لم تتأخر الحكومة- كعادتها- عن تقديم واجب العزاء لأهالي ضحايا الباخرة سلام 98 بقنابل الغاز المسيلة للدموع لأن أهالي الضحايا وتوسلاتهم استنفدت دموعهم في السؤال والرجاء لمعرفة مصير ذويهم، وصار بكاؤهم دما، تكرمت الحكومة على أهالى الباخرة الغارقة فدقت على ظهورهم بهراوات الأمن المركزي وعصي، قدمت عزاءها الحار الملتهب بالرصاص المطاطى وقنابل الدخان لأقارب الضحايا وذويهم بعد أن دهس الفساد والفوضي كل شيء في مصر شرقا وغربا وشمالا وجنوبا. قدمت الحكومة واجب التعزية بمزيد من الحصار والقهر والعجرفة والبلادة ضد أهالي المنكوبين الملتاعين في مصابهم الأليم بعد أن اطمأن سدنة النظام وحماته إلى تبلد مشاعر الشعب عن الإحساس بالظلم والألم، وبعد أن تشظت النخوة والتعاطف والتكاتف والمروءة، فأين موقعنا من قول النبي"صلي الله عليه وسلم" (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر )). فهل نحن كالجسد الواحد يتألم بألم أخيه ويقف معه في مصابه ؟ لقد تحولنا إلى قطيع من البشر يعيشون في بلد واحد وقلوب شتى، فأين حق الجار في المساندة والمؤازرة ؟، وما حقوق ضحايا الإهمال من الأهل والأقارب والجيران، اليوم صار كل منا يحيا وفق المقولة سيئة الذكر " أنا ومن بعدي الطوفان"، فها هو طوفان الفساد والإهمال يدق أبواب الشعب أسرة أسرة وغدا يكون فينا فرد فردا، وهاهي الكوارث تتوالى على الشعب: أمراض مستعصية.. رشاوى.. محسوبية.. نصب ونهب بنوك.. سمسرة..تلفيق ..زور وبهتان..اختفاء قسري.. معتقلات وسجون.. هتك أعراض..حوادث مسرح.. حوادث طرق ..وحوادث قطارات..وحوادث طائرات، وحوادث عبارات.. وقتل جماعي ومفرق في الشوارع وأقسام الشرطة والمعتقلات.وبعد ذلك هل نتواكل وننتظر المزيد ؟ • الموت لو تعرض خادم في أي بيت لمكروه أو لكارثة، لانتفض صاحبه لنجدته ومساعدته في محنته، حتى لو كان المدعو كلبا وليس إنسان كرمه الله، ولكي نتعرف على المسئول الأول فيما جري نستشهد بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( لو تعثرث بغلة بالشام لسئلت عنها يا عمر )، بعد ذلك، ألا تساوي أرواح آلاف المصريين ألف بغل حتى يسأل من هم شركاء في الجرم ؟ وكيف لا تسأل الدولة والحكومة عن يتسبب في حماية أرباب الفساد وإهمال إنقاذ ضحايا الباخرة ومن قبلهم ضحايا محرقتي قطار الصعيد ومسرح بني سويف وقتل السفير المصري في بغداد، واختطاف الدبلوماسي المصري في غزة ؟؟ !!! في بلاد تحترم آدمية المواطن وإنسانيته وتحافظ عليه باعتباره ثروة، لم تنم رئيسة الفلبين قريرة العين من أجل عامل واحد بسيط احتجز في العراق، إلا بعد الإفراج عنه وإنقاذه، وتحرك رؤساء وحكومات فرنسا وإيطاليا وألمانيا من أجل صحفي، أما في مصر فلا ثمن لأرواح الآلاف في كوارث النظام المتلاحقة لاشك أن جموع الشعب تتعجب من حكومة تتحرك اجهزتها الأمنية بمدرعاتها وأدواتها الحربية بسرعة منقطعة النظير من الإسكندرية إلى أسوان ومن القاهرة إلى سفاجة لملاحقة وقمع مشاعر المنكوبين والضحايا بدلا من إنقاذ أرواح المصريين البسطاء الذين شردوا من ديارهم بعد أن تفنن النظام في تهجيرهم إلى دول الخليج قسرا، ثم يقفز- بأبواق النفاق- علي كل إخفاقاته وإهماله بالسطو على ثمرة جهد اللاعبين وجهازهم الفني القدير بقيادة المدرب المحترم حسن شحاته . لك الله يا مصر !!!حالك عجب!! [email protected]