أثار الإعلان عن تأسيس "الحزب العلماني"، جدلاً واسعًا في مصر، خاصة وأنه يضم بين صفوفه أكبر عدد من الملحدين، والهدف الرئيس من إنشائه هو "فصل الدين عن الدولة". الحزب حدد وثيقة المبادئ الأساسية له في 11بندًا؛ أهمها العمل على الفصل بين الدين والسياسة، والتركيز على القضايا التنويرية، وإقناع المصريين بأهمية القوانين الحديثة كنظام تشريعي للدولة، وأن يكون توجه الحزب الاقتصادي هو الليبرالية ودعم حرية الفكر والإبداع. وكان نص أول بيان للحزب هو "نؤمن، نحن أصحاب مبادرة تأسيس الحزب العلماني المصري، بأن المشهد السياسي المصري الحالي يعاني من غياب، وتغييب، لأحد المقومات الأساسية لأي دولة، وهو مبدأ المواطنة. ونرى أن مفهوم المواطنة يجب أن يقوم على أساس عدم التمييز بين المواطنين على أساس ديني أو عرقي أو طائفي ، التزاما بمبدأ حرية الاعتقاد المكفولة دستوريا وهو ما لن يتحقق مادامت هناك مؤسسات دينية تتجاوز دورها الديني، الذي نكن له كل التقدير. غير أن هذه المؤسسات تتعدى دورها لتمارس سلطة سياسية واقتصادية واجتماعية على المواطنين، وهو ما ظهر بوضوح في العديد من المناسبات كالتدخل لمنع البرامج والأعمال الفنية ومصادرة الكتب وخلافه". الداعون لتأسيس الحزب يرون أن البلاد، تمر بمرحلة إعادة تأسيس وتسعى للتحديث، فإنها بحاجة إلى تيار علماني إصلاحي يتبنى قضايا المواطنة على نحو لا لبس فيه. وهو ما نرى تحقيقه بتشكيل حزب يحمل على عاتقه تلك القضايا كبند محوري في برنامجه." وأهم الأسماء في الحزب هم المتحدث الرسمي للمبادرة مؤمن المحمدي، ووكيل المؤسسين هشام عوف هشام عوف وعبد المؤمن مصطفى وهبة شوقي ومؤمن عدلي ورباب كمال. ووجه "الحزب العلماني" عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" انتقادات إلى التيارات الإسلامية قائلاً: "رأينا البعض في انتخابات برلمان ما بعد 25يناير يرفضون وضع صورة المرأة ويستبدلونها بوردة، ورأينا في البرلمان من يتغافلون عن أهم مطالب المواطن المصري وينشغلون بعصبية مذهبية أو خلافات فقهية، ورأينا من يشعل معركة حول هل يكون الآذان تحت قبة البرلمان أم في مسجده! ورأينا من ينشغل بتقنين زواج الفتاة الصغيرة من سن 14 سنة، وسمعنا شعارات ليس لها علاقة بالواقع، ووجدنا من يحتكرون الدين لهم وينصبون أنفسهم وكلاء عن السماء في الأرض! ورأينا في لجنة إعداد الدستور من يرفضون الوقوف للنشيد الوطني، ورأينا الإدعاءات الكاذبة بمختلف الأشكال كمن ادعي اعتداء عليه بينما كان يجري عملية تجميلية! وانتشرت المنابر الإعلامية المحرضة ورأينا من يدعو لغزو الغرب للعودة بالغنائم وحل مشاكلنا الاقتصادية! ورأينا غيرها من المشاهد المؤسفة الكثير! نحلم بحياة سياسية يختفي منها الاتجار بالدين والتلاعب بمشاعر البسطاء!" وأعلن عدد كبير من الكتاب والسياسيين موافقتهم لإنشاء الحزب العلماني ومن بينهم محمد سعد خيرالله، مؤسس "الجبهة الشعبية لمناهضة أخونة مصر"، الذي طالب بدعم ومؤازرة القائمين على تأسيس الحزب العلماني المصري" بدلا من الهجوم الضاري ممن وصفهم ب"كهنة الأزهر ومن حراس التخلف وأباطرة الظلام من السلفيين". فيما هاجم الدكتور على جمعة مفتي الديار الأسبق دعوات إنشاء الحزب العلماني المصري واصفا إياه ب"قلة الديانة". ودخل جمعة، خلال حواره مع برنامج "والله أعلم" المذاع على فضائية "سي بي سي"، في نوبة بكاء على الهواء خلال حديثه عن الأزهر الشريف قائلا: "أشكر إمام المسلمين وإمام أهل السنة والجماعة الدكتور أحمد الطيب وأقول له اثبت فأنت على الحق وكل شعب مصر وراؤك". وأضاف باكيا: "إحنا اللي حمينا البلد دي من الإنجليز، ولم يستطيعوا أن يفعلوا ما فعله الفرنسيون في الجزائر، وأن الشرق والغرب يعرفان مؤسسة الأزهر الشريف، ويعلمان أنها لا تقول سوى الحق". وتابع: "لسنا بصدد الدخول في مهاترات وقلة حياء وقلة ديانة، وليس في بلد الأزهر أن يعلن أحدهم إنشاء حزب الإلحاد والعلمانية، وأن يضرب الدين الإسلامي في مقتل، فالأزهر مؤسسة أهل السنة والجماعة في العالم". ووجه رسالة إلى مؤسسي الحزب العلماني قائلا: "رسالتي إلى العلمانيين ابنوا البلد أفضل، ولا تشغلوا الناس بأمور تشغلهم عن البناء والتنمية والعمران.. اتقوا الله في مصر". ورد عليه الكاتب الصحفي حمدي رزق في مقال له بعنوان "امسح دموعك يا دكتور علي جمعة"، مهاجما إياه بسبب وقوفه ضد إنشاء الحزب. ودافع رزق عن الحزب وعن العلمانيين، قائلاً: "هل رأيت علمانيًا يفسد فيها ويسفك الدماء؟.. هل رأيت علمانيًا يفتى مستحلاً النفس والمال ويتاجر فى الأسيرات اليزديات، ويهدم صوامع وبيعاً وصلوات ومساجد؟ هل رأيت علمانيا يتلذذ بشرب بول الإبل تبركا، أو يحبذ رضاعة الكبير؟! من جانبها، أطلقت "الدعوة" السلفية حملة لمواجهة فكر الملحدين في مصر بعد سعيهم لإنشاء حزب سياسي، وشملت الحملة تخصيص دروس وندوات وحلقات إيمانية وكذلك حملات لطرق الأبواب، بالإضافة إلى تخصيص جزء من خطبة الجمعة لمواجهة الملحدين. كما أطلقت الدعوة موعظة لقيادات الصف الثاني للاستعانة بها في دروسهم وندواتهم تحت مسمى "دلالة الفطرة والعقل والحس على وجود خالق كل نفس". وشملت الموعظة التي نشرت عبر موقع "أنا السلفي" والتي كتبها الشيخ سعيد محمود عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، الحديث حول الإلحاد بهدف مواصلة التحذير من الهجمة الإلحادية التي تتبناها جهات مختلفة لصد الناس عن تعاليم الإسلام ونبذه، وتبني الإلحاد دينا وتشمل نبذة عن الإلحاد وتطوره، وتعريفه بأنه الميل عن الحق والعدول عنه ويشتمل على نوعين أحدهما: نفي وجود الله والثاني: الشرك في ربوبية الله وألوهيته. وهاجم الكاتب مصطفى بكري، "الحزب العلماني" وذلك لإعلانه رفض الهوية الإسلامية وليس لديه مانع من ضم الملحدين، واصفًا إياهم بأنهم "أعداء للوطن والدين والعقيدة، وأن الأزهر الشريف انتفض لهذه القضية". وأوضح بكرى أن هذه أفكار هدامة وخطر على الأمن القومى وتنال من استقرار البلاد، متابعًا: "ضمن مطالب هذا الحزب المارق الذى يشكله مجموعة من المجانين الحق فى الإلحاد". واستطرد: "إحنا بنحذر هذه المجموعة الملحدة العميلة بأن الشارع المصرى لن يسكت عليهم، والأسماء المعروفة هتتعاير فى كل مكان على أرض مصر وأسرها اللى معرفتش تربيها، واللى عايز يلحد يذهب إلى الجحيم". كما نشبت مشادة كلامية بين الإعلامية رولا خرسا ومؤمن محمدي، المتحدث باسم الحزب العلماني المصري، وذلك بعد اعتراضه على اقتراح الإعلامية بفتح باب المداخلات الهاتفية للخبير القانوني الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق، من أجل استفسار قانوني. وحاولت "المصريون" التواصل مع هشام عوف وكيل مؤسسي الحزب لكنه لم يستجب للحديث، قائلاً إنه ملتزم بقرار الحزب بعدم الإدلاء بأية تصريحات صحفية خلال هذه الأيام. ويقول الدكتور منصور مندور كبير الأئمة بوزارة الأوقاف إن إنشاء حزب "الحزب العلماني "هو مفسدة كبيرة على المجتمع وعلى الجميع التكاتف ضد هذه الأفكار العلمانية التى تحاول فصل الدين عن السياسة". وأضاف مندور في تصريحات إلى "المصريون": "المشكلة التي تقابل الأزهر في مواجهة هذه الأفكار هي أنها ليست لها سلطات قانونية أو سياسية للوقوف ضد هذه الأفكار وستكون المواجهة مقتصرة فقط على تحذير المجتمع من خطورة هذه الأفكار". وأشار مندور إلى أن "الأزهر الشريف يؤمن بالتعددية الفكرية والسياسية ولكنه لايؤمن بالإلحاد الذي لا يتناسب مع المجتمع" موضحًا: "تشجيع الناس للإلحاد شيء خطير". وتابع :"لابد من لديه غيرة على الدين أن يتشاور مع النظام معهم لوقف تقنين الفكر العلماني في مصر فالإلحاد هو إنكار وجود الله فهم يريدون فصل الدين عن الدولة ويحذون حذو كمال الدين أتاتورك وغيره مما أساءوا إلى الإسلام". ومضى قائلاً: "ليس لدى الأزهر إلا أن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل في من أوجد هذه الأجواء ونشر مثل هذه الأفكار العفنة في المجتمع فشجعت فترة سقوط جماعة الإخوان المسلمين على إطلاق الحكم بالكامل على الإسلام السياسي والإبعاد عن الدين". من جهته، قال خالد متولي عضو حزب "الدستور":" لا مانع من تأسيس حزب علماني في مصر مادام هناك أحزاب دينية مؤسسة فلا مانع من تأسيس أحزاب علمانية". وأضاف: " الدستور يسمح بالتعددية في إنشاء الأحزاب و مثل هذه الأحزاب له دلالة قوية وهي أن المجتمع بدأ يتقبل أفكار جديدة عليه". وأشار إلى أن "الأحزاب الإسلامية فقدت ثقتها مع المواطنيين مما اضطر المواطن إلى البحث عن أحزاب جديدة يثق به".