كثيرا ما عرفت تونس عبر تاريخها، وفيما يخص علاقتها بالدول الغربية، تقاربا كبيرا بينها وبين فرنسا على وجه الخصوص، فمن مستعمر دام احتلاله للبلاد 75 عاما (1881 - 1956) إلى شريك اقتصادي وسياسي. وإن مرت تلك العلاقة ببعض الفتور، إلا أنها سريعا ما عادت إلى طبيعتها، حتى أن الرئيس التونسي، الباجى قايد السبسي، صرح اليوم الثلاثاء خلال زيارة لباريس تستمر يومين، بأن "هناك تطابقا في وجهات النظر بين تونسوفرنسا بخصوص القضايا الإقليمية والدولية". مع انتهاء الاحتلال الفرنسي، حاول أول رئيس للجمهورية التونسية، الحبيب بورقيبة، (1957 - 1987) الأخذ من النموذج السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي الذي يميز فرنسا، ليخلق تقاربا كبيرا بين البلدين، وهو ما حاول الرئيس الذي خلفه، زين العابدين بن علي، الحفاظ عليه إلى أن وصل إلى وفاق تام مع النظام الفرنسي، معتبرا إياه حليفه الاستراتيجي طيلة 23 عاما من حكمه بين عامي 1987 إلى 2011. حتى أن فرنسا أبدت موالاة تامة لنظام بن علي، عقب الانتفاضة الشعبية التي بدأت في تونس يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010، ما أدى إلى فتور في هذه العلاقة بين البلدين عقب الإطاحة ببن علي، إلى أن حل الرئيس الفرنسي الحالي، فرانسوا أولاند، على تونس في زيارة رسمية خلال حكم الترويكا (الائتلاف الثلاثي بقيادة حركة النهضة) في يوليو/ تموز 2013، لتتخذ العلاقات الثنائية منعرجا آخر، لاسيما وأن أولاند اعترف بأن باريس لم تكن مع تونس في ثورتها، ليتعهد حينها بمساندة تونس حتى إنجاح ثورتها. وإضافة إلى هذه الزيارة، زار أولاند تونس في يناير/ كانون الثاني 2014، حيث شارك في احتفالات اتمام صياغة الدستور الجديد، فيما شارك، الشهر الماضي، في المسيرة الدولية ضد الإرهاب، بتونس، عقب الهجوم على المتحف الوطني في منطقة "باردو" بالعاصمة، والذي أدى إلى مقتل 24، بينهم 21 سائحا من جنسيات مختلفة. وفيما يلي ترصد وكالة الأناضول أبرز مجالات التعاون الوثيق بين البلدين : العلاقات الاقتصادية التّونسية - الفرنسية : - فرنسا هي الشريك الاقتصادي الأول لتونس، فهي أوّل مُورد بنسبة 16.3% من إجمالي الواردات، وأوّل مستورد بنسبة 28.7 % من إجمالي الصادرات. - تتجاوز قيمة الاستثمارات الفرنسية المباشرة في تونس 90 مليون يورو (حوالي 98.2 مليون دولار)، وتعدّ فرنسا بذلك المستثمر الأجنبي رقم 1 في تونس، و90% من هذه الاستثمارات موجهة إلى المجال الصناعي، ووفرت 4000 فرصة عمل. - تنشط في تونس 1305 شركة فرنسية أو ذات مساهمة فرنسية، بنسبة 40% من إجمالي الشركات الأجنبية، وبحجم استثمار قيمته 2.9 مليار دينار تونسي (نحو 1.5 مليار دولار). - توجد في تونس 1300 مؤسسة فرنسية تشغل أكثر من 126 ألف أجير. - يحتلّ السياح الفرنسيون المرتبة الأولى بالنسبة لإجمالي السياح الوافدين على تونس، رغم التراجع الذي عرفه عددهم حيث بلغ 720.165 عام 2014، بتراجع نسبته 6.1% بمقارنة مع 2013. - الوكالة الفرنسية للتنمية زودت تونس خلال الخمس سنوات الأخيرة ب431 مليون يورو (469 مليون دولار) كمساعدة على التنمية في شكل قروض ميسّرة وهبات. الجالية التونسية: - توجد في فرنسا أكبر جالية تونسية في الخارج، وعددها 667 ألف تونسي. تعزيز فرص العمل والمراهنة على التدريب : - منذ عام 1996 دعمت فرنسا 25 مركزا تكوينيا (تدريبيا) مهنيا يتخرج منها سنويا قرابة 15 ألف متدرب شاب، قادرين على الاندماج في الدّورة المهنية والاقتصادية. - في 2014 منحت الوكالة الفرنسية للتنمية هبة قدّرت ب 1.8 مليون يورو (حوالي 1.9 مليون دولار) لدعم المشاريع المتعلقة بالشراكة بين القطاعين الخاص والعام. - كما قدمت الوكالة هبة 106 مليون يورو (115.6 مليون دولار) لدعم عدد من المشاريع الصغرى، خاصة منها المتمركزة في المناطق المهمشة بهدف مقاومة البطالة وتوفير فرص عمل في تلك المناطق وتحقيق التوزان بين مختلف جهات البِلاد. - في عام 2014 تم توسيع الشراكة بين الدّيوان الفرنسي للهجرة والوكالة التونسية للتشغيل والتكوين المهني الخاصة بدعم فرنسي بلغ نحو 298 مشروع خاص بالمهاجرين العائدين إلى تونس بمعدل دعم بقيمة 5300 يورو (5782.8 ألف دولار). مجال جودة الحياة اليومية: - تدعم الوكالة الفرنسية للتنمية 42 مشروعا بصدد التنفيذ بقروض تبلغ 960 مليون يورو ( 1047.4مليون دولار) في مجالات توزيع المياه ودعم البنية التحتية وتحسين أكثر من 100 حي شعبي. - منحت الوكالة تونس 85 مليون يورو (92.7 مليون دولار) في شكل قروض وهبات تم توقيعها خلال زيارة أولاند لتونس في 2013 بهدف تأهيل عدد من الأحياء الشعبية. دعم المشاريع والنهوض بالثقافة والمجتمع المدني التونسي : - في نهاية 013 تم إطلاق 7 مشاريع بدعم مالي من المعهد الفرنسي بتونس، بينها مشروع خاص بالنهوض بالتراث الوطني في مدينة الحمامات (شرق تونس)، فضلا عن مشروع خاص بصحة الأم والطفل في محافظة صفاقس (جنوب). - في 2013، جرى إطلاق مشروع لدعم النساء الحرفيات (انتفع بها حوالي 400 امرأة) خاصة في المناطق المهمشة، لاسيما جهات الوسط الغربي التونسي، وبينها برامج لتكوين (تدريب) النساء ودعم مسالك التّسويق الخاصة بمنتوجاتهم. مجال التعليم العالي والبحث العلمي: - تخصص فرنسا سنويا ألف منحة تنقل بين تونسوفرنسا للطلبة التونسيين و970 أخرى للأساتذة والباحثين. - منذ 2012 مكنت باريسالتونسيين من 100 فرصة للتعلم تقود الطلبة في نهاية المطاف إلى الحصول على شهادات معادلة تونسية وأخرى فرنسية . - 370 مشروع بحثي قامت فرنسا بتمويله منذ 2011 ضمن برامج ثنائية بين البلدي،ن فضلا عن تمكين طلبة تونسيين من 350 منحة إقامة علمية في فرنسا. مجال الدّفاع والأمن : - فرنسا هي الشريك الأول لتونس في مجال التعاون الأمني والدفاعي. - بعد الهجوم على متحف "باردو"، عبرت فرنسا عبر وزير داخليتها برنار كازانوف، خلال زيارة لتونس، عن استعدادها للتعاون مع تونس في هذا المجال من خلال كفاءات وخبرات وزارة الداخلية والشرطة وفرق البحث والاستخبارات والتحقيق، ومن خلال المعدات التي تملكها فرنسا. - في 2013، دربت فرنسا 354 عنصرا تابعا للحماية المدنية من خلال متخصصين فرنسيين. وفي 2014 تمكن أكثر من 600 عنصر، بدعم فرنسي، من تدريب في فرنساوتونس. - منحت فرنسا دعما للديوان الوطني للحماية المدنية التونسية (تابع لوزاة الداخلية) قدر ب800 ألف يورو ( 872.8 ألف دولار).