على الرغم من وجود إجماع دولي أمام الدورة الثامنة والعشرين لمجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان (من 2 إلى 27 مارس/ آذار الجاري) بالالتزام ب "مكافحة العنصرية والتمييز وكراهية الأجانب"، إلا أن هناك قلقا واضحا عبرت عنه بعض الدول والمجموعات الإقليمية "إزاء صعود أشكال جديدة من التعصب العرقي والديني بما في ذلك شبكة الإنترنت". وفي حين أوضحت أغلبية الدول المتحدثة مواطن الخلل والضعف وأنها تحديدا في الدول الغربية، إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يعلق على ما هو موجه إليه، ما دفع بالعديد من الدول إلى المطالبة باعتماد معايير دولية جديدة من أجل معالجة أشكال جديدة من العنصرية. فمن جانبها، تحدثت باكستان باسم منظمة التعاون الإسلامي، منددة ب"أي عمل من أعمال الإرهاب تُرتكب باسم الإسلام"، ومطالبة ب"ضرورة عدم ربط أي طائفة دينية بالإرهاب". في الوقت ذاته، شددت منظمة التعاون الإسلامي على أن "حرية التعبير لا تمنح رخصة لخطاب الكراهية والتعصب أو إهانة معتقدات الآخر"، مطالبة ب"ضرورة بذل جهد لتوضيح الفرق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية لاسيما مع المخاوف السائدة بشأن نمو الأحزاب القومية في الغرب والتي تستهدف الأقليات المسلمة". وذكرت البحرين متحدثة باسم المجموعة العربية أن "ظاهرة العنصرية قد اتخذت أشكالا جديدة، تتجاوز اللون والدين، وكان العرب أول ضحايا العنصرية". ودانت المجموعة العربية "كراهية الاسلام المتفشية في البلدان المتقدمة" داعية إلى "القضاء على جميع أشكال العنصرية والتي يمكن تحقيقها من خلال معاقبة الجناة وووقف تشويه صورة الأديان". ورأت كوبا أن هناك الكثير الذي يتعين على المجتمع الدولي القيام به، بما في ذلك التنفيذ الكامل لإعلان "ديربان " لمكافحة العنصرية. وأوضحت هافانا أن "العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب تزداد سوءا بل تفاقمت بسبب الانقسام المتزايد بين الأغنياء والفقراء نتيجة لسياسات الليبرالية الجديدة". وضربت كوبا مثالا على ذلك ب"التمييز الواضح في القوانين والسياسات المتعلقة بالهجرة وفي سياسات لمكافحة الإرهاب فضلا عن غياب الإرادة السياسية من جانب الدول الغربية لمكافحة هذه الآفة". وقالت روسيا إن "الوقوف في وجه التعصب العنصرية يجب أن يكون أولوية لدى المجتمع الدولي لمكافحة هذه الظواهر المشينة بما في ذلك في البلدان التي تسمى نفسها ديمقراطية". وأشارت موسكو إلى ما وصفته ب"استهداف الأقليات العرقية في الولاياتالمتحدة على نحو متزايد من قبل سلطات الشرطة " محذرة في الوقت ذاته من "خطر انتشار النازية الجديدة في عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي". وأكدت الصين أن "عدم القضاء بشكل كامل على العنصرية يدعو الى القلق إزاء أشكال جديدة من العنصرية لا سيما في البلدان الغربية وهو تحد خطير لحقوق الإنسان". في المقابل، أكدت لاتفيا، متحدثة نيابة عن الاتحاد الأوروبي، "تكرار التزام الاتحاد بمكافحة العنصرية والتمييز وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، اذ جميعها ظواهر مضادة للمبادئ المؤسسة للاتحاد الأوروبي الذي اعتمد ترسانة واسعة من السياسات والأدوات التشريعية لمنع العنصرية ومكافحتها". بينما أعربت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن مواصلة التزامها العميق لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري في الداخل والخارج. وشدد مجلس أوروبا (منظمة حكومية أوروبية مستقلة عن الاتحاد الأوروبي) على ضرورة احترام التنوع وتعزيز عدم التمييز وعدم جهود البرلمانيين المناهضين للعنصرية وتبادل المعلومات حول القانون وأفضل الممارسات في هذا المجال. وأشار المجلس إلى حملته "ضد خطاب الكراهية على شبكة الإنترنت نحو الأقليات الضعيفة مثل الغجر والمسلمين واليهود والشواذ". وقد لوحظ غياب مداخلات من المنظمات غير الحكومية المسلمة، رغم كثرة المسجلة منها كمراقب لدى المجلس، في حين انبرى "المؤتمر اليهودي العالمي " منددا بما وصفه "ارتفاع معاداة السامية في أوروبا بما في ذلك ظهور أشكال جديدة منها في أعقاب حرب غزة". وأشار المؤتمر إلى "حالات في فرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا استُخدمت فيها الهجمات المعادية للسامية لإظهار المعارضة لسياسات إسرائيل في حين ان اليهود في أوروبا لا يمكن أن يتحملوا مسؤولة سياسات إسرائيل أو فلسطين ". وأعربت "منظمة الإغاثة الدولية البوذية" عن قلقها "إزاء العنف الجنسي والعمل القسري ضد نساء طائفة داليت البوذية في الهند، والتي تم استخدامها كأسلحة لممارسة السلطة للعنصرية والتي يجب ان ينتبه اليها مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان". وقال منظمة "معهد دراسات المرأة والبحوث" إن العالم قد "شهد جرائم وحشية غير مبررة ارتكبتها الجماعات المتطرفة وبوحشية ووتيرة لم يسبق لهما مثيل، في الوقت ذاته كشف الغرب عن معايير مزدوجة لحرية التعبير فاقمت التوتر مع الجالية المسلمة في فرنسا والعالم الإسلامي، ويمكن أن تؤدي التطرف الديني". يشار الى ان مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان يناقش في دوراته الاعتيادية بندا ثابتا لاستعراض الانتهاكات التي تتسبب فيها مظاهر العنصرية والتمييز وما يصنفه خبراء حقوق الانسان على انها مظاهر حديثة من الكراهية، كما يتولى المجلس أيضا في هذا السياق متابعة وثيقة دربانعن وثيقة ديربان الصادرة عن المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية الذي انعقد بمدينة ديربان بجنوب افريقيا عام 2001 ويتابع ايضا "وثيقة فيينا وبرنامج العمل " الناجم عن مؤتمر الاممالمتحدة الدولي لحقوق الانسان في فيينا عام 1993.