قتل أول أمس ثلاثة شبان مسلمين مقيمين في الولاياتالمتحدة، من قبل أحد جيرانهم. ثلاثة رصاصات كل رصاصة استقرت في رأس واحد من الثلاثة. لم ينعته الإعلام الأمريكي ولا العالمي بالإرهابي أبدًا. وتحفَّظت الشرطة الامريكية على نشر أية معلومات للصحافة، ليس هذا فحسب بل إن الشرطة الأمريكية قالت إنها لديها “الكثير من الأسباب” للاعتقاد بأنَّ الحادث لا يمثل تهديدًا للسلامة العامة. هكذا إذن حين تقتل ثلاثة شبان من المسلمين المقيمين في الولاياتالمتحدة لن يدعوك أحد بالإرهابي، ولكن حين تقتل رسامي كاريكاتير فرنسيين ستكون إرهابيًا وسيتظاهر رؤساء العالم في العاصمة الفرنسية للتنديد بالإرهاب. وكما قامت ساسة بوست بتغطية حادث شارلي إيبدو، تقوم بتغطية هذا الحادث أيضًا، فما هي تداعيات هذا الحادث إذن؟
1 في البداية ما هي القصَّة؟ ومن هم الضحايا؟ “لم يكن يريد هؤلاء الطلاب الطيبون شيئًا سوى تغيير العالم للأفضل. لقد كانوا يعتقدون أن أهم شيء في الحياة هو مساعدة الذين كانوا أقل حظًّا في الحياة” *كارول فولت، مستشارة جامعة شمال كارولينا. بتوقيت يقارب الخامسة مساءًا، في حي Chapel Hill الهادئ للغاية، حيث يغلب على قاطنيه فئة الباحثين وأساتذة الجامعة، الحي يقع شرق جامعة شمال كارولينا، صعد كريغ ستيفن هيكس البالغ من العمل 46 عامًا إلى الشقة التي يجتمع بها الثلاثة ضحايا. ضياء وزوجته وأخت زوجته. ضرب كريغ ثلاثة رصاصات فقط، استقرت ثلاث رصاصات في رؤوس الثلاثة. تلقت الشرطة بلاغًا في الساعة 05:11 مساءًا يفيد بسماع أصوات طلقات نارية. هرب كريغ قبل أن يسلم نفسه بعد ساعات. ستستغرب حين تعلم انَّ الضحايا الثلاثة لم يكونوا أبدًا “إرهابيين”، سجلهم خالٍ تمامًا من الانضمام لأية تنظيمات مسلحة، أو حتى لأيّ تنظيم سياسي. ضياء شادي بركات، سوري مقيم بأمريكا، يدرس طب الأسنان بجامعة نورث كارولينا. عرف ضياء بأنشطته الإنسانية: بالتحديد قام ضياء بتدشين حملة العام الماضي لإرسال إمدادات طبية لضحايا النزاع المسلح في سوريا، خلال هذا التاريخ كانت الحملة قد وصلت لمبلغ 70000 دولار مساعدات. في يناير الماضي كان ضياء يقدم خدمات كشف أسنان بدون مقابل للمشردين في أمريكا من خلال بعض الحملات الخيرية الشاب ذو الثلاثة والعشرين عامًا كان قد تزوج منذُ شهرين من الفلسطينية يُسر محمد أبو صالحة البالغة من العمر 21 عامًا فقط، أختها رزان أبو صالحة كانت تدرس الهندسة المعمارية بجامعة نورث كارولينا وتبلغ 23 عامًا فقط. لكنَّ هيكس شاء ألا يترك العريسان يفرحان كثيرًا، فقد قتلهما بعد شهرين فقط من الزواج. 2 من هو القاتل؟ وهل ينتمي لأي تنظيم متطرف؟ القاتل كريس ستيفن هيكس، يصف نفسه على فايس بوك بأنه “مكافح الإيمان” كما يعرف نفسه باعتباره عضوًا لحركة تطلق على نفسها “ملحدين من أجل المساواة“. عبر صفحته على فايس بوك عرف عن هيكس دفاعه عن حقوق المثليين. كان قد كتب في وقتٍ سابق “أنا لست مثليًا، لكنني أؤكد أن من حق الجميع أن يحصلوا على حقوق متساوية”. هيكس كان قد نشر في وقتٍ سابق صورة لمسدسه على موقع فايس بوك، في مرات سابقة تعرَّض للضحايا وتحدث معهم ومسدسه في حزامه. حسب والد الضحيتين “يسر ورزان أبو صالحة” كان هيكس يتعرض لابنته وزوجها كثيرًا ويتحدث معهم، وأنهم لم يشعروا تجاهه بالراحة أبدًا. القاتل إذن ملحد لا شأن لهُ بالاديان، انتقد الأديان جميعًا قبل الجريمة على فايس بوك، ينتقد المتطرفين من جميع الأديان، ولكن هل كان الضحايا متطرفين؟ ولم تكن زوجة هيكس التي تزوجته منذ سبع سنوات هي الوحيدة التي دافعت عنه، لكنَّ المدعي العام الأمريكي لمنطقة الأوسط التي تضم تشابل هيل ودورهام قال في تصريحٍ سابق أنه لا يعتقد أبدًا أن القتل كان جزءًا من حملة تستهدف المسلمين بالخصوص. لكنَّ محمد أبو صالحة والد الفتاتين القتيلتين ردَّ عليهما في مؤتمر صحفي:
لقد كان أسلوب التنفيذ، رصاصة في الرأس، لم يكن هذا بسبب خلاف على أماكن لوقوف السيارات. هذا كان جريمة كراهية. وكان هذا الرجل قد تعرض لابنتي وزوجها عدة مرات من قبل، وتحدث معهم ومسدسه في حزامه. ” أريد أن افهم، من هذا الذي قد يقتل بسبب فقط خلاف حول جراج السيارات؟” * أخو ضياء 4 ما هو رد فعل وسائل الإعلام والحكومة؟ بالطبع لقد غطَّت صحف العالم الجريمة، لكنَّ التغطية كانت ضئيلة ومتأخرة مقارنةً بالحادث، لم يعتبر الإعلام الحادث “جريمة” ولم يعتبرها “إرهابًا”. العناوين كان أغلبها كالتالي “رجل متهم بمقتل ثلاثة طلاب في أمريكا”. الحادث وتغطيته الإعلامية أعادت للأذهان حادث شارلي إيبدو المروِّع في يناير الماضي والتغطية الإعلامية العالمية التي حظي بها والاهتمام السياسي العالمي عندما تظاهر عدد كبير من رؤساء العالم في باريس احتجاجًا على الحادث “الإرهابي”. المغردون والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدوا وسائل الإعلام العالمية في تغطيتها للحادث. فيما شارك رسامو الكاريكاتير أيضًا في الهجوم على التغطية الإعلامية الخافتة لحادث إرهابي مثل هذا. الجدير بالذكر أن الشرطة الأمريكية تحفظت على إبداء أية معلومات، أبعدت الجمهور عن مكان الجريمة بمن فيهم أفراد أسرة الضحايا وأقاربهم. فيما لم يعر الرئيس الأمريكي اهتمامًا للجريمة فلم يصدر أية إدانات رسمية للحادث ولم يدعو إلى فتح تحقيق كما هو متداول في مثل هذه القضايا. بالطبع فتحت الشرطة تحقيقًا لكنَّ الرئيس لم يتحدث حديثًا قصيرًا حول الجريمة حتى. وكعادة رواد مواقع التواصل الاجتماعي قد أطلقوا هاشتاغين chapelhillshooting وMuslimLivesMatter كما أنشأوا صفحة على فايس بوك أسموها Our three winners المشاركات الغالبة على هذه المبادرات هي الهجوم على التغطية الإعلامية الخافتة للجريمة. “هل حياة المسلمين ليست مهمة؟ وهل دمنا رخيص؟، ولماذا لا نحصل على اهتمام الإعلام عندما ترتكب جريمة ضدنا؟” * الكاتبة الصحفية صبرية برفير من صحيفة الاندبندنت 5 هل هذه هي الحادثة الأولى لقتل مسلمين في الولاياتالمتحدة في الفترة الاخيرة؟ لا، ليست هذه هي الحالة الوحيدة التي قتل فيها مسلمين في قضايا تتعلق ب “الكراهية”. فقد قتلت عام 2012 المسلمة العراقية شيماء العوضي في بيتها. قتلت بطريقة سيئة حيث تم ضربها بهراوة على رأسها حتى فارقت الحياة، ترك إلى جانبها ورقة مكتوب عليها: عودي إلى بلدك، أنت إرهابية. تم التحقيق في الجريمة على أنها جريمة “عنصرية” ضد العرب. ولكنَّ الأمور سرعان ما أخذت منحى جديدًا حين اتهمت المحكمة زوج شيماء في مقتلها لأنها كانت تطالبه بالطلاق. في أبريل الماضي قال ممثلو الإدعاء أنهم يعتقدون أن زوجها ضرب زوجته بقضيب حديد حتى الموت لأنها كانت تطالبه بالطلاق، بينما أكد محامو الدفاع أنه لا يوجد دليل لدى الطب الشرعي يربط بين الزوج وبين الجريمة. لم تكن حادثة شيماء العوضي هي الوحيدة أيضًا فحوادث قتل المسلمين في أمريكا كثيرة، أحد المقتولين كان يدعى رحمةُ الله إيراني، مسلم قتل أثناء إغلاقه محله الخاص، في حين تمَّ قتل أحد الهنود في ديسمبر 2013، حين قامت أمريكية بدفعه على قضبان القطار فدهسه، حين تمَّ التحقيق معها حول الحادث قالت أنها تكره المسلمين والهندوس كثيرًا، بالتحديد تكره المسلمين منذُ حادث 11 سبتمبر 2001. صوره نشرها القاتل اخر مانشره القاتل علي صفحه الفيس بوك طلاب الجامعة بعد مظاهره مندده للحادث يشعلون الشموع للضحايا