نفّذ العشرات من المواطنين التّونسيين والحقوقيين وقفة احتجاجية، أمام المسرح البلدي بالعاصمة تونس، تنديدا بالعملية الإرهابية التي عرفها متحف باردو اليوم والتّي راح ضحيتها 21 شخصا بينهم 17 سائحا أجنبيا. ورفع المحتجون شعارات عديدة من قبيل: "لا للإرهاب.. وتونس تونس حرة حرة.. والإرهاب على برا (الخارج) والجهاد في فلسطين يا تجار الدّين..وحكومة بلا قرار تمشي تشد الدار (أي تخرج من الحكم)". وقال رئيس الرّابطة التونسية لحقوق الإنسان، عبد السّتار بن موسى، إن "هذه المظاهرة عفوية ورمزية خرج فيها الشباب والكبار والصغار والمحامون وغيرهم من المواطنين للوقوف ضد الإرهاب باعتبار أن هدفه هو القضاء على استقرار البلاد والحاق الضرر بالاقتصاد". وفي تصريحات لوكالة الأناضول على هامش الوقفة، أضاف أنه "يجب أن يتوحد الجميع في وجه هذه الظاهرة الخطيرة فتونس في حاجة اليوم إلى استراتيجية كاملة الآن لمناهضة الإرهاب وتجفيف منابعة ومعالجة أسبابه، خاصّة وأن هذه العملية هي عبارة عن ردّ فعل على العمليات الأمنية الأخيرة في التصدي للإرهابين". من جانبه قال الحقوقي رياض بن حميدة إن "تونس تعيش فترة صعبة كنا نبهنا إليها منذ اغتيال السياسيين محمد البراهمي وشكري بلعيد وغيرها من الأحداث الإرهابية تجني البلاد اليوم تبعاتها." ووفي تصريحات لوكالة الأناضول على هامش الوقفة، لفت إلى أن "الخطير في هذه العملية هو أن هذه الجماعات الخطيرة وصلت إلى العاصمة تونس وتحديدا لمجلس نواب الشعب وهو مقر من مقرات السيادة وفي ذلك محاولة لاغتيال إرادة شعب بأكمله". وشدد في السياق ذاته على أنه "يجب أن تتكاتف جهود الجميع من أمنيين وجيش وسياسيين ومجتمع مدني من أجل القضاء على هذه الآفة". وفي تصريحات لوكالة الأناضول على هامش الوقفة، أشار بن حميدة إلى أن "هذه العملية عكست خللا أمنيا في تأمين مجلس نواب الشعب فأن يدخل أشخاص مشبوه فيهم لمتحف باردو (المتحف موازي لمجلس النواب التونسي) وبتلك الطريقة كان من المفروض أن تكون هناك حراسة مشددة لمثل هذه الأماكن وهو ما يطرح أسئلة عديدة." وتابع أن "هناك تراخ كبير من المجلس التأسيسي (البرلمان السابق) وبعده مجلس نواب الشعب في مسألة قانون مكافحة الإرهاب الذي كان من المفترض أن يتم المصادقة عليه منذ البداية ولا أن يؤجل ليحصل ما حصل اليوم". من جهة أخرى قال المؤرخ والأستاذ في الجامعة التّونسية عميرة الصغير، إن "هذه العملية الإرهابية خطيرة جدّا لأنها وقعت في مكان محاذ لمجلس نواب الشعب وهو ما يدل على الجرأة الكبيرة التي وصل إليها الإرهابيون إضافة إلى عدم الكفاءة في الرقابة الكافية على المجلس حتى أنه تم دخول عناصر مشبوهة بتلك السهولة وبالتالي يجب مراجعة كل هذه الأمور". وفي تصريحات لوكالة الأناضول على هامش الوقفة، أشار في المقابل إلى أنه "هناك تعاف لجهاز الأمن في تونس في التعامل مع الإرهاب وآخرها الإيقافات عديدة وتفكيك لجماعات مسلحة كثيرة مؤخرا". ولف الصغير إلى أن "الإرهاب بث منذ 4 سنوات مضت من حكم الترويكا سرت فيها هذه الظاهرة وأصبحت لا تقتصر في تحركاتها على الجبال فقط وإنما امتدت إلى داخل المدن". وقتل 21 شخصا بينهم 17 سائحا من (جنسيات بولونية وإيطالية وألمانية وإسبانية)، وتونسيان أحدهما رجل أمن، وإرهابيان، جراء الهجوم على متحف باردو المحاذي لمجلس النواب التونسي (البرلمان) بالعاصمة تونس ، بحسب رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد.
وحتى الساعة 18.55 ت.غ، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية التي لاقت إدانة عربية ودولية واسعة.
وتعتبر هذه العملية الإرهابية الأولى من نوعها في العاصمة تونس ، والثانية التي تستهدف سياحا، منذ هجوم أبريل/ نيسان 2002، الذي لحق بكنيس الغريبة (معبد يهودي) في جزيرة جربة (بمحافظة مدنين جنوبي البلاد)، وقتل فيه 14 شخصا، منهم 6 سياح ألمان و 6 تونسيين وفرنسي واحد، كما أصيب فيه أكثر من 30 شخصا
وشهد مشروع قانون مكافحة "الإرهاب" بتونس عثرات عديدة خلال المصادقة عليه من قبل المجلس التأسيسي بسبب عدم اتفاق النواب على بعض فصوله وخاصة فيما يتعلق بتعريف الجرائم الإرهابية والعقوبات المسلطة على هذه الجريمة، وهو ما اضطر رئاسة المجلس إلى تأجيل المصادقة عليه إلى البرلمان الجديد.
ويشمل مشروع قانون مكافحة الإرهاب 136 فصلا تم منها مناقشة 40 فصلا من قبل أعضاء المجلس الوطني التأسيسي السابق.