دعت كلّ من منظمة هيومن رايتس ووتش والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، حكومة الكونغو الديموقراطية، إلى فتح تحقيق مستقلّ حول ملف المقبرة الجماعية التي وقع اكتشافها في مقبرة "فولا فولا" ب"مالوكو"، إحدى الضواحي الشرقية للعاصمة كنشاسا. وبحسب وسائل الإعلام المحلّية، اكتشف سكان الضاحية في 4 أبريل الجاري، حفرة دفن فيها حوالي 400 جثّة، فقاموا بإخطار قوات البعثة الأممية المنتشرة في الكونغو الديمقراطية "مونيسكو". نائب الوزير الأول المكلّف بالداخلية في الكونغو الديمقراطية، إيفاريست بوشاب، اعترف، غداة تداول خبر اكتشافها، بالمقبرة الجماعية، موضحًا أنّ الجثث المدفونة لا تعود لضحايا المظاهرات السياسية التي اندلعت من 19 إلى 21 يناير/ كانون الثاني الماضي؛ احتجاجا على مشروع قانون انتخابي يجيز للرئيس الحالي، جوزيف كابيلا، الترشح لدورة جديدة، وخلّفت 15 قتيلا بحسب الحكومة، و40 وفقا للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان. وأضاف بوشاب أنّ "عملية دفن أكثر من 400 جثة تكفّل بها فندق مدينة كنشاسا، وذلك بناءً على طلب تقدّم به المسؤولون عن مشرحة المستشفى العام، في 19 مارس (آذار) الماضي، أعربوا من خلاله عن قلقهم إزاء بقاء الجثث لوقت طويل دون تحديد هويتها، بما في ذلك الأطفال المولودين أمواتا داخل المؤسسة الصحية نفسها". تفسير لم يفلح في إقناع ممثلي المجتمع المدني المحلي والدولي على حدّ سواء، حيث قالت الباحثة صلب منظمة هيومن رايتس ووتش (غير الحكومية)، إيدا سايوير، في اتصال أجراه معها مراسل الأناضول: "نشكّ في أن تكون جثث أشخاص قتلوا خلال الاحتجاجات المناهضة لتعديل القانون الانتخابي، والتي اندلعت في يناير (كانون الثاني) الأوّل، من بين الجثث المدفونة في مالوكو". وأضافت أنّ هذا الشكّ هو "ما يدفعنا إلى المطالبة بفتح تحقيق مستقلّ وذي مصداقية وتشاركي، من أجل التوصّل إلى معرفة هوية أصحاب تلك الجثث". وأشارت سايوير إلى أنّ "دفن الجثث ليلا يغذي الشكوك حول صحّة تصريحات الحكومة، ولذلك نحن ندعو العدالة الكونغولية إلى تشريك الخبراء الدوليين، ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وللمنظمات غير الحكومية، في هذا التحقيق، خصوصا وأنّ بعض الجهات تشكّك حتى في الرقم المصرح به عن الجثث المدفونة". من جانبه، دعا فريدي ماتونغولو، أحد أبرز قيادات المعارضة في الكونغو الديمقراطية، إلى "تشكيل لجنة تحقيق دولية في الموضوع، من أجل توضيح جميع ملابسات الملف". وكانت مظاهرات دامية اندلعت من 19 إلى 21 يناير الماضي، بمدن كنشاسا و"غوما" (شرق)، احتجاجا على مشروع قانون انتخابي تقضي المادة 8 منه بربط الانتخابات المقبلة بإجراء تعداد سكاني عام قد يستغرق "سنوات"، بما يسمح للرئيس الحالي بالاستمرار في منصبه رغم انتهاء مدته الرئاسية، بحسب المعارضة. إجراء رأت فيه الحكومة، في المقابل، أنّه يضمن تنظيم انتخابات "حرة وشاملة وشفافة". وتتّهم المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في الكونغو الديمقراطية، الرئيس كابيلا، الذي يتولّى الحكم في البلاد منذ 2001، بالسعي نحو الترشّح لولاية ثالثة، رغم أنّ الدستور الكونغولي لا يبيح سوى الترشّح لولايتين رئاسيتين فقط، وهي العقبة التي يخشى هؤلاء أن يتم تجاوزها عبر اللجوء إلى تعديل المادة الدستورية التي تقف عقبة أمام عودة كابيلا إلى القصر الرئاسي من جديد في 2016.