في 5 مارس عام 2011، اقتحم متظاهرون المقر الرئيسي لمباحث أمن الدولة في القاهرة مطالبين بحل الجهاز، وذلك في أعقاب أنباء عن أن ضباط الجهاز يتخلصون من وثائق يمكن أن تدينهم. وصف هذا اليوم بأنه "تحطيم لهالة القوة" التي أحاطت بالجهاز، والذي كان اختيار وزراء الداخلية لا يخرج عن ضباطه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وهو الوضع الذي تغير بعد ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011، إلى أن عادت "ريمة لعادتها القديمة"، كما يقول المثل الشعبي المصري، ففي الذكرى الرابعة لهذا اليوم، عاد منصب الوزير إلى هذا الجهاز، بتعيين اللواء مجدي عبد الغفار، خلفا للواء محمد ابراهيم وزير الداخلية السابق.
اللواء مجدي عبد الغفار، يعرفه أقرانه من الضباط، بأنه من "أبناء الذوات"، حيث ينتمي إلى واحدة من كبار العائلات الشرطية ميسورة الحال، فوالده كان اللواء محمد عبدالحميد عبدالغفار، وعمه ياسين عبدالغفار الطبيب الشهير الذي ارتبط اسمه بالإشراف على علاج العندليب الراحل عبد الحليم حافظ، أحد أشهر المطربين المصريين، وفي نفس الوقت فإن شخصيته تتسم ب "الحزم والصرامة".
ويقول محمد نور الدين، اللواء السابق في الشرطة المصرية، لوكالة الأناضول: "الصرامة والحزم السمة الأساسية للوزير الجديد.. فهو من المؤكد أكثر حزما من محمد إبراهيم".
وقضى الوزير الجديد فترة طويلة من حياته المهنية داخل جهاز أمن الدولة، قبل أن يتم ترقيته لمنصب رئيس الجهاز بمسماه الجديد "جهاز الأمن الوطني" في أعقاب الثورة.
ويبلغ الوزير الجديد من العمر حاليا 62 عاما، وهو من مواليد محافظة المنوفية (بدلتا نيل مصر، شمالا)، فى عام 1953 وتخرج فى كلية الشرطة عام 1974، وكان ترتيبه على دفعته ال194، حسب مصدر أمني زامله في الكليه.
والتحق الوزير الجديد بالعمل بمباحث أمن الدولة ثم تدرج فى المناصب قبل أن يغادر الجهاز إلى قطاع الموانىء لفترة، ثم يعود مرة أخرى للجهاز برتبة لواء، ويترقى في المناصب حتى وصل إلى رئيس جهاز الأمن الوطني في 17 يوليو/تموز عام 2011، واستمر في هذا المنصب إلى أن أحيل للتقاعد، فى شهور يونيو/ حزيران من عام 2012.
وشغل عبد الغفار قبل ترقيته لمنصب رئيس الجهاز، وظيفة رئيس أمن الجهاز، ومهمة هذه الإدارة هي الوقوف حائط صد أمام أي اختراق قد يحدث للجهاز، وهو ما يقتضي دراسة حالة كل الضابط العاملين به، ومن ثم كان لدية دراية كافية بالجهاز وضباطه، كما أنه كان أحد المسؤولين عن تقييمات الضباط فى وزارة الداخلية ما اتاح له فرصة معرفة كل صغيرة وكبيرة في الوزارة، حسب نور الدين.
وعاب خبراء أمنيون على الوزير السابق محمد إبراهيم أنه لم ينجح في وقف سلسلة التفجيرات التي صارت شبه يومية في مصر، بسبب ضعف أداء جهاز المعلومات في الوزارة "جهاز الأمن الوطني"، وهو ما قد يجيب على سؤال لماذا اختيار الوزير الجديد، حسب مصدر أمني.
لكن مصدر آخر قال لوكالة "الأناضول"، طالبا عدم ذكر اسمه، إن "هذه الإجابة تبدو ناقصة، إذا لم نضع في هذا السياق تصريحات الوزير الجديد إبان تولية منصب رئيس جهاز الأمن الوطني".
وأوضح المصدر أن "الصرامة والحزم، كصفة أساسية في شخصية اللواء عبد الغفار، لا تتناقض مع كونه يملك رؤية أقرب لعلاج الانتقادات التي وجهت لممارسات وزارة الداخلية، في أعقاب حوادث شهيرة أحدثت انتقادات حقوقية مثل مقتل الناشطة اليسارية شيماء الصباغ خلال تظاهرة بميدان التحرير قبل 40 يوما".
وأوضح المصدر أن "تصريحات اللواء عبد الغفار أبان تولية مسئولية جهاز الأمن الوطني، حملت رؤية واعية لظروف المرحلة الدقيقة التي كانت تمر بها مصر".
كان اللواء عبد الغفار رحب إبان توليه مسؤولية "الأمن الوطني" بالرقابة الوطنية على أداء الجهاز الذي تم استحداثه ليكون بديلاً لجهاز مباحث أمن الدولة الذي صدر قرار بحله عقب ثورة 25 يناير/كانون ثاني. كما وصف جهاز الأمن الوطني بأنه "الابن الشرعي لثورة 25 يناير(كانون ثاني)"، وأنه "جهاز خاص بحماية المواطن وليس لحماية النظام ولن يكن أبدًا مثل أمن الدولة سابقا".
وكان جهاز أمن الدولة يشتهر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك(أطاحت به الثورة)، بأنه معني بتعذيب المعارضيين واستجوابهم بطرق غير إنسانية، ممارسة الرقابة على الهواتف والمواطنين.