يقول مختصون فلسطينيون إن قطاع غزة يفتقر للأجهزة المخبرية اللازمة لفحص تلوّث الماء، والهواء، والتربة، والمزروعات. وأكدوا في حوارات خاصة مع وكالة الأناضول، أن الأجهزة المخبرية المتواجدة قديمة، وتعرضت لكثير من الأعطاب، ولا تتوفر قطع الغيار الخاصة بإصلاحها. لكن وزارة الصحة تقول إن المختبرات الطبية المتوفرة لديها قادرة على تشخيص معظم الحالات المرضية، إلا الوراثية منها، مؤكدة في ذات الوقت أنها تعاني من نقص "المواد التشغيلية اللازمة لإتمام إجراءات الفحص الطبي." وقال عطية البُرش، مسئول المختبر البيئي في سلطة "جودة البيئة": "نسعى لمتابعة المراقبة البيئية بشكل فعال، إذ أن السياسة الممنهجة من الاحتلال الإسرائيلي أدت إلى تدمير واضح في عناصر البيئة ". وأوضح أن سلطة جودة البيئة تعجز عن أداء دورها بشكل كامل بسبب نقص الأجهزة والمعدات البيئة المخبرية، بالإضافة إلى عدم مقدرتها على اتخاذ القرار الفعّال في ظل غياب المختبر البيئي والبيانات المطلوبة. ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي دمّر خلال الحرب الأولى التي شنّها عام (2008-2009)، المختبر الخاص بسلطة جودة البيئة. وتابع: "بلغت خسائر المختبر الذي دمّرته الحرب الإسرائيلية الأولى (2) مليون دولار، ونسعى جاهدين لإيجاد مختبر بديل، وقد بدأنا بهذه الخطوات، لكننا لم نوفر سوى (5) % من الأجهزة المطلوبة". وأكد أن البيئة بغزة تشهد تدهوراً خطيراً، نتيجة الحروب الثلاثة التي شنّتها إسرائيل على القطاع، خلال الأعوام الماضية. وأضاف:" رغم مرور (6) سنوات على الحرب الإسرائيلية الأولى، إلا أننا حتى الآن لا نعرف بالضبط نسبة المواد المشعة والمعادن بشكل دقيق". ويبيّن البرش أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة للعام الثامن على التوالي قيّد من إمكانيات سلطة جودة البيئة المخبرية، إذ تمنع السلطات الإسرائيلية من استيراد بعض الأجهزة المخبرية كالأجهزة الخاصة بقياس نسبة المواد المشعة في التربة، لأسباب أمنية كما تدعي. وفي ذات السياق، يقول المهندس جمال عابد، مدير دائرة الري ومشرف المختبر البيئي بوزارة الزراعة، إن نسبة العجز في الأجهزة المخبرية داخل مختبر الزراعة تصل إلى 40%، لافتاً إلى أن الأجهزة المفقودة هي الأجهزة الأساسية. وتابع:" هناك أجهزة مفقودة غير موجودة بتاتاً بسبب ظروف الحرب، كجهاز قياس النظائر المشعة بالتربة، وأجهزة قياس العناصر الثقيلة في التربة والمياه وفي أجزاء النباتات". وتابع:" أخذنا عينات تربة من الحفر التي خلفها القصف الإسرائيلي، لكن لنقص الأجهزة لم نتمكن من فحصها". ومن جانب آخر، تشكو المختبرات الأكاديمية الخاصة بفحص المواد الغذائية والعقاقير الطبية، من نقص في الأجهزة المخبرية وتعرّض الكثير منها لا سيّما "الحسّاسة" للعطل بسبب الحرب الأخيرة على القطاع. وتقول منى العَلَمي، مديرة مختبرات "تحليل الأغذية"، في جامعة الأزهر بغزة، إنهم عاجزين عن إجراء فحوص خاصة بالسموم الناتجة عن الأصباغ والتي تسبب أمراض السرطان، بسبب غياب الأجهزة المخبرية الدقيقة المسئولة عن إجراء تلك الفحوصات. وذكرت أن خسائر مختبرات التغذية بالجامعة بلغت (150) ألف دولار، بسبب تضرر عدة أجهزة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع. وتشكو العلمي من "نقص المواد التشغيلية والمحاليل اللازمة لإتمام عمل الأجهزة المخبرية واللازمة لفحص المواد الغذائية والأصباغ". فيما قال زياد أبو زايد، مسئول مختبر "تحليل العقاقير الطبية"، بجامعة الأزهر، إن الحرب تسببت بتدمير العديد من الأجهزة، مما كبّد المختبر خسائر بقيمة (150) ألف دولار. وفي ذات السياق، أوضح فؤاد أحمد، مدير وحدة المختبرات وبنوك الدم بوزارة الصحة، أن الأجهزة المخبرية الطبية اللازمة لتشخيص الحالات المرضية متوفرة، لكن المشكلة تكمن في نقص المواد التشغيلية اللازمة لعمل تلك الأجهزة. وتابع:"نجد صعوبة في توفير المواد المخبرية اللازمة لاجراء الفحوصات، فهي مكلفة جداً، عدا عن صعوبة توفرها بغزة في وقت الحاجة بسبب سياسة المعابر". وأوضح أن الشركات المستوردة لتلك المواد، غير مجهزة للاحتفاظ بمخزون استراتيجي للمواد التشغيلية يكفي لعدة أشهر. وذكر أن ربع المواد التشغيلية اللازمة لعام 2014، قد توفر فقط، وذلك بسبب نقص التمويل. وبيّن أن الوزارة تعتمد على سد العجز عن طريق ما يقدمه المانحين المحليين أو الدوليين للوزارة. ويبلغ عدد المختبرات بغزة (52) مختبراً، منهم (11) مختبر مستشفى وبنك دم، و39 مختبراً يصنّف ضمن الرعاية الأولية، ومختبرا واحدا مركزيا، وآخر للفحوصات الصحة العامة، حسب وزارة الصحة. وحسب الوزارة، يبلغ إجمالي الفحوصات التي تجرى خلال العام، في المختبرات الطبية، حوالي (5.2) مليون فحص، كما يبلغ عدد الأصناف اللازمة للمستهلكات والمواد التشغيلة (850) صنفا، منهم (242) صنفا مخبريا.