المفقودين ينتظرون في ميناء سفاجا أملا في الحصول على أي معلومات عن ذويهم ، وقد تظاهر بعض ذوي الضحايا أمس مرددين الهتافات ضد وزارة الداخلية والرئيس مبارك لعدم إطلاعهم على معلومات تذكر عن مصير ركاب العبارة، فيما نشرت السلطات مزيدا من قوات مكافحة الشغب بعد المصادمات التي وقعت أمس الأول بين الشرطة والمواطنين الغاضبين. من ناحية أخرى ، ورغم مرور أكثر من 3 أيام علي وقوع الحادث فقد تجاهل موقع هيئة السلامة البحرية أو موقع موانئ البحر الأحمر علي شبكة الانترنت الإشارة إلى الحادث أو إعطاء أي تفاصيل عن الكارثة على الرغم من أن كل صحف ووكالات الأنباء العالمية كانت تغطي الحادث علي مدار الساعة. يذكر أن هيئة السلامة البحرية ، وهي هيئة تابعة لوزارة النقل البحري ومنوط بها توفير الأمن والسلامة والإرشاد لحركة الملاحة في المياه المصرية والمياه الدولية قبالة السواحل المصرية وكانت تسمي من قبل مصلحة الموانئ والمنائر.