«الترابين» تدق ساعة الثأر.. 50قبيلة تؤيد وتتوعد الإرهابيين.. التنظيمات المهددة تترنح.. والأمن: الثأر دورنا أرضٌ روت بدماء طاهرة وحملت على أعناقها حروبًا ومواجهات، وزرع الخسيس ألغامًا ظلت لسنين محفورة في أرجائها حتى تخلصت منها، ولكن ظل اللغم الأكبر فيها يزيد يومًا بعد يوم؛ بسبب إهمال أرضها وتهميش أهلها وعدم تنميتها على مدار سنين طويلة من تحريرها، ظلت أرض الفيروز فيها تقوم على جهد قبائلها الذين لم يتهاونوا يومًا في الحفاظ عليها جنبًا إلى جنب مع الجيش والشرطة المصرية، لكن تضاريسها القاسية وإهمالها، وخاصة منذ تولي الرئيس المعزول محمد مرسي، اتخذت الجماعات التكفيرية جبال سيناء مخبًأ لكل ما يحول بين سلامها وأمنها حتى زعمت عدد من الجماعات التكفيرية عن وجودها داخل سيناء مثل "ولاية سيناء" و"بيت المقدس"، ومنذ ذلك الوقت دق ناقوس بدء الحرب على الإرهاب والتي مازالت مستمرة ومرت بعدة مراحل وخسائر بين رجال الجيش والشرطة، وخسائر معنوية ومادية لأهالي سيناء، ما دفع القبائل يثأرون لأرضهم وللشعب ولقوات الجيش والشرطة. عانت القبائل السيناوية منذ بدء الحرب على الإرهاب، من تهجير وهدم للبيوت وأزمات تجارية، بسبب ما آلت إليه الظروف، وتمديد وتقليص ساعات الحظر الذي يرفضه أهالي سيناء شكلًا وموضوعًا، مؤكدة أن ساعات الحظر هي الفترة التي تزداد فيها العمليات الإرهابية، ومن يعاني منها فقط هم أهالي سيناء، الذين يظلون محاصرين بين حوائط، مجهول ما حولها، وأن الهجوم في سيناء مستمر ورغم قوة الجيش ودوره الكبير في محاربة الإرهاب إلا أنه لم تتم السيطرة بالشكل الكامل على وضع سيناء، لصعوبة تضاريسها، وتوجد خسائر في صفوف الجيش وخسائر أيضًا لدى التكفيريين، وذلك ما زاد غضب قبائل سيناء للقضاء عليه ومنهم مَن طالب بالتطوع في صفوف الجيش، ومنهم مَن فضّل الثأر ودفعهم للدخول في حرب على الإرهاب. وقال منسق عام قبائل شمال سيناء الشيخ نعيم جبر، إن الحظر مرفوض شكلًا وموضوعًا، ولم يضف شيئًا لأهالي سيناء بل زاد معاناتهم، مشيرًا إلى أن كل العمليات الإرهابية تحدث أثناء ساعات الحظر. وأضاف «نعيم»، في تصريحات خاصة ل«المصريون»، أن الحظر يسبب تعطيلًا لكل مشاغل أهالي سيناء، وحتى المنتجات الزراعية التي يصعب وصولها بسهولة، وأيضًا حركة التعليم والتجارة، مطالبًا برفع الحظر. الأمر الذي أيده عدد كبير من أهالي سيناء، معلنين استياءهم وحزنهم على كل الشهداء الذين يسقطون يوميًا من الجيش والشرطة والحال الذي تمر به سيناء لأربع سنوات متتالية. غير أن الجماعات التكفيرية استباحت حرمات بيوت القبائل وقتلوا رجال من القبائل ويقومون باستقطاب الشباب السيناوي ويحرضون بمنشورات كثيرة على السلطة. دقت ساعة الثأر لكن جاء اليوم بعد أن بلغ الصبر مداه أمام ممارسات الجماعات المتطرفة، التي تحسب نفسها على الإسلام ظلمًا وعدوانًا، فقتلوا الرجال بتهم ملفقة، واستباحوا الحرمات وهدموا البيوت، واستقطبوا الشباب تحت شعارات مزيفة، وحولوا الأرض المقدسة المباركة إلى ساحة حرب، في خدمة أجندات خارجية وداخلية تستهدف تفكيك المجتمع وعزل سيناء عن الوطن الأم، وتمادوا في غيهم وانحرافهم الديني والأخلاقي والاجتماعي، ضاربين بالعادات والتقاليد والعرف عرض الحائط، فكانت رموز القبائل وكبارها أهدافًا لبنادقهم المسمومة، وكانت الحناجر الرافضة لإرهابهم مساكن لسكاكينهم المسنونة، واتخذوا من الأهالي دروعًا يتترسون بهم في عملياتهم المشئومة، حتى وصلوا إلى مكان ينتهي فيه السكوت. هذا ما أعلنته قبيلة الترابين، التي تعد أكبر قبيلة على أرض سيناء، التي أوضحت أن الجماعات التكفيرية تعدت على حرمات بيوت القبيلة؛ حيث قالت في بيانها، إنه بعد التعدي الغاشم مما يسمى ب«ولاية سيناء» على الحرمات التي دونها الرقاب، أصبح بيننا وبين التنظيم ثأرٌ لن يهدى ولن يستكين، إلا بالانتقام ممن استباحوا حرمة النساء والبيوت، والوصول إليه حيًا أو ميتًا، فلقد اتخذ الأمر منحنى «قبليًا». وعليه دعت القبيلة كل أبناء قبائل سيناء، لتوحيد الصف والتصدي لهذا التنظيم الذي بات يهدد كل الوطن وليس سيناء فقط، وأن يكون التصدي فعلًا وليس قولًا، حتى ننهى الأمر الذي بدأوه، ونخلص الوطن من هذا "الورم السرطاني" الذي تفشى في جسد سيناء، متخيلة أن أبناء المجاهدين سوف يسمحون له بتنفيذ المخططات التي - بحسب القبيلة - أنها تعرفها جيدًا وتعلم مَن يقف وراءها. ووجهت تحذيرًا للتنظيم بأنه كتاب مفتوح بالنسبة لهم، فكرة وأشخاص ومخططات، ويجب أن ينتظر ردًا مؤلمًا يستفيق معه من غيبوبته، ويدرك أن لسيناء رجالاً تحميها. ويعرف عن بدو سيناء منذ حرب أكتوبر كفاءتها في القتال ومحاربة أي عدو كان، وتذكر كتب التاريخ كل البطولات التي قامت بها شيوخ وشباب سيناء مع الدولة أثناء حرب أكتوبر وبعدها. ولقي قرار القبيلة تأييدًا من عدد كبير من القبائل والتي - بحسب تقارير- أكدت أن 50 قبيلة من قبائل شمال سيناء أبدت تأييدها وتبريكها للمبادرة التي انتقلت من قبيلة "الترابين" المصرية لتشكيل ميليشيات شعبية لمواجهة الإرهابيين التكفيريين هناك. ويعد هذا التحرك القبلي اعترافًا ضمنيًا بأن هناك مشكلة حقيقية تواجهها أجهزة الأمن في سيناء٬ بعد الحوادث المتكررة والخسائر البشرية في صفوف الجيش والشرطة خلال الفترة الماضية؛ مما سيسهل الجهود الأمنية التي تقوم بها ميدانيًا٬ بسبب استغلال بعض العناصر الإرهابية الأهالي والتخفي بينهم واستطاعت الابتعاد عن أعين الأمن. صحوة أفعال لا أقوال واعتبر المحللون أن القرار نقطة تحول مهمة في مواجهة الإرهاب بسيناء، وأشاروا إلى أن مشاركة القبائل سوف تسقط الحاضنة الشعبية التي يحتمي بها التنظيم، ويسهل على الأمن اصطياد قيادته وأعضائه. وأكد الشيخ عبدالعال أبو السعود، عضو المجلس القومي للقبائل العربية في تصريحات صحفية، أن أهالي سيناء قرروا بشكل نهائي إعلان الحرب علي الإرهابيين، ليستطيعوا مواصلة حياتهم التي دمرها التنظيم، مشيرًا إلى أن الوضع الاقتصادي بسيناء صعب، والأهالي لا يستطيعون الزراعة أو العمل في ظل الهجمات الإرهابية والهجمات الأمنية التي تتصدى لها. فيما رأى البعض أن ما آلت إليه الأوضاع، بسبب وجود خلل أمني، وضعف في جهود الدولة لاحتواء الشباب في هذه المنطقة القبلية، وبالتالي تركهم عرضة للاستقطاب من قبل الجماعات الإرهابية. وفي هذا الشأن، قال منسق عام قبائل شمال سيناء نعيم جبر، إن قرار القبائل التي ستثأر مما يسمى ب «ولاية سيناء»، نريد أن نراه على أرض الواقع ليس من خلف الشاشات، مؤكدًا أن هناك فجوة أخذت مكانًا بين القوات المسلحة وأهالي سيناء بسبب عدم اعتمادها على رموز من القبائل في محاربة الإرهاب. وأوضح «جبر»، أن مثل هذه القرارات ظهرت لأن القوات المسلحة كان أولى لها أن تقترب من المجتمع السيناوي عن كسب، والاختلاط بهم، والاعتماد على رموز القبائل والشباب الشرفاء من أهل سيناء، موضحًا أنه يتم الاعتماد على شباب لا يمثل القبائل. وأضاف أنه على القبائل أن تقوم بأفعال، قائلًا: «نريد أن نرى الأفعال في الميدان». قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق، إن سيناء في حاجة لأساليب متعددة للتعامل مع الوضع الراهن الموجود هناك، الملف الأمني وحده لم يعالج مشاكل سيناء، فلابد من وجود ملفات أخرى كسياسية ودينية وغيرها. وأضاف «صادق» أن استراتيجية مكافحة الإرهاب في مصر غير معلنة وتفتقد الخبرة، ولا توجد خطة مُعدة أو مُحكمة من قِبل الأجهزة المعنية تستطيع أن تساهم في حل مشكلة سيناء، موضحًا أن هناك مافيا دولية وإمدادات دولية تساعد في تهريب الأسلحة؛ ما يساهم في تدهور وضع سيناء بجانب الإرهاب الداخلي، كما أن هناك أجهزة مخابرات لها مصلحة في تدهور حال مصر. من جانبه، قال اللواء دكتور محمود محيي الدين، الباحث السياسي في الشؤون الأمنية والإقليمية، إن هناك أطرافًا دولية وإقليمية تتدخل في تشكيل الوضع بسيناء. وطالب «محيي الدين» الجهات السيادية، بأن تصدر قرارًا بالعفو العام عن القضايا الجنائية لأبناء سيناء. بيت المقدس وولاية سيناء.. تنظيمات تترنح الأمر الذي اهتزت التنظيمات الإرهابية له وتوعدت بأصوات مترددة وبالتخويف، زعم تنظيم بيت المقدس الإرهابي، قيامه بنصب كمينين في مدينة رفح والشيخ زويد، للبحث عن المتعاونين مع الأجهزة الأمنية من أبناء محافظة شمال سيناء، خاصة بعد إصدار قبيلة الترابين بيانًا طالبت فيه قبائل سيناء بالتكاتف مع الأجهزة الأمنية للدولة لمواجهة إجرام الجماعات الإرهابية المسلحة. وأكد أن تلك الهجمات تأتي في إطار الثأر لما وصفهم بالمجاهدين من أبناء التنظيم الإرهابي التي نجحت الأجهزة الأمنية في تصفيتهم خلال الفترة الماضية. واستكمالًا للمحاولات الفاشلة للتنظيمات الإرهابية في سيناء، انضمت ما تسمى ب«ولاية سيناء» للرد على مبادرة القبائل بأنها نشرت صورًا توضح أعضاء التنظيم يوزعون بيانًا للحصول على مبايعة المواطنين في سيناء، وتهديدهم من التعاون مع الجيش، ليست المرة الأولى بل قامت عدة مرات بتوزيع بيانات للحصول على بيعة السيناوية أو تهديدهم من معاونة الجيش. عسكريون: القبائل لها الحق في الثأر.. والداخلية هذا دورنا أكد اللواء يسرى قنديل، الخبير العسكري وقائد القوات البحرية في حرب أكتوبر، أن الدعوات التي أطلقتها قبيلة الترابيين بشمال سيناء بأخذ الثأر من تنظيم «ولاية سيناء» لهم الحق فيها نتيجة للاعتداء المتكرر من هذا التنظيم الإرهابي وقتل أبنائهم وتشريد أسرهم. وأضاف «قنديل»، ل«المصريون»، أن نظام الرئيس المخلوع مبارك هو السبب الرئيسي في مثل هذه الدعوات بعد أن جرّف العقول ودمّر الزراعة والتنمية في محافظات الجمهورية عامة وسيناء بصفة خاصة، ونتيجة لتردي الأوضاع في سيناء يخلق مثل هذه الدعوات بأن كل قبيلة تحمل السلاح للأخذ بالثأر. وأشار «قنديل» إلى أن حالة القهر والظلم للمواطنين تزرع الحقد والكراهية وتحث على العنف وعدم الانتماء للوطن وتفتح أبواب الإرهاب والقتل وكل هذه الأسباب نتيجة لعدم وجود تعليم جيد ولا حياة كريمة للمواطنين. وأوضح أن قبيلة «الترابين» من أعرق القبائل في سيناء ومشهود لها بالوطنية، وكانت دائمًا داعمة للجيش على مر العصور وخاصة في حرب أكتوبر المجيدة ولهم الحق في التعامل مع تلك التنظيمات الإرهابية. من جانبه، أكد اللواء حسن الزيات، الخبير العسكري، أن أهالى سيناء شرفاء، وهم مَن يحافظون على أرض سيناء وقبيلة الترابيين من أقدم القبائل وأعرقها في الشمال والجنوب، ودائمًا قائدة في الدفاع عن الأرض ولابد من إعطائهم الحق في التنمية والمشاركة الاجتماعية والسياسية. وأضاف «الزيات» أن قبيلة «الترابين» لها الحق في الدفاع عن نفسها ومواجهة الإرهاب الذي طال أبناءها ونساءها ودمر منازلها وتعدى عليها، ولكن بالتعاون مع أفراد القوات المسلحة والشرطة المدنية حتى لا يكون هناك فرصة لفتح الباب لحمل السلاح لعدد من الأفراد ويسود الاقتتال في البلد. وأشار إلى أن جماعات الإرهاب والتطرف دخلاء على سيناء نتيجة للظروف التي مرت بها البلد في الفترة الماضية وبتعاون أهالى سيناء الشرفاء والقبائل الوطنية مع القوات المسلحة والشرطة سيتم القضاء إلى جذوره.