اختلفا في الحداثة والابتكار واتفقا على ألا يتعرضا لإسرائيل «داعش» تحارب الأنظمة العربية.. و«القاعدة» عدوها الأمريكان والغرب الظواهري كلمة السر فى الخلاف بينهما.. وخبراء: المخابرات الغربية تمول «داعش» أصبحت مخاطر العالم مقتصرة على أفراد متشددة تدعى انتماءها للإسلام بارتداء عباءة ولحية وفكر متطرف، نتيجته خطف وقتل وذبح عُزل وترويع الآمنين، ظهر آخرها التنظيم الإرهابى "داعش" بعد أن سلم له تنظيم القاعدة كل مهماته ولكن بتقنيات أعلى متماشية مع العصر، أى أن التنظيمين وجهان لعملة واحدة، لكن داعش وصف بالأكثر وحشية عالميًا؛ بسبب ما يستطيع نشره من مقاطع فيديو عن جرائمه، لكن تظل الأساليب والأدوات والأهداف قريبة جدًا.. مَن ينظر إلى الواقع بعين من الدقة يجد أننا أصبحنا فى مسلسل تعاد حلقاته من جديد ولكن بأسلوب أكثر تطورًا وبإمكانيات متطورة وكأن مسلسلًا قديمًا تمت إعادة تصويره مرة أخرى ولكن بالألوان. أتحدث عن داعش وتنظيم القاعدة، فكلاهما له أمام العالم هدف واحد ظاهرى وهو إعادة الخلافة الإسلامية والقضاء على أى شيء يعادى أو يخالف الدولة الإسلامية، ولكن الجميع يعرف الغرض الحقيقى لهذه الجماعات ومن يقف خلفها ويدعمها لتشويه صورة الإسلام أمام العالم، وإن كان داعش أكثر حدة وشراسة من تنظيم القاعدة. «القاعدة وداعش».. تعددت الوسائل والبدايات والهدف واحد القاعدة أو تنظيم القاعدة أو قاعدة الجهاد، منظمة متعددة الجنسيات تدعو إلى الجهاد الدولى وهاجمت أهدافًا مدنية وعسكرية فى مختلف الدول، أبرزها هجمات 11 سبتمبر 2001، تبع هذه الهجمات شن الحكومة الأمريكية حربًا على الإرهاب. تشمل أهداف القاعدة إنهاء النفوذ الأجنبى فى البلدان الإسلامية وإنشاء خلافة إسلامية جديدة، وتعتقد القاعدة أن هناك تحالفًا مسيحيًا - يهوديًا يتآمر لتدمير الإسلام. وصفت فلسفة القاعدة الإدارية بأنها مركزية فى القرار ولا مركزية فى التنفيذ، وبعد الحادى عشر من سبتمبر أصبحت قيادة تنظيم القاعدة معزولة جغرافيًا، ما أدى إلى ظهور قيادات إقليمية للمجموعات المختلفة تعمل تحت اسم القاعدة. تصنف القاعدة كمنظمة إرهابية من قبل كل من مجلس الأمن والأمانة العامة لحلف شمال الأطلسى والمفوضية الأوروبية للاتحاد الأوروبى ووزارة الخارجية الأمريكية وأستراليا والهند وكندا وإسرائيل واليابان وكوريا الجنوبية وهولندا والمملكة المتحدة وروسيا والسويد وتركيا وسويسرا. أما تنظيم داعش والذى يطلق على المنتمين له اسم الدواعش ويسمى نفسه الآن "الدولة الإسلامية"، فهو تنظيم مسلح يتبنى الفكر السلفى الجهادى، ويهدف أعضاؤه - حسب اعتقادهم - إلى إعادة "الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة"، ينتشر فى العراقوسوريا، وزعيمه هو أبو بكر البغدادى، ونما داعش بشكل ملحوظ تحت قيادته وحصل على الدعم فى العراق بسبب التمييز الاقتصادى والسياسى المزعوم ضد السنة العراقيين العرب، وله وجود كبير فى المحافظات السورية بعد الدخول فى الحرب الأهلية السورية. كان لداعش صلات وثيقة مع تنظيم القاعدة حتى فبراير عام 2014، حيث إنه بعد صراع طويل استمر لمدة ثمانية أشهر قطع تنظيم القاعدة كل العلاقات مع داعش ردًا على وحشيتها وما قيل "الاستعصاء سيئ السمعة". قام داعش بالعديد من العمليات الإرهابية المتوحشة والتى كان آخرها قتل 21 قبطيًا مصريًا فى ليبيا ردًا على ما ادعاه داعش من عدم تسليم السلطة المصرية سيدتين قبطيتين أعلنتا إسلامهما ثم اختفيتا بعد ذلك ولم يعرف أحد مصيرهم حتى الآن لها، وهما كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين. وأبرز مختصون فى شؤون الإسلام السياسى عدة فروق بين تنظيم القاعدة الذى ظهر فى أفغانستان وداعش الذى تمدد فى العراقوسوريا، مشيرين إلى أن القاعدة كان يتبنى الحرب ضد بلاد الغرب والأمريكان، بخلاف داعش الذى يهدف إلى إقامة الخلافة الإسلامية ومحاربة الأنظمة العربية. وأوضح الخبراء أن من ضمن هذه الفروق أن داعش يتبنى الفكر التكفيري أكثر من القاعدة، معتبرين كل من يساند الحاكم دمه محلل، بخلاف القاعدة الذى يهدف بالأساس لمحاربة الغرب. وكان لبروز تنظيم داعش سريعًا عظيم الأثر فى نفوس شباب القاعدة الذين رأوه منقذهم بعد أن خفتت رايتهم وباتت القيادات إما مطاردين عبر أنحاء العالم أو مقتولين بعد تهافت الدول لمحاربتهم وتجفيف منابع حياتهم، ما دعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى إلى محاولة استمالتهم عبر تأكيده أن قيادات داعش كانوا فى الأساس جنودًا فى تنظيم القاعدة، مطالبًا عناصر داعش بالسمع والطاعة، إلا أن المفاجأة ما بثته مواقع تابعة لداعش عبر متحدثها الإعلامى يرفض فيه مبايعة الظواهرى، وطالب المتحدث باسم داعش، زعيم القاعدة، بمبايعة أبو بكر البغدادى. وقال خالد الزعفرانى الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية، إن هناك فروقا عدة بين تنظيمي داعش والقاعدة، مؤكدا أن أبو مصعب الزرقاوى هو الذى أسس داعش بعد انشقاقه عن تنظيم القاعدة لاعتراضه على سياسيات التنظيم، مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة كان يستهدف الأمريكان والغرب وليس بلاد العرب، وذلك بعد تأسيسه لمحاربة الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان، حيث وجه رصاصه لأمريكا بعد انتهاء الحرب بخلاف داعش الذى يهدف إلى إقامة الدولة الإسلامية بعد انطلاقها فى العراقوسوريا، وبالتالى فإن حربه تكون ضد الدول والجيوش العربية وليس الغرب، موضحًا أن هذا التنظيم "داعش" على علاقة أيضًا بالمخابرات الأمريكية، وهو ما يفسر إحجام أمريكا عن القضاء عليه حتى الآن وتمدده كل يوم بشكل أوسع. وأضاف ل"المصريون" أن تنظيم داعش يتبنى الفكر التكفيرى، فهو أكثر تشددًا من القاعدة حتى أنه يقتل المسلمين أيضًا ويعتبر أن مساندة الحكام العرب خيانة، ولذلك لا يتوانى فى قتل الجنود والضباط وكل من يتعاون مع الأنظمة العربية لسعيه لإقامة ما يسمى بالخلافة الإسلامية. ورأى أحمد بان الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية، أن الخلاف بين تنظيمي داعش والقاعدة يكمن فى الدرجة، حيث يرى القاعدة وجوب محاربة العدو البعيد المتمثل فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، فى حين يرى داعش استهداف العدو القريب "الشيعة والأنظمة العربية". ولفت بان، إلى أن أسامة بن لأدن زعيم القاعدة الراحل ما زال يجمع الفرقاء فى التنظيمين على أفكاره، بالرغم من مقتله، حيث يعتبر رمز الزعامة الروحية الدينية لدى الطرفين وهو ما ظهر فى كلمة للمتحدث باسم بداعش أثناء قتل المصريين فى ليبيا. وعن اختفاء القاعدة من المشهد وبروز داعش، أشار الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية، إلى أن كثيرًا من أنصار القاعدة تحولوا إلى داعش بعد وفاة الزعيم الروحى للتنظيم أسامة بن لادن، ونجاح داعش فى السيطرة المسلحة على عدد كبير من المناطق الجغرافية فى العراقوسوريا، لذلك قلت جاذبيتهم للشباب. وأوضح سامح عيد الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، أن تنظيم داعش يعتبر من الجيل الثالث من تنظيم القاعدة، حيث يعتبر عناصر داعش أكثر شبابًا وأكثر شراسة، من الجيل السابق، لافتًا إلى وجود خلافات بين التنظيمين وصلت إلى حد الاقتتال فى سوريا ونتجت عنها انتصار داعش، ما دعا عددًا كبيرًا من عناصر القاعدة إلى الانضمام للمنتصر واشتراكها فى الهدف. وأشار عيد إلى أن داعش كان أكثر جرأة عندما أعلن عن دولة الخلافة والتى كانت هدفًا لجميع الحركات الإسلامية، ما جذب عددًا كبيرًا من شباب القاعدة إلى الانضمام لداعش، وذلك بعد أن قتل عددًا كبيرًا من قيادات القاعدة وبلغ الباقى منهم سن العجز. وأضاف عيد أن داعش كان عنده فرصة مناسبة لإعلان خلافته، والتى كانت هدفًا للقاعدة بعد الأحداث السياسية والأمنية التى تمر بها المنطقة، كما كان للمتوسط التعليمى العامل الأبرز لنجاح داعش على حساب القاعدة، حيث إن أبرز عناصرها جامعيون وكانوا يدرسون فى الجامعات الأوروبية، ما ساعدهم على التعامل بشكل احترافى وأكثر كفاءة مع وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام والمتمثل فى مجلة دابق التابعة لداعش والتكنولوجيا، بخلاف تنظيم القاعدة الذى ظل ملازمًا فى الكهوف، فضلاً عن المساعدات المالية الكبيرة التى تلقاها التنظيم من الدول الخارجية. وهاجم تنظيم داعش، زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى على لسان متحدثه الرسمى أبو محمد العدنانى فى كلمة بثتها مواقع جهادية تابعة للتنظيم، ووجه فيها العدنانى انتقادات لاذعة للظواهرى، تحت عنوان "عذرًا أمير القاعدة"، ردًا على تأكيدات الظواهرى بأن داعش فرع للقاعدة. ويعتبر حديث العدنانى دليلاً على مدى الخلاف الشديد بين التنظيمين. وأكد العدنانى أن داعش ليس فرعًا للقاعدة، قائلاً: "عذرًا أمير القاعدة.. الدولة ليست فرعًا تابعًا للقاعدة ولم تكن يومًا كذلك، بل لو قدر لكم الله أن تطأ قدمكم أرض الدولة الإسلامية لما وسعكم إلا أن تبايعوها وتكونوا جنودا لأميرها القرشى حفيد الحسين كما أنتم اليوم جنود تحت سلطات الملا عمر"، على حد قوله. ودلل المتحدث الرسمى بعدم تبعية التنظيم للقاعدة بعدم استجابة داعش لطلب الظواهرى المتكرر بالكف عن استهداف عوام الروافض فى العراق بحكم أنهم مسلمون يعذرون بجهلهم، قائلاً: "فلو كنا مبايعين لك لامتثلنا أمرك حتى لو كنا نخالفك الحكم عليهم، هكذا تعلمنا فى السمع والطاعة، ولو كنت أمير الدولة لألزمتها بك ولعزلت من خالفك، بينما التزمنا طلبكم بعدم استهدافهم فى إيران وغيرها". الأمر فى أعين الأمنيين يختلف كثيرًا من جانبه، أكد اللواء محمد الفخراني، الخبير الأمني، أنه على الرغم من تشابه الأهداف بين داعش والقاعدة، إلا أن داعش أكثر وحشية وخطورة من القاعدة، فهما اختلفا فى درجة الوحشية والإجرام واستخدام الوسائل التكنولوجية، فالعالم أجمع يشهد أن داعش يستخدم أفضل الوسائل التكنولوجية للترويج لأفعاله الإجرامية حول العالم ونشر فيديوهاته التى تهدف لنشر الرعب وتشويه صورة الإسلام وإيقاع العالم فى حرب لا يعلم مداها غير الله. وأضاف الفخراني، فى تصريحات خاصة ل«المصريون»، أن من أبرز الاختلافات بين داعش وتنظيم القاعدة، أن التابعين لتنظيم القاعدة كانوا يقومون فى الأساس على العمليات الانتحارية أو التفجيرات، ولكن الدواعش يعتمدون على حرق وذبح ضحاياهم، بالإضافة إلى أن القاعدة كانت لا تعطى مقدمات عن عملياتها، كنظام المساومة الذى يقوم به داعش ولا يعرف أحد مقصدًا من هذا إلا أنه يريد الربط بين ما يقوم به وبين الإرهاب، فضلًا عن أن القاعدة كان يوجه هجماته للغرب فقط ولم تطل يده العالم الإسلامى أو العربى، والعكس تمامًا فى داعش الذى يصب نار غضبه على المسلمين والأقباط والعرب بالدرجة الأولى، ثم يأتى بعد ذلك الآخرون. استخدام «داعش» للتكنولوجيا استعراض قوة فقط وعلى صعيد آخر، أكد اللواء محمد السيد القطري، الخبير الأمني، أن استخدام تنظيم داعش أحدث الأدوات والتقنيات الإعلامية فى حرب دعائية من نوع خاص، أظهر الشريط المصور الأخير لها، والذى تستعرض فيه ذبحها 21 قبطيًا مصريًا استعراضًا جديدًا للقوة، ولكن الاستعراض هذه المرة جاء بأحدث تقنيات التصوير المتاحة، مشيرًا إلى أن شريط الفيديو خرج بوجوه عديدة تقف بلباس عسكرى نظامى خلف ضحاياهم استعدادًا لذبحهم ليظهر وكأنه دعاية لفيلم رعب خاصة بعد نقله لصور حقيقية بمؤثرات صوتية، وأخرى صورية، وتتعدى ذلك إلى الرقمية، وأظهر الفيديو انتقالًا من أسلوب محاولة الترهيب من القتل فرديًا إلى القتل الجماعي. وأضاف «قطري» أن تنظيم القاعدة لم يكن يتحلى بهذه الوسائل التكنولوجية المتطورة، حيث وظف وسيلة الاتصال بالفاكس لنشر بيانات التنظيم فى مراحل تكوينه الأولى، وحال ظهور هواتف الاتصال بالأقمار الصناعية، استثمر مبالغ كبيرة لتزويد قياداته فى جميع أرجاء العالم بهذا النوع من الهواتف من أجل تسهيل عملية الاتصال وضمان السرعة والهروب من الرقابة الأمنية التى كانت تفرض على الاتصالات الأرضية التقليدية، حتى أصبح استخدام شبكة الإنترنت عاملًا أساسيًا فى نقل أفكار وأخبار التنظيم بالكلمة المكتوبة والصوت المسموع والصورة المرئية وجاء البريد الإلكترونى لتسهيل وتأمين عملية الاتصالات الشخصية المباشرة وبلغات مشفرة بين قيادة وأعضاء التنظيم، ولكنه لم يصل إلى الدرجة المتطورة التى وصل إليها داعش. اتفقا على ألا يتعرضا لإسرائيل ورغم أن التطور الذى وضع فارقًا بين التنظيمين لم يغير أهدافهما الأساسية، والتى أهمها الاتفاق على عدم التعرض لإسرائيل بشكل أو بآخر، كشف استطلاع للرأى بدولة الاحتلال، أن "داعش" و"القاعدة"، لا يشكلان تهديدًا ملموسًا على حياة الإسرائيليين. وأظهر الاستطلاع، أن ثلث الإسرائيليين يرون أن التهديدات من الجنوب والشمال هى الأخطر، ويأتى بعد ذلك التهديد النووى الإيراني، فى حين أن "داعش" و"القاعدة" لا يشكلان خطرًا على الإسرائيليين، ما يؤكد أن الوجه الحقيقى للتنظيمين واحد ثابت لن يتغير مهما طال الزمن، حيث إن القاعدة وداعش لم يذكرا فى أي من بياناتهما إعلان الحرب على إسرائيل.