بمرارة، يتذكر النيجيري "يوسيني محمد"، واقعة اغتصاب طفلته على يد جارهم في ولاية "باوتشي" (شمال شرق)، لكن مأساته وطفلته ليست إلا واحدة من بين كثير من حالات اعتداء، ضحاياها من القاصرات التي غالبا ما يفلت فيها الجناة من العقاب أو تصدر بحقهم أحكام مخففة. وفي حديث لوكالة الأناضول، قال "يوسيني"، إنه لا يريد سوى العدالة لابنته ذات الخمس سنوات، مضيفا: "كلما أنظر إلى ابنتي، أبكي".
وكانت ابنته تعرضت مؤخرا للاغتصاب على يد أحد الجيران الذين كان يعيش إلى جوارهم منذ سنوات.
ومضى الأب المكلوم في سرد تفاصيل معاناته: "ذهبت الفتاة البريئة إلى بيت مصطفى (الجار المعتدي) للعب مع أطفاله".
مجهشا بالبكاء، تساءل "يوسيني": "كيف يمكن لرجل ناضج، يزيد عمره عن 40 عاما، أن ينتهك حرمة فتاة صغيرة على هذا النحو؟".
وعلى الرغم من محاولات (الجار) تسوية القضية وديا، أصر محمد على الإبلاغ عن جاره وتقديم شكوى إلى السلطات.
وأضاف "يوسيني" معربا عن أسفه: "أحيلت القضية إلى إدارة التحقيقات الجنائية التابعة للشرطة، وألقت السلطات القبض عليه، قبل أن يطلق سراحه لاحقا بكفالة، ومنذ ذلك الحين، لم تره أعيننا".
وتابع: "أبلغني البعض أنه باع منزله، وغادر المنطقة، وذلك لأنه كان عليه مغادرة المنطقة بعد ما حدث".
من جانبه، أقر المتحدث باسم شرطة "باوتشي"، محمد هارونا، بأن جرائم الاغتصاب "آخذة على ما يبدو في الارتفاع".
وقال في تصريح لوكالة الأناضول، إن "المراهقات والأطفال الصغار ما بين 5 و15 عاما أصبحوا هن ضحايا الوقت الراهن"، وحث الآباء وأولياء الأمور على توخي الحذر.
واعتبر أنه "من المزعج أن من بين المشتبه بهم الذين اعتقلوا رجلا، عمره 45 عاما، اغتصب ابنته البالغة من العمر 11 عاما، ورجلين تتراوح أعمارهما بين 45 و54 عاما، اغتصبا فتيات بين عامين وأربع أعوام".
ووفقا لبيانات الشرطة الرسمية، تم الإبلاغ عن 95 حالة اغتصاب بين عامي 2011 و2015، في حين تم القبض على 75 مشتبها بهم بتهمة الاغتصاب، خلال الفترة نفسها، وأدين 21 متهما، في حين لا يزال 74 آخرون قيد المحاكمة، وفي يناير/ كانون الثاني وحده، تم الإبلاغ عن 12 حالة اغتصاب.
وينص القانون الجنائي النيجيري، على معاقبة من يتم إدانتهم بالاغتصاب بالسجن المؤبد، و14 عاما لمحاولة الاغتصاب.
وأشار تقرير أصدره المجلس الثقافي البريطاني عام 2012، حول العنف القائم على أساس نوع الجنس في نيجيريا، إلى أن واحدة من بين كل ثلاث إناث تتراوح أعمارهن بين 15 و24 كانوا ضحية للعنف.
إحدى هؤلاء الضحايا، فاطمة أبو بكر (7 أعوام)، التي كانت تلعب مع صديقتها، عندما استدرجها أحد الجيران الذي يبلغ من العمر 46 عاما إلى غرفته واغتصبها، وفي الوقت الراهن تنظر المحكمة قضيتها.
وفي حديث لوكالة الأناضول، تذكرت "فاطمة" تفاصيل الواقعة المفجعة: "كنت أشعر بألم شديد، ولم أتمكن من السير بشكل جيد عندما خرجت من غرفته".
وأضافت: "عندما رأت والدتي الطريقة التي كنت أسير بها، سألتني عما حدث، فقلت لها أن عبد الله (الجار المعتدي) نام فوقي".
وأحد المتهمين، الذين التقتهم وكالة الأناضول، أثناء احتجازه لدى الشرطة في انتظار المحاكمة، هو أبو بكر ماغاجي، (45 عاما)، وهو أب لديه ثلاثة أطفال، من زوجته الأولى التي تركته قبل عشر سنوات، وطفل من زوجته الثانية، التي تركته في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وفي حديث لوكالة الأناضول من محبسه، قال "ماغاجي": "كنت أعيش بمفردي، حتى جاءت ابنتي لتقيم معي".
وبحسب تقارير الشرطة، اعترف بتهديد ابنته بالقتل، إذا لم تسمح له بممارسة الجنس معها.
وأضاف "ماغاجي": "شعرت بالخزي للتورط في مثل هذا العمل".
من جانبه، أعرب "سيدو أبو بكر"، منسق برنامج "مبادرة لتنمية المرأة تاتالي غيدا"، وهي منظمة غير حكومية مكرسة لحقوق المرأة والطفل في ولاية باوتشي، عن أسفه لارتفاع معدلات الاغتصاب.
وفي حديث لوكالة الأناضول، قال "أبو بكر": "استقبلنا عدة حالات اغتصاب، والنساء والأطفال دون السن القانونية يتعرضن للتحرش الجنسي على يد رجال كبار لدرجة أنهم في عمر آبائهم أو أجدادهم".
وأوضح أنه رغم انتشار جرائم الاغتصاب على نطاق واسع، لا يتم الإبلاغ عن معظم الحالات خوفا من الوصم بالفضيحة.
منتقدا السلطات القضائية، أضاف الناشط: "في معظم القضايا، يتم معاقبة المغتصبين بأحكام مخففة، كما يسمح بإطلاق سراح البعض، بينما يتم إغفال بعض القضايا مباشرة بسبب قصور الملاحقة القضائية".
وأشار "أبو بكر" إلى قضية، اغتصب المتهم الذي يبلغ من العمر 63 عاما، ابنة جاره البالغة من العمر 11 عاما"، لكن على حد قوله ما "صدم الناس هو أنه كان يتفاخر بأنه سوف يغتصب ضحيته مرة أخرى بعد أن أطلق سراحه بكفالة".
ووفقا لأبو بكر، لم يتم إدانة المغتصب المشتبه به أبدا، لأن قاضي المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى، لم يسمع الشكوى قط.
واعتبر أنه "بغض النظر عن حكم المحكمة بالعقوبة القصوى، ينبغي أيضا دفع تعويضات لضحايا الاغتصاب وإعادة تأهيلهن، لأنهن يعانين الكثير من الصدمات النفسية والعاطفية".
من جهته، رأى أنيكان ميندي، نائب رئيس نقابة المحامين في ولاية "باوتشي"، أن المغتصبين المدانين يجب أن يواجهوا عقوبة الإعدام.
وقال في حديث لوكالة الأناضول: "عندما يتم إدانة الجاني مرتكب الاغتصاب، يجب أن يحكم عليه بالسجن المؤبد، وهذه العقوبة ينص عليها قانون العقوبات".
وأوضح "ميندي" أن "جريمة الاغتصاب مدرجة تحت الملحق (أ) من القانون الجنائي، وهو ما يعني أن المحكمة العليا فقط يمكنها البت في قضايا الاغتصاب".
وبين أنه "عندما ترفع دعوى قضية اغتصاب أمام محكمة الصلح، فإنها تنظر أمام محكمة خاطئة، لأنها تفتقر إلى الاختصاص القضائي للفصل في الدعاوي، لذلك فإن الإجراءات فيها ستكون باطلة"، على حد قوله.