فؤاد: «السيسى» ينوع مصادر السلاح.. نافعة: رسالة إلى أمريكا.. والفيومي: مشروع الضبعة ينقذ مصر من الظلام يحمل سلاح "الكلاشينكوف"، الذي أهداه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال زيارته إلى القاهرة، الأسبوع الماضي، دلالات على خصوصية العلاقات بين الجانبين، وعلى عمق التعاون بينهما خلال الفترة الحالية، فضلاً عن توجيه رسالة إلى الإدارة الأمريكية التي تشوب علاقتها بالقاهرة حالة من الفتور منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي. وخلال زيارة بوتين إلى القاهرة وهي الأولى من نوعها منذ عشر سنوات، تم توقيع العديد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة، يأتي في مقدمتها الطاقة والغذاء. وبعثت تلك الزيارة برسائل عدة إلى الغرب، الذي رأي فيها وجهة جديدة لمصر في العودة إلى الخمسينيات، حيث اتسمت العلاقات المصرية بالاتحاد السوفيتي السابق (روسيا حاليًا) بالقوة في مواجهة الرغبة الاستعمارية لدى الغرب. وقال السفير الروسي في القاهرة، سيرجي كيربيتشينكو حول البندقية الأوتوماتيكية "كلاشينكوف"، التي أهداها الرئيس الروسي للرئيس المصري: الرئيس السيسي رجل عسكري ويقدر هذا النوع من الهدايا جيدًا". وقال اللواء نبيل فؤاد، أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر السابق، إن الهدف من "الكلاشينكوف"، الذي أهداه الرئيس الروسي للرئيس السيسي، هو رسالة واضحة بأن مصر لا تتوقف على المعونة العسكرية الأمريكية، وأنها تتجه لتنويع مصادر السلاح. وأضاف "المصريون": خلال فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات فشلت مصر في أن تمسك العصا من المنتصف، وارتمت في أحضان الولاياتالمتحدة، على حساب الاتحاد السوفيتي"، فيما وصفه بأنه أكبر خطأ ارتكبه السادات هو "الاعتماد على أمريكا"، والرغبة في الانفتاح على الجميع وهى المسيرة التي استكملها خلفه حسني مبارك، لتصبح مصر قلبًا وقالبًا في عباءة الولاياتالمتحدة". وتابع "أننا كعسكريين أخذنا درسًا قاسيًا من التاريخ، ووجدنا أن تنويع مصادر السلاح هي مصدر القوة الوحيدة، ومصر لا يمكن وضعها تحت ضرس أحد"، مشيرًا إلى أن "هناك دولاً كبرى تتصارع وتمتلك رءوسًا نووية ويجب أن تكسب مصر احترام الجميع وأن تلعب وسط هؤلاء بذكاء". وأجريت للرئيس الروسي مراسم استقبال رسمية في قصر القبة, قبل انطلاق أعمال القمة المصرية الروسية. ورافقت الخيول دخول موكب بوتين إلى القصر، وحلقت المروحيات في محيطه أثناء مراسم الاستقبال. وازدانت حدائق القصر بالورود البيضاء والحمراء والزرقاء ألوان علم روسيا الاتحادية. وأطلقت المدفعية 21 طلقة لدى دخول الرئيس الروسي. واصطف عدد من أطفال المدارس من الصبيان والفتيات حاملين أعلام مصر وروسيا لتحية الرئيس الضيف. وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن "استقبال الرئيس الروسي بهذا الشكل، كان لتوصيل رسالة إلى الولاياتالمتحدة، بأن العلاقات بين مصر وروسيا تاريخية، ولا يمكنها أن تتأثر بتلك الفترة التي حكم فيها الرئيس السادات والتي شهدت ضبابية في العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتي آنذاك". وأضاف "مصر أرادت بذلك طيّ صفحة السادات إلى الأبد، وتوجيه رسالة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن هناك تحركات ملموسة على الأرض، وعليه أن يدرك جيدًا أن مصر لن يوقفها أحد ولن تتوقف على المعونات التي تقدمها أمريكا، وعليه أيضًا أن يحسن علاقاته بمصر والدول الخليجية والعربية". وأوضح أن مصر ستبدأ في مرحلة جديدة من التعاون مع روسيا بعدما فشلت كل محاولتها في إيجاد ما تريده من علاقات قوية وبناءة مع الولاياتالمتحدة، قائلًا: "لم تكن أمريكا مخلصة مع مصر وكان لابد من البحث عن بديل". وخلال الزيارة، وقع بوتين مع السيسي على اتفاقية لإقامة محطة نووية في منطقة "الضبعة"، والتي من شأنها أن تدفع بمصر إلى نادي الدول النووية وتحقق لها طفرة اقتصادية هائلة، فالمحطة ستحل أزمة الطاقة التي تعاني منها مصر في ظل نقص الوقود والمحروقات، ما أدى إلى ضعف إنتاجية محطات التوليد لكنها على الجانب الآخر ستضعها في مواجهة مع دول كبرى ترى في المحطة خطرًا نوويًا جديدًا يجب مواجهته، وترى في التعاون الروسي حلفًا دوليًا يتوجب التعاطي معه بحذر. وقال المهندس إبراهيم الفيومي، صاحب أول قضية دولية مرفوعة لوقف السد الإثيوبي، وصاحب مشروع ربط نهر الكونغو بالنيل: "إن مصر الآن في أمس الحاجة إلى الكهرباء، ومشروع الضبعة النووي موجود منذ عشرين عامًا، ولكن اتجاه الحكومة المصرية لإسناد الأمر إلى روسيا لتنجزه في 5 سنوات، يُثير العديد من علامات الاستفهام". وأضاف "بلا أدنى شك فإن اتجاه مصر لإسناد بناء المحطات النووية إلى روسيا، يأتي ضمن خطتها لزيادة الكهرباء، ولاسيما في ظل تعقد مفاوضات سد النهضة، وتصميم إثيوبيا على الاستمرار في بناء السد". وأشار إلى أن انخفاض منسوب مياه السد العالي عن 149 مترًا سيعقبه توقف توربينات الكهرباء، لتتوقف الحياة في القاهرة، وبالتالي فإن بناء المحطات النووية التي توفر طاقة تصل إلى 2800 ميجا وات، سيكون حلًا سريعًا حال بناء السد وملء خزانه. من جانبه، قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الري بجامعة القاهرة، إن "هناك 5سنوات حتى تشعر مصر بتأثير بناء سد النهضة على تقليل كميات الكهرباء المستهلكة من السد العالي"، موضحًا أن هذه هي الفترة نفسها التي سيتم إنشاء المحطتين النوويتين في الضبعة. وأشار إلى أن "السد العالي يولد 1800 إلى 2000 ميجاوات يما يساوي 8% فقط من احتياجات مصر من الكهرباء البالغة 26 ألف ميجاوات - وستصل حصة مصر من المياه إلى أقل من 12 مليار متر مكعب في السنة". وأضاف "تأثير "سد النهضة" على كهرباء السد العالي فلن يظهر إلا بعد نحو خمس إلى سبع سنوات حين تنخفض تمامًا مستوى المياه في بحيرة ناصر ويتوقف عمل التوربينات، وبالتالي فأمامنا فرصة لتوليد الكهرباء من مصدر آخر خلال هذه الفترة وستكون هي "المحطات النووية".