جهة سيادية تخير قادة الجماعة بين الإعدام والتخلي طواعية عن عودة مرسى مخاوف بالداخلية من تحولها لكبش فداء بعد تحميل محمد إبراهيم مسئولية فض رابعة
تجدد الحديث عن مبادرات للمصالحة بين الدولة وجماعة "الإخوان المسلمين"، إثر الأنباء التي ترددت عن طرح قيادات الجماعة بسجن العقرب شديد الحراسة بطره مبادرة وقع عليها المهندس خيرت الشاطر، النائب الأول للمرشد، والرجل القوي بالجماعة تطوي صفحة الرئيس المعزول محمد مرسي، ويقبل بموجبها أنصاره الحصول على ديات لضحايا فض اعتصامي "رابعة" و"النهضة"، وكل من قتل خلال الأحداث السابقة واللاحقة على عملية الفض. وبحسب مصادر، فإن المبادرة تتضمن الإفراج عن قادة الجماعة المسجونين، بمن فيهم الرئيس المعزول محمد مرسي، والدكتور محمد بديع، المرشد العام للإخوان المسلمين ونائبه خيرت الشاطر، مع إيجاد تسوية لجميع الأحكام القضائية العنيفة التي صدرت بحق قادة الجماعة وحلفائهم، وعودة الجيش لثكناته، وإبعاده والقضاء عن العمل السياسي. ووفق المصادر ذاتها، فإن المبادرة صدرت بتنسيق بين قادة الإخوان في السجون، وقيادات الجماعة وتنظيمها الدولي بالخارج، تمهيدًا لطرحها بشكل رسمي على الدول الكبرى، لحشد الدعم لهما، لوضع حد للمواجهة المستمرة منذ نحو عامين بين الجماعة والدولة. وقال حسين عبدالرحمن، مؤسس حركة "إخوان بلا عنف"، إن التنظيم الدولي للإخوان لعب دورًا كبيرًا في المبادرة التي أطلقتها قيادات الجماعة بالسجون للمصالحة مع الدولة، مرجعًا ذلك إلى أن الخسائر الفادحة التي تعرض لها التنظيم هي ما دفعته للوقوف بكل قوة وراء طرح المبادرة. وأضاف: "التنظيم الدولي يوشك أن يتعرض لأزمة مالية كبيرة جراء الحصار المضروب عليه من دول الخليج، وبالتالي فهو راغب بقوة في إيجاد اختراق مهم في الأزمة مع الحكومة المصرية، بما يؤدي إلى استعادة أرضيته بالخليج التي تضررت كثيرًا خلال المرحلة الأخيرة". وتابع "ضغوط التنظيم الدولي هي ما دفعت قيادات الإخوان للتنازل عن عودة مرسي، والاكتفاء بالحصول على ديات لضحايا رابعة والنهضة، مقابل عودة الجماعة للمشهد وهو ما كان يواجه مقاومة من رموز التيار القطبي الذين تكرست لديهم قناعة بأن الاستمرار في تحدي الدولة سيقود الجماعة لكارثة". إلى ذلك، ربط محللون بين إطلاق الإخوان المبادرة، وضغوط أمريكية متصاعدة تمارس على الجماعة والدولة لإقرارها، وهو ما دفع النظام بالإيعاز إلى الأحزاب الليبرالية والعلمانية الموالية له لتوجيه انتقادات لأي عروض للمصالحة مع الجماعة، وهو ما ظهر جليًا في إعلان السيد البدوي رئيس حزب "الوفد"، ومحمد أبوالغار رئيس الحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي" وعدد من القيادات السياسية رفضهم لأي مصالحة مع "الإخوان" لتوصيل رسالة مفادها بأن "الشعب هو مَن يعارض المصالحة مع الدولة". وذكرت نفس المصادر أن المبادرة الإخوانية للمصالحة والتي عرضتها دوائر على المجلس الأعلى للقوى المسلحة قوبلت برفض المجلس بشكل صارم، حيث نجحت الأغلبية المتشددة في فرض وجهة نظرها على الداعمين لتسوية وسط مع "الإخوان"، بشكل أغلق الباب ولو مؤقتًا لإمكانية تحقيق المصالحة بين الدولة والجماعة خلال المرحلة القادمة. ولم يكتف المجلس العسكري برفض أي ضغوط أمريكية لتحقيق المصالحة مع الجماعة، بل أن جهات سيادية أبلغت قادة الإخوان في السجون بأن رقاب قيادات الجماعة ستعلق في المشانق حال عدم تخلي الجماعة بشكل طوعي وبدون مساومات عن مطلبي عودة مرسي ومحاسبة المسئولين عن فض اعتصامي "رابعة" و"النهضة". ولم تجد رسالة الأجهزة السيادية استجابة لدى قادة "الإخوان"، الذين رفضوا بشكل مطلق التخلي عن عودة مرسي للسلطة "بدون ثمن"، وطالبوا بعقد اتفاق مع الدولة يتضمن منح تعويضات لضحايا "رابعة والنهضة"، ومحاسبة المتورطين في فض اعتصامي "رابعة" و"النهضة" ودمج الجماعة في العملية السياسية". ورجحت مصادر مطلعة، أن تشهد المرحلة القادمة حملة إعلامية بتعليمات من جهات سيادية، لإلصاق عملية الفض بوزارة الداخلية والوزير السابق محمد إبراهيم، ما فسرته بالسماح للأخير بمغادرة البلاد لأداء العمرة، والتي قد تمتد بحسب قولها لأجل غير مسمى، ما يتيح للدولة اتخاذ إجراءات متشددة ضده، تتضمن تحميله كامل المسئولية عما جرى خصوصًا بعد تقديم 407 بلاغات للنائب العام للمطالبة بفتح تحقيق معه في تجاوزات ومخالفة قانونية خلال العامين الماضيين. وعززت حملات الهجومية التي تشنها الصحف المؤيدة للسلطة الحالية ضد وزارة الداخلية، والحديث عن ملاحقة الوزير السابق ومحاولة البعض تقديم الشرطة ككبش فداء المخاوف داخل الجهاز الأمني، في ظل توجس بأن حملة التصعيد حظيت بضوء أخضر من قبل أجنحة بالحكم. من جانبه، رجح الدكتور أنور عكاشة، القيادي البارز في جماعة الجهاد وجود مصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان وحلفائه خلال المرحلة القادمة في ظل استمرار الضغوط على الدولة لإقرار هذه المصالحة، لاسيما أن هناك عديدًا من الدوائر الأمريكية والغربية ترى أنه لا استقرار في مصر بدون دمج التيار الإسلامي في الحياة السياسية. وأضاف "كل أطراف المعادلة السياسية يرون أن المصالحة بين الإخوان والدولة هو شر لا بد منه رغم توتر العلاقات بين الطرفين"، معتبرًا أن "الضغوط التي تمارس ضد جماعة الإخوان حاليًا ما هي إلا مسعى لإجبارها على الموافقة على مصالحة بشروط الدولة وهو ما ترفضه الجماعة حتى الآن".