كان اتحاد الجبلاية واثقا من خروج منتخبه مبكرا من البطولة الأفريقية ولذلك خطط لتكون مباراة القمة بين الأهلي والزمالك بعد انتهائها بأيام قليلة، حتى يمتص بها الغضب الجماهيري ويغرق الناس في التعصب لهذا أو ذاك! لا يشك أحد أن فوز مصر بالبطولة كان مفاجأة غير متوقعة، خاصة أن بعض أعضاء هذا الاتحاد تفرغوا قبل البطولة للتقليل من امكانياته والتبرؤ من نتائجه، بل والهجوم على التنظيم الذي كان أبرز الايجابيات، فقد أبهر الجميع، بمن فيهم عيسى حياتو نفسه، الذي يبدو أنه عض أصابع الندم بسبب الصفر الشهير! في رأيي ان ايجابيات هذه البطولة تتمثل في ادارة ممتازة استطاعت ان تعالج أخطاء الماضي، فاتسمت بالجماعية والشفافية المطلقة. وفي رأيي أيضا أنه لولا وجود ومتابعة جمال وعلاء مبارك ما كانت هذه الجماعية او الشفافية أو الحرص من كبار مسئولي الدولة واتحاد الجبلاية.. هذه كلمة حق يجب ألا تغضب البعض! رأينا كيف حاول أحمد شوبير نائب رئيس الاتحاد ومجدي عبد الغني العضو البارز في مجلس ادارته أن يغردا خارج السرب، حتى في أحلك لحظات البطولة عندما خرج ميدو عن النص واشتبك في مواجهة كلامية مع مدربه لأنه قام بتغييره قبل انتهاء مباراتنا مع السنغال باحدى عشرة دقيقة! في نفس اليوم الذي كانت محاولاتهما تجري بقوة لاعادته الى المنتخب، كان ميدو يطيح في جميع المصريين عبر حوار مع جريدة الديلي اكسبريس البريطانية وصفته بالخاص. قال عن رجال الجبلاية انهم هواة، ومدرب المنتخب حسن شحاتة مبتدئ، وسخر من كل زملائه اللاعبين ايضا حين وصفهم بالهواة، وتصدر الحوار صورته وتحتها تعليق "لا اعتذار"! وفي ثنايا الحوار قال ميدو إنه ليس نادما على ما بدر منه، بل إن الصحيفة كررت نفس الكلمة القبيحة التي قالت صحيفة الايكيب الفرنسية ان ميدو وجهها لمدربه أثناء مواجهتهما، وكنت قد كذبت ذلك في مقال سابق اعتمادا على أنه لا يمكن لأحد من الاعلاميين ان يسمع ما دار بينهما، لكن الصحيفة البريطانية كررت نشر تلك الكلمة دون ان يعترض عليها نجمنا العالمي! عموما نجح اللوبي المستخف بسلوك ميدو في اعادته الى المعسكر ليحتضن شحاتة ويجهشا الاثنان بالبكاء! إذا كان من واجب ميدو ان يبكي ندما وأسفا، فلماذا يبكي شحاتة الذي قيل إنه شتم من شاب في عمر أبنائه، ورغم احترافه في توتنهام فانه لم يصل الى نصف نجومية شحاتة وموهبته الفذة في السبعينيات! ان الاكسبريس نشرت حوار ميدو قبل مباراة النهائي بيومين، وأعاد موقع "ايلاف" نشره بالعربية يوم الخميس الماضي، فهل لم يقرأه أحد من الذين كانوا يحاولون التشويش على حسن شحاتة والضغط عليه ليقبل الاعتذار بدعوى أن مصارين البطن تتعارك، فما بالك بميدو الانجليزي وشحاتة المصري! قبل المباراة بيوم واحد حاولت في مقالي ان اخفف من الحديث عن تلك الأزمة، وافترض ان ميدو اعتذر وانتهى الموضوع، قائلا أن صحيفة فرنسية تحاول ان تشتت تركيز شحاتة واللاعبين عن المباراة! وجاءتني رسالة الاستاذ عزوز عزوز متسائلا عن سر تراجعي عن تعليقي عقب المباراة مباشرة وهجومي الشديد على هذا اللاعب! والحقيقة أنه لم يكن تراجعا، فقد كتبت هذا المقال بعد ان قرأت حواره في الديلي اكسبريس المتجني على منتخب بلده ومدربه والجماهير العريضة، وتكبره وغروره الرافض للاعتذار! كنت أريد ان نتفرغ فقط للكلمة الفاصلة، وأن لا تضيع منا بطولة بسبب عضو متورم يمكن وضع مخدر عليه لبعض الوقت! ولم يكن عزوز عزوز وحده المندهش من مقالي، بل إن الاستاذ فيصل البابلي أرسل لي رابط الحوار الذي نشرته الصحيفة البريطانية! تصور لو أن غياب ميدو تسبب في هزيمتنا، أو لأن الأزمة التي فجرها بدون داع عند تغييره أحبط معنويات منتخب بأكمله، عندما يسمعون مدربهم يهان ويشتم على الملأ! لم أكن سعيدا لظهور ميدو مع اللاعبين وحمله الكأس وتسلمه الميدالية من الرئيس مبارك. كان يجب أن يستمر ملفوظا مدانا ليعرف أنه ارتكب خطأ أخلاقيا لا يجوز أن يحدث تحت مسمى الحماس والغيرة! أما الأخوة الذين اندهشوا مما كتبته بالامس حول انتهاء مرحلة حسن شحاتة، أو الذين تجنوا فقالوا انني كنت من الحاقدين عليه طوال البطولة.. بأمارة ماذا.. لا أعرف! لكن يبدو أن البعض لا يقرأ.. أو يظن أن ابراز السلبيات اثناء المباراة ذنب لا يغتفر أو كبيرة من الكبائر تصب في خانة الحقد! لا أظن أن كاتبا ساند المنتخب طوال البطولة مثلما فعلت.. لم أتوقف عن زرع الثقة والتقليل من امكانيات المنافسين أمامنا، تذكروا كيف قلت عن الأفيال قبل المباراة الأولى أنه ليس مرعبا، وكيف حذرت من قوة الكونغو ومفاجآتها ومن خطط السنغال! فهل هذا يمكن أن نسميه حقدا وتطاولا على شحاتة؟! الآن انتهت البطولة ومن حقنا ان نراجع حساباتنا، فكلنا مصر، وكلنا في سفينة واحدة، فقد فرحنا جميعا وبكينا جميعا، ومن حق كل واحد فينا أن يشير إلى موضع الخطأ ويبدي رأيه بصراحة! ان شحاتة انتهى دوره ليلة الجمعة.. هو العريس والبطل، لكنه لن يستطيع قيادة منتخبنا وتجديده وتدعيمه في المرحلة القادمة! هذه المرحلة تحتاج لدم جديد، ليس بالضرورة ان يكون وطنيا. تحتاج لرجل يرسم لاتحادنا خططا جديدة للاحتراف، يملك التأثير في سن قوانين وتشريعات تتيح لعدد كبير من لاعبينا الاحتراف الخارجي دون قيود مبالغ فيها من أنديتهم المحلية. المرحلة القادمة تحتاج بصراحة شديدة الى استمرار ظهور جمال وعلاء مبارك، فقد ثبت أن دورهما نجح بامتياز شديد اثناء البطولة واستطاعا ابعاد المنتظرين للاخفاق من المنتخب! هذا الشابان وحدهما اللذان يستطيعان فرض تعديل قوانين جديدة للاحتراف، تجعل لنا في البطولة القادمة في غانا كتيبة من المحترفين في الخارج. تذكروا ما حصل بعد اشتراكنا في تصفيات كأس العالم 1990 في ايطاليا.. لقد بدأ لاعبونا يعرفون الاحتراف في الخارج. هذا قابل للتكرار أضعافا مضاعفة في المرحلة القادمة لكن يجب ازالة العوائق والقيود والأشواك من الطريق. وهذه هي المهمة الأكبر لجمال وعلاء مبارك! [email protected]