في الوقت الذي حدّدت فيه الحكومة التوغولية موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في 15 إبريل/ نيسان القادم، انقسمت المعارضة بين شقّ مقاطع لموعد انتخابي يرى أنّه لا جدوى من ورائه في ظلّ عدم إقرار الإصلاحات الدستورية المطلوبة، وشقّ ثان أبدى نوعا من التحفّظ حيال الموضوع برمّته. وفي مقابل هذا التباين في مواقف المعارضة، أعربت الأغلبية الحاكمة عن ثقتها بحسن سير العملية الانتخابية القادمة. حزب "يونير" الحاكم اختار في خطوة متوقعة الرئيس الحالي للبلاد "فور غناسينغبي" منذ 2005، كمرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة. وعلى الرغم من أن "جون بيار فابر"، أبرز وجوه المعارضة التوغولية، قد أعلن عن ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية قبيل أسابيع من انطلاقها، فإن الجدل داخل المعارضة بقي يحوم حول الإصلاحات التي يتوجب القيام بها قبل خوض غمار أي سباق انتخابي. ومنذ عدة أشهر، رهنت أطياف واسعة من فصائل معارضة مشاركتها في الانتخابات بإصلاحات دستورية ومؤسساتية وانتخابية في علاقة بالحد من الولايات الرئاسية، ما يستوجب تباعا، عدم قانونية ترشح "فور غناسينغبي" الرئيس القابع على سدة الرئاسة في التوغو منذ 2005. وفي تجاهل تام لهذه المطالب ،أعلن حزب "يونير" الحاكم يوم أمس الإربعاء عن ترشيح "غناسينغبي" لرئاسية 2015 في خطوة استقبلها مؤيدوه بكل ارتياح، فيما تقبلت أوساط المعارضة هذا الخبر بكثير من الدهشة والمرارة لم تزد إلا من رفع منسوب التحفظات التي تبديها بشأن عملية الاقتراع. من جانب آخر، تواصل أطياف كبيرة من المجتمع المدني بالتوغو، مدعومة بذلك من المعارضة البرلمانية وتلك الناشطة خارج أسوار البرلمان، دعواتها إلى مقاطعة الانتخابات، فيما أبدى "جون بيار فابر" قائد "التحالف الوطني من أجل التغيير (آ آن سي) المعارض وجهة نظر مخالفة تماما، ترجمها عمليا بالترشح إلى هذه الانتخابات "مهما كانت الشروط" بحسب ما صرح به في حديث للاناضول. " آم.فيليب"، هو من بين من يستعدون للتوجه إلى صناديق الاقتراع للقيام بواجبه الانتخابي، التقته الأناضول في أحد شوارع العاصمة "لومي، وقد علق على موقف "فابر" بالقول: "أعتقد أنه من حق جون بيار فابر المشاركة في الانتخابات. انظروا إلى ما أوصلتنا إليه استراتيجية المقاطعة في الماضي. انا لست بناشط فيحزبه لكني أتفهم موقفه". ثم أضاف في نبرة بالكاد تخفي مساندته لمرشح المعارضة: "يتوفر جون بيار فابر على حظوظ جيدة للفوز، أعتقد أنه يمكنه أن يحظى بدعم الشعب" موقف "فيليب"، لا يشاركه فيه أحد مؤيدي "فابر" من الناشطين في الحزب الذي صرح للأناضول مخيرا عدم الكشف عن هويته: "أنا أنشط في الآ آن سي وأؤكد لكم أني لست راض عن موقف زعيمنا. في الوقت الراهن، لا أرغب في رؤيته يذهب إلى هذه الانتخابات، ولا أرغب في رؤية أي قائد حزب معارض يقوم بذلك". فكرة هذا الناشط السياسي و "أمله الوحيد" هو أن يترك مرشح الحزب الحاكم يترشح إلى هذه الانتخابات وحده، في عزف منفرد ما من غيره يسمع إلى رجع صداه. ويبرر الناشط السياسي موقفه بالقول: "إذا ما شارك بمفرده (الرئيس التوغولي) في هذه الانتخابات سيتكون المجموعة الدولية والعالم أجمع في صفنا للحصول على اتفاق جديد يجبره على القيام بإصلاحات فورية" ، مقابل شعور الإحباط الذي عم صفوف المعارضة، استقبل أنصار حزب "يونير" المسار الانتخابي بإيجابية كبرى. أحد هؤلاء قال للأناضول بشأن ذلك في حديث ملؤه التفاؤل: "أعتقد أن المسار الانتخابي يمضي بشكل جيد وعلى ضوء التنسيق بين الفاعلين السياسيين و السيني (اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة)، أشعر بثقة كبرى في أن الأمور ستكون على ما يرام". "كوندو"، سائق "موتو-تاكسي سيقوم بدوره بالتصويت لفائدة "غناسينغبي"، قال للأناضول: "أشعر براحة كبيرة كوني أرى القائمين على الشأن الانتخابي يولون أهمية لكل مرحلة من هذا المسار". ثم أضاف في ثقة قد تبدو للبعض زائدة عن الحد:" أنا متأكد بأننا سنفوز بالانتخابات حتى من دون القيام بحملة". موقف لا يشاركه فيه عدد كبير من التوغوليين الذين قامت الأناضول باستجوابهم، وهم متفقون على أن " القيام وجوبا بجملة من الإصلاحات يشكل الضامن الوحيد لمصداقية المسار الانتخابي، ما سيمنع الدخول في سيناريو مماثل لذلك الذي حصل عام 2005 حين دخلت البلاد في دوامة من الفوضى". ناشط سياسي يرى من وجهة نظر لم ترد على لسان الكثيرين أن الجدل القائم لا طائل من ورائه كون "الدستور التوغولي ينص على أن يظل الرئيس المتخلي في منصبه، إلى حين انتخاب رئيس جديد، فلما العجلة إذن على الذهاب نحو هذه الانتخابات فيما الفاعلون أنفسهم ليسوا متفقين على الصيغة القانونية"، على حد تعبيره. وتنتهي الفترة الرئاسية للرئيس التوغولي "فور غناسينغبي" في أول أسبوع من شهرمايو/أيار المقبل، فيما أنتهت السلطات المختصة من عمليات مراجعة القائمات الانتخابية الإثنين الماضين على كامل التراب التوغولي.