الصدفة وحدها قادته إلى أن يكون بالقرب من مبنى الإذاعة والتليفزيون في ذلك اليوم الذي وقعت فيه أحداث ماسبيرو يوم الأحد قبل الماضي، فقد كان قادما من دمنهور إلى القاهرة لأجل التقدم بشكوى خاصة به لإحدى المصالح الحكومية، القريبة جدا من موقع الأحداث، وكان شاهدا منذ البداية على الأحداث منذ تجمع المتظاهرون الأقباط بصورة سلمية، حتى تحول مسارها مع قدوم مجموعة من ناحية كوبري أكتوبر كانت تحمل أسلحة نارية وأسلحة بيضاء وقاموا بالتعدي على عناصر الجيش التي كانت تقوم بتأمين المكان والمتظاهرين. وقال علاء سعيد عوض ل "المصريون"، إنه وقف يتجاذب أطراف الحديث مع عدد من الأقباط في بداية التظاهرة، حيث كانت لا تزال آنذاك سليمة وذلك حول دوافعهم للتظاهر ومطالبهم، فأكدوا أنهم يطالبون بحقوق لهم وينددون بما أشيع عن هدم الكنائس واضطهادهم. وأضاف: بالرغم من أنه لم يكن بين هؤلاء المتظاهرين من يحمل أي أنواع من الأسلحة، وكل ما كانوا يحملونه صلبان ومجموعة من المنشورات التي تحمل مطالبهم، إلا أنه كان واضحًا من الحديث معهم أن هناك نية مبيته لديهم وإجماع لدى الأغلبية منهم على إثارة مشاكل واقتحام مبنى الإذاعة والتليفزيون والصدام والتعدي على أفراد الأمن بالمنطقة من عناصر الجيش والشرطة. وتابع: لم يكن هناك بلطجية بين هؤلاء المتظاهرين، حيث أنه كان واضحًا لكل من كان بالمظاهرة أنهم مواطنون عاديون، لكن كان هناك عناصر تقوم بعملية شحن دائمة للمتظاهرين من أجل القيام بتلك التعديات، ومن أبرز هؤلاء القس فلوباتير جميل، الذي عرف اسمه من المتظاهرين، وكان إلى جواره بعض الأشخاص الملازمين له دائما، وممن بدا أنهم أشخاص ميسوري الحال كما بدا على مظهرهم. واستطرد الشاهد في روايته ل "المصريون" قائلا: المشهد كان هادئا على الرغم من حالة الشحن للمتظاهرين بالحديث عن أن "البلد بلدهم"، وأن على المسلمين "الضيوف" أن يكونوا "محترمين وإلا فسيحدث ما لا يحمد عقباه"، بعد أن شكا هؤلاء من تعرضهم للاضطهاد، والتعدي على كنائسهم دون أن يتم تطبيق القانون على من يقوم بذلك، حسب ما نقل عنهم. وظل المشهد هادئا رغم التسخين اللفظي- كما يروي- دون حدوث أي صدام مع عناصر الجيش والشرطة إلا أن قدمت مجموعة كبير من الأقباط يحملون الصلبان من ناحية كوبري 6 أكتوبر قادمين من اتجاه ميدان التحرير، ولم يمض سورى ربع ساعة حتى التحمت هذه الحشود مع المتظاهرين، وكان واضحا أن عناصر كثيرة منهم يحملون أسلحة نارية وأسلحة بيضاء وسيوف وعصي وأكياس كانوا يخفون فيها أشياء لم يعرف ما بداخلها. وأضاف إن تلك الحشود قامت بقطع الطريق ومحاولة كسر الحواجز التي وضعتها القوات الأمنية بالمكان، رافضين الانصياع لتحذيرات العناصر الأمنية بعدم التعدي على الحواجز وعدم قطع الطريق العام، ليحدث نوع من الشد والجذب وبدأ الصدام والاشتباكات من جانب هؤلاء الأشخاص المسلحين، وتوالت الأحداث بشكل متسارع في وقت قصير جدًا وبدأ أطلاق النار من جانب هذه العناصر ثم حدث ما حدث. وقال إنه سارع على الفور بالخروج من المنطقة خوفًا من أن يناله طلق ناري، أو يتم إلقاء القبض عليه في الأحداث، ومن ثم سافر سريعا إلى دمنهور، لكنه أصيب بالصدمة عندما جلس يشاهد برامج "التوك شو" وتغطية العديد من الفضائيات للأحداث، بعد أن قامت بتحميل عناصر الأمن من الجيش والشرطة المسئولية كاملة، واتهمتهم بأنهم قاموا بسحل المتظاهرين الأقباط وإطلاق الرصاص الحي عليهم. وهو ما نفاه بشدة، وقسم بالله أن هذا ليس صحيحا علي الإطلاق وأن المسلحين الأقباط هم الذين قاموا بالتعدي أولاً على الأمن، وأضاف أنه هم مسرعًا وقام بالاتصال بعدد من البرامج وكان أولها برنامج "العاشرة مساء" على فضائية "دريم" حيث أوضح في مداخلة مع المذيعة مني الشاذلي بأنه أحد الشهود على تلك الأحداث وأنهم عايشها منذ بداية اليوم، وأنه يريد أن يقول شهادته كاملة. وأضاف: "عندما استطردت في الحديث ووصلت عند نقطة معينة في شهادتي قامت ب "الغلوشة" عليّ وقطعت الاتصال"، مشيرا إلى أنه كان واضحا في باقي البرامج الأخرى ومنها "90 دقيقة" على "المحور" و"ناس بوك" على "روتانا مصرية" التحيز التام لوجهة نظر واحدة وتحميل عناصر الأمن المسئولية وعدم أإراز حقيقة ما حدث في مشهد ممنهج وواضح وخاصة لمن شاهد الأحداث. وأوضح أنه علم وقتها أن ما تقوم بهذه البرامج هو "اقتناص الفرصة" في محاولة للنيل من الجيش على الرغم من أنه كان المجني عليه، ومحاباة الأقباط، عبر الزعم بأنهم كانوا ضحية القمع وما إلى ذلك، وأنهم لا يسمحون بأي رواية تتناقض مع تلك المزاعم، حتى ممن قام وبادر بالاتصال بهم وكان شاهد علي الحادث. وأكد أنه لذلك قام بتقديم بلاغ للنائب العام – تحت رقم 10456- ضد المذيعات مني الشاذلي وريهام السهلي وهالة سرحان يتهمهن فيه بتأجيج الفتنة الطائفية، والتحيز لطرف على حساب الآخر في أحداث ماسبيرو، مشيرا إلى أن النائب العام قام باستجابة فورية للبلاغ وقام بفتح تحقيق فيه على الفور والاستماع لأطرافه. في غضون ذلك، كشف هيثم أبو خليل مدير مركز "ضحايا لحقوق الإنسان" أنه استمع لشهادات عدد من العاملين بمبنى الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو"، وأكدوا له أن مصاعد وطرقات كانت مليئة بجثث المجندين من قوات الجيش، مقدرين عددها بالعشرات. وأشار إلى أن بعض كبار الشخصيات السياسية المرموقة –رفض ذكر اسمها- كانت متحاملة على القوات المسلحة بعد أحداث الأحد الدامي أمام ماسبيرو، لكنها تراجعت عن ذلك بعد أن تأكدت من استشهاد ما يقرب من 66 مجندا من القوات المسلحة، مما جعلها تتراجع عن موقفها ضد الجيش. وأضاف إن هناك لحظة غائبة في كل التسجيلات التي عرضت، وهى اللحظة الأولى التي تم فيها إطلاق النار على القوات المسلحة، متوقعا أن يكون سقط في تلك اللحظة الشهداء من المجندين. وأعرب أبو خليل عن اعتذاره للقوات المسلحة لتحامله عليها قبل معرفته بالسبب الحقيقي لفقدان الجيش أعصابه، بعد أن اكتشف أن هناك ما يقرب من 66 مجندا شهيدا في أحداث ماسبيرو. يذكر أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة رفض الإفصاح عن أعداد الشهداء من المجندين حفاظا على الروح المعنوية للقوات المسلحة.