كانت وما زالت قضية زنا المحارم من القضايا الشائكة المسكوت عنها والمحظور تناولها باستفاضة في عالمنا العربي رغم خطورتها وضراوة عواقبها وكثرة الكوارث والمصائب الناتجة عنها والتى من شأنها تهديد سلامة المجتمعات العربية وتمزيق أواصرها وتفشي أمراض صحية ونفسية واجتماعية لا حصر ولا نهاية لها!، حيث يعد الحديث عنها أو إفصاح ضحايا هذه الظاهرة عما تعرضن له مخلًا بالأخلاق والآداب ومنافيًا ومخالفًا للأعراف والعادات والتقاليد في الوطن العربي لارتباطها بالشرف والسمعة!!.. الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع نسبة هذه الظاهرة بشكل ملحوظ لثقة الجناة بأن أمرهم لن يتم كشفه أبدًا لأن المجني عليهن غالبًا ما يرفضن البوح بما حدث لهن خشية العار والفضيحة، خاصة مع عدم وجود قوانين رادعة تجرم زنا المحارم وتعاقِب مرتكبيه في كثير من البلاد العربية!..
زنا المحارم يعني: إقامة علاقة جنسية كاملة بين شخصين تربطهما قرابة أو صلة رحم تمنع زواجهما طبقًا لمعايير دينية وثقافية واجتماعية، ويرتبط زنا المحارم بشكل واضح بإدمان المسكرات والمخدرات والتكدس السكاني والأسر المعزولة عن المجتمع فضلًا عن الأشخاص المضطربين نفسيًا أو المعاقين ذهنيًا، ومن هنا يحدث تداخل بين زنا المحارم وبين الاغتصاب وهتك العرض..
أما أسباب زنا المحارم في جملتها فهي أسباب الزنا بشكل عام مع اقترانها بفساد الفطرة وانتكاسها، فلا يقع في زنا المحارم إلا فاسد الطبع منتكس الفطرة، فما معنى أن يزني الأب بابنته، أو الأخ بأخته، أو العم بابنة أخيه، والخال بابنة أخته، وزوج الابنة بحماته، أو حتى الجد بحفيدته؟!.. قطعًا كل من يفعل هذا التصرف الشائن المعيب من هؤلاء يخالفون الفطرة التى جُبِل بنو آدم عليها!..
من أهم أسباب تفشي هذه الظاهرة ما يلي: - ما تقدمه العديد من القنوات الفضائية ليل نهار من سموم وعُهر في صورة أفلام وأغانٍ داعرة داعية للرذيلة ومحاربة للفضيلة والدين، حيث تثير الشهوات وتُهَيِّج المشاعر، فضلًا عن المواقع الإباحية الكثيرة التى تمتلئ بها الشبكة العنكبوتية والتى اخترقت الكثير من البيوت العربية وصارت تنخر فيها كالسوس وتهدد سلامتها وأمنها الاجتماعي.
- الثقة العمياء ببعض الأقارب مع عدم صلاحهم مما يُجَرِّئ مَن لا خلاق له منهم على الوقوع بمثل هذه الموبقات . - إدمان المخدرات والمسكرات، فبتناولها يفقد المرء عقله ومن فقد عقله لا يمكنه التفريق بين المعروف والمنكر أو الحرام والحلال، فتجد بعضًا من متعاطي المخدرات قد لا يجد وسيلة لإشباع شهوته سوى محارمه بسبب قربهن منه وسهولة الوصول إليهن. - التساهل في عدم التفريق بين الأولاد أثناء النوم امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع) رواه أحمد وأبو داود. - جلساء السوء: فمن جالس من يفعل مثل هذه الأمور الحقيرة فإنه بلا شك سيتأثر بذلك مما قد يهوِّنه عليه صاحبه بدعوى أن الأمر طبيعي، عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (مَثَلُ الجَليس الصالح وجليس السَّوءِ كحاملِ المسكِ ونافخ الكِير، فحاملُ المِسكِ إمّا أن يُحذِيك، وإِمَّا أن تَبتاعَ منهُ، وإمّا أن تجِدَ منه ريحاً طيِّبةً. ونافخُ الكِير إمّا أن يَحرِقُ ثيابك، وإمّا أن تجِدَ منه ريحاً مُنتِنة) متفق عليه. - تبادل القصص المقروءة والمتضمنة لزنا المحارم: وهي من أسف منتشرة وخاصة على الشبكة العنكبوتية، حيث يقوم بعض المفسدين بتأليفها وترويجها في المنتديات بأسلوب جذاب وطريقة خبيثة لنشر هذا المنكر وإرسالها لأكبر عدد من مشتركي البريد الالكتروني في أي موقع . - تهاون بعض النساء في لباسهن أمام محارمهن وكذا تهاون بعض الأمهات في لباس بناتهن، حيث يرتدين ملابس شفافة وقصيرة وضيقة تظهر أكثر مما تستر من مفاتن الجسد.. مما قد يغري بعض ضعاف النفوس من داخل الأسرة والعائلة بالاعتداء عليهن . - ضعف الإيمان: فضعيف الإيمان قريب جدًا من فعل المنكرات دون خجل أو خوف وقد لا يتورع من الوقوع في براثن تلك المحرمات، عن أبي هريرة - رضيَ الله عنه - عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَزني الزاني حينَ يزني وهو مؤمن، ولا يَسرقُ حينَ يَسرقُ وهو مؤمن) رواه البخاري ومسلم، لذا يجب على المسلم أن يجاهد نفسه على زيادة إيمانه ليتحصن به من الوقوع في تلك المنكرات .
ما أود تأكيده في نهاية هذا المقال أن تقوى الله واتباع سنة رسوله الكريم والتمسك بفضائل الأخلاق هي أيسر السبل للتخلص والنجاة من الوقوع أو الإصابة بسرطان زنا المحارم اللعين، ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.