عندما قامت ثورة يناير حاول الإخوان مع المجلس العسكري تحويل مصر الي جمهورية برلمانية، و لكن المجلس رفض و أصر علي النظام الرئاسي، ثم أدي التفاوض إلي جعل مصر جمهورية رئاسية برلمانية، بمعني أن يكون رئيس الجمهورية بالانتخاب و له اختصاصات محددة و أن يفرز البرلمان المنتحب شخصية رئيس الوزراء من الكتل و الأحزاب الفائزة بأكثرية مقاعد البرلمان. وهناك قواعد محددة يمكن بها للبرلمان إقالة رئيس الجمهورية. حدث هذا في دستور الإخوان و كذا في دستور 2013 بعد سقوط الإخوان. و لكن يبدو أن هذه النصوص صعبة إن لم تكن مستحيلة التطبيق. الرئيس دائما يحاول السيطرة علي البرلمان!!.. عندما انتخب مرسي كان البرلمان منحلا بحكم المحكمة الدستورية، حاول مرسي إعادة البرلمان و لكنه لم ينجح فأسند التشريع لمجلس الشورى. حاول مجلس الشورى وقتئذ بأغلبيته الاخوانية صيغة قوانين مباشرة الحقوق السياسية و تقسيم الدوائر بما يحقق مصلحة الإخوان حتي يأتي رئيس وزراء إخواني في طريق الأخونة و التمكين، و لكن القوانين ردتها المحكمة الدستورية حتى قضي مرسي عام حكمه بلا برلمان !!!...بعد 30 يونيو صرحت بعض الأحزاب و منها حزب النور و الوفد و المصريين الأحرار و التيار الشعبي أنها ستسعي للفوز بأغلبية البرلمان حني يمكنها ترشيح رئيس للوزراء يتقاسم السلطة مع السيسي. و لكن يبدو أن واضعي القوانين يحاولون تحجيم الأحزاب و الكتل البرلمانية و يحاولون أن يكون البرلمان القادم أغلبيته من المستقلين، و بخاصة بعد عودة نواب الوطني و المال السياسي. هناك دائما فزاعة الإخوان، و هي الفزاعة التي استخدمها مبارك خلال 30 عام مبررا استمرار الفساد و الديكتاتورية و تزوير الانتخابات. الأخوان بالطبع يجيدون لعبة الانتخابات إجادة تامة تجعلهم يظهرون بقوة أضعاف قوتهم الأصلية. صحيح أن فوبيا الإخوان الآن عالية جدا عند قطاعات كبيرة من الشعب المصري من عودة الأخوان سواء لما لاقاه شعب مصر من استقطاب حاد و انعدام الإنجاز و خلف الوعود و هم في الحكم أو لسلوكهم طريق العنف أو الدعوة إليه بعد 30 يونيو، و لكن السؤال إلي متي ستظل فزاعة الاخوان حائلا دون الديموقراطية و دولة المؤسسات الدستورية . السيسي يحاول جاهدا و معه حكومة محلب أن يحقق إنجازات حقيقية يشعر بها المواطن المصري اقتصاديا و اجتماعيا رغم الظروف المعاكسة الكثيرة مثل التفجيرات و الإرهاب و الحرب في سيناء ضد الجماعات المسلحة علاوة علي المشكلات الاقتصادية و الاجتماعية المعقدة و المتراكمة، بالإضافة إلي المشكلات الإقليمية و العالمية المؤثرة في الحالة المصرية، و لكن المواطن المصري لم يشعر بتحسن حقيقي ملموس في حياته اليومية، بالإضافة إلي الاستفزاز الوطني ببراءة مبارك و نظامه كله علاوة علي انتهاكات الشرطة التي ظهرت بوضوح بمقتل شيماء الصباغ التي تعيد للأذهان شرطة حبيب العادلي. هذا كله أدي إلي ضجر و تخوف من المستقبل السياسي و الاقتصادي الاجتماعي. و تبقي النصوص الدستورية في حاجة إلي مناخ يسمح بالتطبيق الجاد من أجل تحقيق الشفافية و الحكم الرشيد و هو ما يرجوه الشعب المصري بعد ثورتي يناير و يونيو.