حينما اختار المجلس العسكرى الحاكم للبلاد أن يقف بجانب الثورة كان هذا هو الاختيار الأصوب والأصلح بالنسبة له بل ربما الخيار الوحيد لأن خلاف ذلك كانت نتائجه رهيبة ومخزية ومدمرة على المجلس قبل الثوره. ولنفترض تصوراً للأحداث يفترض أن المجلس العسكرى استجاب لطلب النظام السابق بالقضاء على الثورة بقتل الثوار وإبادتهم فالنتيجة هى أيضا القضاء على هذا المجلس فى النهاية . وربما يلوح البعض بأحداث ليبيا وسوريا أوغيرهم وموقف الجيش فيها ولكننا نقول إن النتيجة واحدة وهى أن هذه القيادات فى هذه البلد دمرت نفسها قبل أن تدمر ثورات الشعوب بل بقيت الثورة ودمرت المجالس العسكريه بل والجيوش . حدث هذا فى ليبيا وفى الطريق سوريا واليمن إن شاء الله تعالى ولكن انظر إلى النتائج التى ترتبت على ذلك من اتهام لقادة الجيش بإرتكاب جرائم حرب بل جرائم ضد الإنسانية بل جرائم حرب ومحاكمات وما شابه ذلك فضلاً على الخزى والعار الذى سوف يلاحقهم ويلاحق أسرهم وأبناءهم دهراً طويلاً من خلال المحاكمات التاريخيه. أضف إلى ذلك أن قادة المجلس العسكرى فى بلادنا أناس وطنيون يحبون شعبهم ووطنهم ولن يعمدوا إلى إراقة قطرة واحدة من دم شعبهم من أجل أحد حتى ولو كان رأس النظام الذى ينضوون تحت لوائه. ومن ثم فإنه ما ينبغى لأحد أن يمتن على الشعب المصرى بأنه قام بحماية الثوره وكأنه لامصلحة له من وراء ذلك بل إن الثورة هى صاحبة المنة على المجلس العسكرى ويكفى أنها رفعت عنه عار التوريث الذى كان يسبب حرجا بالغا لقادة الجيش دون أن يحركوا فيه ساكنا. ولكن المجلس العسكرى درج على أن يتعامل مع كافة القضايا بذات السياسة التى كان يتعامل بها حسنى مبارك ونظامه فليست هناك رؤية واضحة فى أى شىء لا على الجانب السياسى ولا بشأن الإصلاحات الاقتصادية والأوضاع المتردية بل اتجه المجلس إلى سياسة التسكين ومحاولة إراحة الناس بالكلام فقط الذى فاقم من تردى الأوضاع وعمت الإضرابات كافة أنحاء البلاد وحاول البعض- مجاملة- أن يتهمها بأنها مطالب فئوية...إلخ الرؤية ليست واضحة على الإطلاق فى أى شىء فعلى المستوى السياسى-مثلا- على الرغم من تحديد جدول زمنى-واسع المدى-لانتقال السلطة إلا أن الأمور يكتنفها كثير من الغموض ففى أخر لقاء لرؤساء الأحزاب بالمجلس العسكرى يوم السبت 1/10/2011 دعى المجلس بعض الأحزاب دون البعض واتبع معهم سياسة ((رَيٌحهُم)) فالمادة الخامسة ألغيت لأنها وضعت كى تلغى بعد أن تثير شيئاً من اللغط حولها أما الطوارىء فينظر فيها ، أما المحاكمات العسكرية للمدنيين فلا حس ولا خبر وأما تحديد جدول زمنى فهو جدول الشعب الموقر والمنتظر-سيد قراره- فسيجتمع بعد انتخابه مباشرة لممارسة مهامه وأعماله التشريعية والرقابية حتى قبل انتخابات مجلس الشورى الذى يشترط القانون أن تعرض عليه مشروعات القوانين لإبداء الرأى فيها أولاً فلا ندرى أى مهام سيمارسها مجلس الشعب أم أنهم سيجتمعون للتسالى كما كان المخلوع يقول عن البرلمان الموازى خليهم يتسلوا المهم أن المجلس العسكرى دعى بعض الناس وترك البعض الأخر ولم ينس أن يدعو الحاضرين بأمرين فى غاية الخطوره وهما: تأييد المجلس العسكرى تأييداً تاما والنظر فى المبادىء الحاكمه للدستور وقد كان للمجلس ماأراد. فقد اختلف الناس فيما بينهم -بعد ذلك- على مشروعية التوقيع على هذه الوثيقة حتى اختلف أعضاء كل حزب فيما بينهم بل هَم البعض بالإستقاله أو إقالة من وقعوا على الوثيقة من رؤوس الأحزاب والبعض قال إنه سحب توقيعه وتراجع وفى نهاية الأمر فإن المجلس العسكرى أراح الأحزاب فى المادة الخامسة التى وضعها كى يلغيها ولكن بعد أن يكسب بها أرضاً جديده مع القوى السياسيه وكأن لسان حاله يقول ((رًيٌحهُم وخليهم يرتاحوا)) وفى النهايه أقول إنه لاتوجد قوى سياسية تعطى لسلطة حاكمة توقيع على بياض لتأييدها على طول الخط إلا إذا كانت هذه القوى السياسية ساذجة أو مصابة بالبلاهة أما المبادىء الحاكمة للدستور محض جريمه عظمى ليست فى حق الشعب فحسب وإنما فى حق الأجيال القادمة التى سوف تعانى من هذه المبادىء معاناة شديدة كما عانت الأجيال التركية منها لمدة قاربت على المائة عام انقضت بها إلى هذه الصورة الإسلامية المشوهة . وللحديث بقيه إن شاء الله تعالى كلية الشريعه والقانون - جامعة الأزهر-