أيد جمهور كبير من القانونيين والسياسيين تصريحات المستشار طارق البشري، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، رئيس اللجنة التي صاغت التعديلات الدستورية في مارس حول انتهاء "الطوارئ" في مصر، بحلول 20 سبتمبر الجاري، بعد انقضاء ستة شهور على إقرارها بموجب المادة 59 من الإعلان الدستوري، وحظيت "فتوى" البشري القانونية بتأييد واسع في الرأي العام المصري ، معربين عن رفضهم الالتفاف على الإعلان الدستوري الذي لا يجيز تمديد "الطوارئ" لما بعد المدة المحددة إلا عبر إجراء استفتاء شعبي، مشددين على ضرورة تقيد المجلس العسكري بهذا النص وعدم الخروج عليه بأي حال من الأحوال، حتى لا يكون ذلك خروجًا على الشرعية الديمقراطية التى صنعتها ثورة 25 يناير. ودعا محمد فائق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، المجلس العسكري لاستغلال تصريحات البشري حول انتهاء "الطوارئ" من أجل طي هذه "الصفحة السواء" في تاريخ مصر، مؤكدا أنه ينبغي الإعلان عن انتهاء العمل بالقانون الذي قرر المجلس العسكري تفعيله في وقت سابق هذا الشهر، باعتبار أن القانون الجنائي المصري قادر على التصدي لأي تجاوزت. وأيد فائق في تصريحات ل "المصريون" ما ذهب إليه البشري من رأي حينما حذر من أن المجلس العسكري "سيفقد الشرعية، إذا استمر في الحكم أكثر من الفترة التى حددها"، مشددًا على أن دور الجيش يبقى مساندا للثورة وليس مفجرا لها، وإنه يستحق التقدير والاحترام لموقفه العظيم فى مساندة الثورة، وكذلك القرارات التى يتخذها فى تحقيق مطالبها. وقال إن المجلس العسكري اكتسب شرعيته من الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وليس كما يتصور البعض أنه اكتسبها بقرار انتقال السلطة الذى أصدره الرئيس السابق حسني مبارك عند تنحيه في 11 فبراير، في البيان الذي تلاه عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية آنذاك بنقل سلطات الرئيس إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. من جانبه، أكد الدكتور عمر حمزاوي أستاذ العلوم السياسية، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن إعلان المجلس العسكري ومجلس الوزراء بشأن تفعيل قانون الطوارئ كإجراء سياسي يعد خروجا واضحا على الشرعية الديمقراطية التى صنعتها ثورة 25 يناير. وقال إن "الوعود المطاطية" من جانب الحكومة بعدم التعرض لأصحاب الرأي والنشطاء السياسيين وعدم تقييد الحريات لطمأنة المصريين لا تكفي، خاصة وان تجاربنا مع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك تزيد من مخاوفنا، عندما كان يردد الحجج ذاتها في تبريره لإبقاء حالة "الطوارئ" وهو ما تؤكده الحكومة اليوم. وحث حمزاوي القوى والشخصيات الوطنية على ضرورة اتخاذ موقف قاطع برفض تفعيل قانون الطوارئ والدعوة إلى إنهاء حالة الطوارئ فورا ودون إبطاء، واستغلال ما ذهب إليه المستشار البشري من عدم جواز تمديدها إلا من خلال استفتاء شعبي، وهو ما يجعل القوى الوطنية مطالبة باتخاذ موقف قوي حتى لا نسمح لسيف الطوارئ بأن يسلط مجددا على رقاب أصحاب الرأي والنشطاء. وربط حمزاوي بين تمتع المجلس العسكري بالشرعية والتزامه بتعهداته بتسليم السلطة إلى المدنيين وفق جدول زمني، وإجراء الاستحقاقات الانتخابية في موعدها، الأمر الذي سيقطع الطريق على أية محاولات للتشكيك في شرعيته. في حين أكد الدكتور عبد الله الأشعل، المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة، عدم دستورية التعديلات التي بموجبها مد "حالة الطوارئ"، خاصة وأن التعديل الأخير وسع من الحالات التي يطبق عليها القانون، ويكاد ينص على تجريم ممارسات سياسية بعينها، بعد أن كان قاصرا- بحسب المادة 193من الدستور السابق- على المخدرات والإرهاب. واعتبر ان النص الدستوري – بعدم جواز تمديد "الطوارئ" لأكثر من ستة أشهر إلا عبر استفتاء شعبي- يوفر فرصة ذهبية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة للتنصل من مد حالة الطوارئ وقيادة مصالحة مع القوى الوطنية. وأكد أن المجلس استمد شرعيته من دعمه للثورة ونتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية والأمر الواقع، وهو ما يجعل التشكيك في شرعيته حاليا أمر غير مقبول كونه مازال ملتزما بالوعد الذي قطعه علي نفسه بعدم مد الفترة الانتقالية وإجراء الاستحقاقات الدستورية في موعدها. في السياق ذاته، أعرب كد المهندس عاصم عبد الماجد، المتحدث باسم "الجماعة الإسلامية" عن تأييده لما ذهب إليه البشري من عدم دستورية مد الطوارئ بعد مرور ستة أشهر على نتائج الاستفتاء مؤكدا أن الوضع الحالي لا يتيح التمديد إلا بعد إجراء استفتاء عام. وقال إن مد العمل بقانون الطوارئ وجه رسالة خاطئة للرأي العام، لكونه يفتح الباب أمام عودة ممارسات النظام السابق مع ذلك رفض التشكيك في شرعية المجلس الأعلى للقوات المسلحة، معتبرا ان المجلس يتمتع بشرعية كون المؤسسة العسكرية هي التي حمت الثورة وطبقا لنتائج الاستفتاء، متهما بعض التيارات بالوقوف وراء حملة التشكيك فيه، لرغبتها بتفكيك مؤسسات الدولة والانقضاض عليها.