تبددت في الأردن رسائل النداءات والأمل بانتصار نيابيٍ للحريات الصحافية في جلسة التصويت على المادة 23 من مشروع قانون مكافحة الفساد المعدّل لقانونِ هيئة مكافحة الفساد. وحدثت خيبة الأمل بعد أن صوت 56 نائباً من أصل 96 نائباً على إبقائِها كما وردت من الحكومة، وتنصُ المادة ُ على تغريم كل من ينشر أو يتحدث عن قضية فساد من دون دليل بغرامة تتراوح ما بين 30 ألفَ دينار إلى 60 ألف دينار الأمرُ الذي اعتُبِرَ لطمة جديدة في وجه الإعلام والصحافة وتحصيناً للفاسدين. واعتبر عضو مجلس النواب ممدوح العبادي في حديثه ل"العربية.نت" أن القرار "هو تكميم أفواه الكتاب والصحافيين ومساعدة الفساد وليس محاربة الفساد. كنا نتمنى أن يكون هناك تغيير في قانون مكافحة الفساد لإعطائه المزيد من الاستقلالية وليس تكميم أفواه الصحافيين". من جانبه قال الصحافي محمد رواشدة ل"العربية.نت": "هي خطوة بلاشك تثير الريبة من الحكومة والنواب معا وكنا نستطيع أن نفهم هذا السلوك من النواب لو كانوا بصدد مناقشة قانون العقوبات وهذه الخطوة أثارت العديد من الأسئلة في عقل الإصلاح والإصلاحيين". وبهذه الخطوة يتراجع البرلمان الأردني عن قراره السابق حين صوتَ على شطب المادة من القانون، والتي كانت تنص على السجن لمدة تصل إلى 6 أشهر وغرامة مالية، الأمر الذي رفضه مجلس الأعيان بفارق صوتين حسمهما الوزير والعين توفيق كريشان وزميله العين ووزير التربية والتعليم تيسير النعيمي حيث يسمح الدستور الأردني بازدواجية عضوية المجلسين وأقره من دون شطب ما دعا إلى تشكيل حشد نيابي للإصرارعلى موقفهم السابق. غير أن الحكومة سحبت مشروع القانون قبل أن تعيده إلى البرلمان مع تعديل غلظ الغرامة المالية وشطب عقوبة الحبس. وخالف المجلس أيضاً بقرارهِ مقترح لجنته القانونية الذي نص على ألا تقل الغرامة عن 10 آلاف دينار ولا تزيد عن 30 ألف دينار، ويأتي القرار من وجهة نظر بعضِ النواب لوقف اغتيال الشخصيات، وليس نتيجة ضغوطات من قبل بعض الجهات عليهم لإقرار أكثر المواد جدلاً، وفي هذا الصدد يقول خليل عطية عضو مجلس النواب الأردني "نحن ضد كل من يقوم بوجه غير حق أن يتهم أي إنسان بالفساد من دون وثائق تؤكد بأنه فاسد"، مضيفا "لم يمارس عليّ أحد أي ضغوطات من أي جهة". ويرى مراقبون أن تراجع النواب عن قرارهم السابق في شطب المادة الثالثة والعشرين من مشروع قانون مكافحة الفساد كان معلوماً، ذلك أن سرعة سحب الحكومة لمشروع القانون جاء تمهيداً لإعادته بنسخة منقحة لكن بعد التحشيد النيابي معه هذه المرة وهو ما كان بالفعل بحسب متابعين ليضع بذلك قيوداً على الصحافة والإعلام التي نبشت سهام نقدها ملفات مسكوت عنها، قبل أن يشرعَ المشرع بعقوبة لمن يغتال الشخصيات تبلغ أضعاف أضعاف من يتعرض لأرباب الشرائع والأنبياء كما أشارت إليه إحدى عضوات مجلس النواب تحت قبة البرلمان.