شهدت العاصمة الليبية طرابلس، ومدن الزاوية وغريان ومصراته، غربي البلاد، مظاهرات حاشدة، مساء اليوم الجمعة، داعمة للمؤتمر الوطني العام، تحت شعار "ضبط المسار مسؤولية المؤتمر والثوار". في المقابل تظاهر المئات، بعدة مدن، شرقي ليبيا، للمطالبة بإسقاط الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثني ومناشدة مجلس النواب (البرلمان) المنعقد في طبرق (شرق) بضرورة تشكيل مجلس عسكري أعلي برئاسة اللواء خليفة حفتر. ففي مظاهرة انطلقت بساحة الكيش، وسط بنغازي، بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني وناشطين سياسيين ومدنيين، رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "حكومة الثني فاشلة ويجب إسقاطها فوراً"، ولافتات أخري تحمل عبارة "نريد حكومة فاعلة تخرج بنغازي وليبيا من الأزمة". وقال وليد العرفي، الناشط بمؤسسات المجتمع المدني، والذي شارك بالمظاهرة ل"الأناضول" إن "الأزمات الإنسانية في مدينة بنغازي والشرق الليبي كانت بسبب تباطيء حكومة الثني في دعم قوات الجيش ضد المليشيات المسلحة و المجموعات المتطرفة". وتابع "تأخر حسم الحرب في بنغازي والتي بدأت شهر أغسطس (آب) الماضي أدي لتفاقم الأزمات في المدينة وخاصة في ملف النازحين الذين يقبعون في مخيمات ومدارس لان معارك تقع داخل المناطق التي تقع بها منازلهم". وخلال المظاهرة التي شهدت تأميناً من قوات عسكرية ومديرية أمن بنغازي تحدثت الناشطة نورا الزروق ل"الأناضول" قائلة إنه "لابد من تشكيل مجلس عسكري أعلي يدير شؤون البلاد ويكون له كافة الصلاحيات الأمنية لحسم المعركة علي الأرض ضد المليشيات "مؤكدة أن "المجلس العسكري هو الحل الوحيد". المتظاهرون عبروا عن هذا المطلب بلافتات رفعوها كتب عليها "نريد مجلس عسكري أعلي برئاسة حفتر"، مشيرين في لافتات أخري أن "حفتر هو المنقذ". وخلال مظاهرات أخري نظمها نشطاء ومواطنون في مدن البيضاء وطبرق، شرقي البلاد، طالب المتظاهرون بالمطالب نفسها التي رفعت في مظاهرات بنغازي ومنها المطالبة بإسقاط حكومة الثني وتشكيل مجلس عسكري أعلي للبلاد. ووجه المتظاهرون تلك المطالب لمجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق هاتفين "يا نواب يا نواب المجلس ما هو انقلاب"، في إشارة إلي المجلس العسكري الأعلى والذي يصفه البعض بأنه "انقلاب" علي الحكومة والمجلس باعتبارة سيتولى إدارة شؤون البلاد بصلاحيات واسعة. كما طالب المتظاهرون البرلمان "بدعم الجيش الليبي الذي يحارب الإرهاب في المدينة"، في إشارة لقوات رئاسة الأركان المنبثقة عن البرلمان والتي تقاتل منذ أشهر تنظيم "أنصار الشريعة" و"كتائب ثوار إسلامية" والتي تجمعت تحت كيان يعرف ب "مجلس شوري ثوار بنغازي". وتعاني مدينة بنغازي من أوضاع معيشية صعبة في ظل انقطاع التيار الكهربائي والبنزين والاتصالات والإنترنت وغاز الطهي، فيما أعلنت معظم المستشفيات الحكومية نفاذ الأدوية من مخازنها ومواد التشغيل منذرة بكارثة إنسانية. وأمام كل ذلك تبدو الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثني عاجزة عن مواجهة ما يمر به المدينة من أوضاع صعبه خاصة مع عدم اعتماد ميزانية للعام الحالي 2015 ما ينذر باستمرار معاناة المواطن لفترة أخري. كما تستمر حرب الشوارع في عدة أحياء من مدينه بنغازي بين تنظيم "أنصار الشريعة" و"الثوار" من جهة وبين قوات تابعه لرئاسة أركان الجيش الليبي المنبثقة عن البرلمان المجتمع بطبرق ومناصرين لها من المدنيين من جهة أخري الأمر الذي أجبر الكثير من السكان علي النزوح إلي مناطق ومدن مجاورة بينما لجأ البعض الأخر إلي داخل مدارس تقع في أحياء لم تطالها المعارك بالمدينة. على جانب آخر، رفع مئات المتظاهرين في العاصمة طرابلس شعارات تدعو المؤتمر الوطني، إلى التسمك بمباديء ثورة فبراير (أطاحت بنظام الرئيس السابق معمر القذافي ودعت لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة) أساسا للانخراط في الحوار الوطني. وعقدت الأربعاء الماضي، في مدينة غدامس، جنوب شرقي ليبيا، جلسات حوار بين فرقاء ليبيا برعاية أممية، وذلك خلال جلسات منفصلة نظمها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس بعثة الدعم برناردينو ليون مع وفدي الحوار عن مجلس النواب المنعقد بطبرق والمؤتمر الوطني العام. المتظاهرون بطرابلس رفعوا لافتات تدعو إلى ضرورة اعتراف أطراف الحوار بحكم المحكمة الدستورية القاضي بحل مجلس النواب (البرلمان المنعقد في طبرق/شرق والمعترف به دوليا) وأن صاحب الشرعية هو المؤتمر الوطني العام. وخلال مشاركته بالمظاهرة التي نظمت في ميدان الشهداء، وسط العاصمة، قال رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبوسهمين في كلمة للمتظاهرين إن "المؤتمر والثوار لديهم مبدأ لن يحيدوا عنه وهو التمسك بالشريعة الإسلامية وما عدا ذلك فقابل للتعديل والإلغاء بما فيها الإعلان الدستوري (الصادر في 3 أغسطس/آب 2011) أو قانون العزل السياسي (أقر المؤتمر الوطني في مايو 2013 ولاقي معارضة من نشطاء وسياسيين ليبيين)، أو المؤتمر او الحكومة." وقال أبوسهمين إن المؤتمر انخرط في الحوار من أجل تحقيق أهداف الثورة وتحقيق المصالحة وإنهاء معاناة المهجرين والنازحين. وأضاف : "إنني سأرفض تولي أي منصب سياسي أو تشريعي بعد نهاية الأزمة"، مشيرا أنه سيتجه للعمل الخيري. يشار إلى أنه في 16 مايو الماضي دشن اللواء خليفته حفتر (قبل عودته للخدمة بالجيش) عملية عسكرية تسمي "الكرامة" ضد كتائب الثوار وتنظيم أنصار الشريعة متهما إياهم بأنهم من يقف وراء تردي الوضع الأمني في المدينة وسلسة الاغتيالات التي طالت أفراد الجيش والشرطة وناشطين وإعلاميين بينما اعتبرت أطراف حكومية آنذاك ذلك "انقلابا علي الشرعية كونها عملية عسكرية انطلقت دون إذن من الدولة". لكن بعد انتخاب مجلس النواب في يوليو/تموز الماضي أبدى المجلس دعما للعملية التي يقودها حفتر وصلت إلى حد اعتبار قواته جيشاً نظاميا وضمت عملية الكرامة لعمليات الجيش المعترف بها وذلك خلال بيان رسمي فيما أعاد رئيس البرلمان بصفته قائد أعلي للجيش الليبي حفتر للخدمة العسكرية . وتعاني ليبيا أزمة سياسية بين تيار محسوب على الليبراليين وآخر محسوب على الإسلاميين زادت حدته مؤخراً ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منهما مؤسساته الأول: البرلمان المنعقد في مدينة طبرق (شرق) والذي تم حله مؤخرا من قبل المحكمة الدستورية العليا وحكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه. أما الجناح الثاني للسلطة، فيضم، المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته مؤخرا) ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي (الذي أقاله مجلس النواب).