أكدت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، ضرورة التزام الأجهزة الأمنية بحماية حق المسيحيين فى إقامة شعائرهم الدينية دون قيود فى فترة "أسبوع الآلام" والذى يمثل مناسبة دينية خاصة لديهم. كما شددت المفوضية، على ضرورة أن تقوم السلطات المصرية بالوفاء بالتزاماتها وفقاً للقانون الدولى لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالحق فى حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية و توفير الحماية للفئات المستضعفة. وأشارت المفوضية، أنه وردت إليها معلومات تفيد بأن هناك بعض البوادر لإمكانية تهديد الشعائر خصوصًا فى الصعيد حيث أن المسيحيين بقرية الجلاء بمركز سمالوط بمحافظة المنيا لم يتمكنوا من الاحتفال بعيد "أحد الشعانين" الأحد الماضى نظرا لتوترات طائفية بالقرية كما يراود بعض الأهالى شكوكا حول تمكنهم من أداء شعائر الصلاة الخاصة بمناسبات "خميس العهد" و "الجمعة العظيمة" و حتى قداس عيد القيامة. و تمثلت التوترات الطائفية فى أعمال عنف طائفى ضد مسيحيى القرية بجانب مقاومة بعض مسلمى القرية إعادة ترميم كنيسة السيدة العذراء رغم صدور قرار بذلك. وكانت أحداث عنف طائفى اندلعت يوم السبت الماضى استهدفت منازل مسيحيى قرية الجلاء. و قد أفاد شهود عيان للمفوضية المصرية للحقوق و الحريات، بأن مجموعة من الشباب المسلم حاولوا الاعتداء على مجموعة طالبات مسيحيات كانت يستقل سيارة مملوكة لمسيحى أثناء توجهن إلى المدرسة حوالى 11 صباحاً. و حاول بعض المسيحيين الدفاع عن الفتيات، مما أدى لإصابتهم بجروح وكدمات، أعقب ذلك تجمهر لعدد كبير من مسلمى القرية واندلاع موجة من أعمال العنف الطائفى ضد المسيحيين. فيما أفاد شاهد عيان عن سماعه لبعض الخطابات التحريضية تم بثها عبر مكبرات الصوت بجامع القرية تدعوا المسلمين للتصدي"للكفرة" ثم أعقب ذلك قيام الأهالى برشق منازل المسيحيين بالأحجار بجانب محاولة اقتحام عدد من المنازل وإتلاف بعض الممتلكات الخاصة بالمسيحيين، و أفاد الأهالى بوقوع العديد من التعديات. وأدانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، فشل الأجهزة الأمنية فى توفير الأمان للمسيحيين بالقرية وحماية الحق فى ممارسة الشعائر الدينية لمسيحيى قرية الجلاء. و على الأثر الاعتداءات قامت قوات الأمن بالقبض على عدد17 من المتهمين بالاعتداء و فى المقابل قاموا أيضاً بإلقاء القبض على عدد 18 من المسيحيين، من بينهم 10 مصابين، و من بينهم 9 من كبائر عائلات فى القرية و هم: نعيم قللينى عطا الله، يوسف موريس، جمال حليم، ظريف قللينى عطالله، جمال قللينى عطالله ، ناصرفايز هواش، سعيد عبد لله توفيق،عماد جرجس شاكر ، فايز هواش. على صعيد آخر يأتى ذلك بعد مضى فترة من التوترات الطائفية بالقرية عقب شروع المسيحيين فى عملية إعادة ترميم وتوسعت كنيسة السيدة العذراء التى حصلوا على كافة التراخيص القانونية اللازمة من محافظ المنيا منذ يناير 2015 بحسب إفادة راعى الكنيسة. وتعود أزمة كنيسة السيدة العذراء بالجلاء إلى عام 2004، حيث حصل المسيحيين على ترخيص ببناء كنيسة جديدة بالقرية ولكن بمنطقة أخرى تبعد عن الكنيسة الأصلية المقامة منذ عام 1976 على مساحة حوالى 80 متر مربع ولكن تعذر تنفيذ القرار لأسباب غير واضحة. و يشير الأب تادرس راعى الكنيسة إلى أنهم تمكنوا من الحصول على ترخيص من محافظة المنيا بتاريخ 15 يناير 2015 بإحلال و تجديد وتوسعة الكنيسة القائمة لتقام على مساحة 400 متر بدلاً من 80. ولكن تعذر تنفيذ قرار الإحلال والتجديد بعد أن تدخل بعض المتطرفين من أهالى القرية ومنعوا إتمام الإنشاءات ولم يتمكن المسيحيون من تنفيذ قرار المحافظ مما دفعهم للخضوع إلى جلسات عرفية فى ظل غياب دور الدولة فى إعمال القانون وحماية الفئات المستضعفة. عُقدت سلسلة من الجلسات العرفية التى انتهت الجمعة الماضية إلى اتفاق نهائى بالسماح للمسيحيين بالبدء فى عملية الترميم والتوسعة وفقاً لعددٍ من الاشتراطات؛ حيث توصل المسيحيون إلى اتفاق يقضى بأن يتنازل المسيحيون عن حقهم فى بناء منارة للكنيسة، وعدم وضع أجراس لها وأن يكون المبنى مكونا من طابق واحد ولا يتعدى ارتفاعه الثمانية أمتار بجانب عدد من الاشتراطات الأخري. واعتبرت المفوضية ما تم فى قرية الجلاء انتهاكا مباشرا للحق فى حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية التى تحميها المادة 64 من دستور 2014، والمادة 18 من الإعلان العالى لحقوق الإنسان والمادة 18 للعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966. وطالبت بالإفراج الفورى عن المسيحيين المحتجزين بشكل تعسفى على خلفية أعمال العنف التى كانوا هم ضحاياها. كما تدين عودة السياسات البائدة المتمثلة فى إجبار المسيحيين للخضوع إلى جلسات عرفية يتم فيها فرض شروط مجحفة من قبل مرتكبى أعمال العنف بدلا من إعمال القانون بحقهم؛ فعلى الرغم من حصول المسيحيين على كافة التصاريح اللازمة لترميم الكنيسة إلا أنهم تُركوا فريسة للعنف المجتمعى و الجلسات العرفية. كما طالبت بفتح تحقيق عاجل ومنصف لمعرفة المتسببين فى أحداث العنف والوقوف على التعديات التى طالت الأراضى و المنازل و الزراعات الخاصة بمسحيى القرية و أسباب القصور الأمنى فى حماية المسيحيين و تقديم المسئولين عنها إلى محاكمة عادلة.