بعد أحداث سبتمبر 2001 مباشرة كتبت مقالا بعنوان ( أحداث سبتمبر عند قوم فوائد ) نشر في موقع إسلام اون لاين وقلت فيه إن هذه الأحداث على سوداويتها سوف تحمل لنا نحن المسلمين أخبارا سارة متمثلة في إقبال المواطنين في الغرب على التعرف على الإسلام ، كما أنها ستشكل فرصة للمسلمين لكي يراجعوا مواقفهم من قضايا عدة تم تأجيلها ، وسوف تجعل الحكومات الغربية تتعامل مع المسلمين والإسلام عبر حوار مباشر وليس عن طريق الحكومات ! واليوم أكرر أن ما حدث مؤخرا من إساءة للنبي صلى الله عليه وسلم على يد الصحيفة الدانمركية وردة فعل المسلمين في أنحاء العالم عليه سيؤرخ له التاريخ الحديث وأستطيع أن أسميه بالتجربة الدانمركية وعندي أسباب كثيرة من بينها : - نجح المسلمون عوامهم ورموزهم في تفعيل القضية وتبني الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تقوم الدول العربية والإسلامية بتهميشها كما فعل السيد الشيخ طنطاوي ! - للمرة الأولى يكون تأثير المقاطعة فوريا وفاعلا وقويا بشكل أذهل الجميع - للمرة الأولى تشكو دولة أوربية من تداعيات موقف إسلامي فقد تعودنا أن نشكو ونبكي دائما - فعلت الدانمرك ما في وسعها لاحتواء الأزمة وفشلت وبدأت في البحث عن وسيط وهذا يدل على عمق المأزق الذي تواجهها دولة أوربية بحجم الدانمرك. - لم تفلح الحملات التضامنية التي قامت بها مخابرات بعض الدول المتعصبة ضد الإسلام مثل نيوزيلندة وايطاليا وفرنسا بالطبع ، لم تفلح جميعها في زعزعة الموقف الإسلامي بل زادت في صلابته. - دفعت الأحداث وتطوراتها شيخ الأزهر إلى تغيير موقفه وتبنى على الهواء مباشرة مظاهرة خرجت من الأزهر يوم الاثنين الفائت. - خرجت تصريحات سياسية قوية من بعض البلدان مثل مصر التي أعلنت أنها لن تؤيد ترشيح أي دانمركي لمنصب دولي ، أو كما صرح مفيد شهاب بأن الاعتذار ليس كافيا - صحيح أن أمريكا وبريطانيا تحاربان الإسلام والمسلمين إلا أنهما رأتا في الموقف برمته فرصة لترميم علاقتهما بالمسلمين فوجدنا البلدين ينددان بموقف الصحف التي نشرت أو تعيد نشرها - التجربة الدانمركية كشفت عن الطابور الخامس الذي يتعيش على المعونات الدانمركية والذي رفض توجيه أي إدانة للدانمارك واكتفى بتوجيه اللوم للشعوب الاسلامية على غضبتها. - الأهم من كل ذلك أن علماء المسلمين بدءوا في التفكير بطريقة عملية يمكنني وصفها بأنها طريقة محترفة فالشيخ القرضاوي وضع شروطا للاعتذار والشيخ سلمان العودة وضع هو الآخر مجموعة من المطالب من بينها مطالب سياسية مثل دعم السلطة الفلسطينية واستصدار قرار أممي بتجريم سب الدين الإسلامي ورموزه وهذا في رأيي خطوة كبيرة للأمام على طريق التعامل مع الأزمات بعيدا عن البكاء والصراخ . الموقف الأخير من الدانمرك وأخواتها هو نهاية لحقبة اعتقد فيها البعض أن صوت المسلمين قد خفت إن لم يكن قد اختفى وأن المسلمين الذين احتلت أراضيهم وتم تعديل مناهجهم سيقبلون بإهانة نبيهم صلى الله عليه وسلم وبالتالي يمكن اهانة قرآنهم والنيل من عقيدتهم ، هذه الحقبة انتهت وإلى الأبد إن شاء الله . الموقف الأخير هو بداية حقبة جديدة ، استطيع أن اسميها حقبة صوت الإيمان والعقيدة ... تحت السطور طلع علينا فضيلة شيخ الأزهر عبر قناة الجزيرة ليبشرنا بأنه شخصيا سيقود مظاهرة تخرج من الأزهر ، وأنه يطالب بالمقاطعة ... ما أخشاه هو أن يغير فضيلة الشيخ موقفه مع أول اتفاق بين الحكومة الدانمركية وبعض الحكومات العربية ! اللهم ثبت شيخنا. [email protected]