تنتاب أطياف واسعة من الشعب البنيني مشاعر خوف حين رؤيتهم لما تتعرض له كل من نيجيريا والنيجر من هجمات دموية على يد بوكو حرام، على إثر الإعلان الرسمي عن انضمام 700 جندي بينيني إلى التحالف الإقليمي ضد التنظيم المسلح، فيما تؤكد الحكومة تصميمها على القضاء على "وباء" الارهاب. ويذهب البعض منهم إلى أبعد من ذلك بإلقاء اللائمة على حكومة بلادهم التي كانت قد قررت مؤخرا إرسال 700 جندي تشادي إلى جبهات القتال لمعاضدة التحالف الإفريقي متعدد الجنسية في حربه ضد بوكو حرام. "ارنست كي"، هو أحد سكان "سيمي-كراكي"، يشتغل مدرسا في المدينة الواقعة شرقي بنين الحدودية مع نيجيريا حملته مشاعر اليأس التي تنتابه إلى تسليم الأمر إلى العناية الإلهية، رفع بصره إلى السماء وقال: الله منقذنا الوحيد. نحن نعرف أنه ليس بإمكاننا القيام بأي شيء ضد بوكو حرام، التي تبدو أكثر تنظيما وأفضل تسليحا من قواتنا العسكرية ". ولا يبدو المدرس الأربعيني كمن يوافق على الخطوة التي أقدمت عليها حكومة بلاده بإرسال القوات المسلحة لمواجهة بوكو حرام، معتبرا أن هذه الجماعة فضلا عن تجهيزها الجيد، فإنها تمتلك عدة فروع تجعل من الصعب على القوات التشادية والكاميرونية احتواءها. "ارنست" لا يجد حرجا في التعبير عن أسفه من إعلان الرئيس البنيني عن مشاركة البلاد في الحرب ضد الإرهاب. في "سيمي-كراكي"، هذه المنطقة الحدودية مع نيجيريا، قامت الحكومة بجلب تعزيزات لقوات الدرك والشرطة والوحدات العسكرية الأخرى. وقد أسرّت تاجرة بنينية تقيم في "سيمي-كراكي" للأناضول أنه "منذ عدة أيام، تزايد عدد الرجال بالبزّات العسكرية، وقالت:" نحن نشعر بالخوف أحيانا. إنهم يفتشون في كل مكان ولا نعرف حقا عما يبحثون". وبالنسبة لها، فقد استقر طيف "بوكو حرام" في أذهان الناس الذين يخشون أن تظهر هذه المجموعة يوما ما على حين غرة.
أما السيدة "هونون" (60 سنة)، وهي تشتغل في بيع الخبز الحلو على الحدود، فإنها لا تفهم تدخل رئيس الدولة في قضية بوكو حرام". "هونون" مضت بالقول منتقدة السلطات: "أنا لا أفهم لماذا يريد رئيسنا أن يوقظ القط النائم، بوكو حرام" لا تستهدفنا، إنهم في منطقتهم، نحن من ذهبنا لاستفزازهم. في صورة ما قامت "بوكو حرام" بالهجوم على البنين، ستكون المدن الحدودية أول من ستدفع الثمن قبل الجميع". هو نفس الموقف الرافض لهذا التدخل يبديه تجار السوق الدولية ب "كوتونو"، أكبر أسواق البلاد، الذين لا يخفون خشيتهم من الهجمات الانتقامية للمجموعة المسلحة. يقول موظف في شركة إدارة المشتريات العامة (سوجيما) –طلب عدم الكشف عن هويته- للأناضول: "نحن نشتغل في سوق تمتد على 18 هكتارا ويتردد عليها أكثر من 30 ألف شخص يوميا. تخيل للحظة واحدة لو أن عناصر "بوكو حرام" اقتحمت السوق وقامت بعملها القذر. سيكون الأمر خطيرا جدا". وتذكر "لادويغ"، بائعة القماش داخل نفس السوق، " نواصل عملنا لكن مع توخي الحذر الشديد. نحن خائفون من رجال "بوكو حرام" الذين لا يبدون أي شفقة تجاه السكان". وأضافت "لاوديغ" أنه في أحد الأيام " أطلق أحدهم إنذارا كاذبا، لقد سمعنا صراخا : إنهم قادمون.. إنهم قادمون، حينها، تملك الذعر الجميع". أما "فانسان دي"، الذي أتى إلى السوق لاقتناء إطارات جديدة لسيارته، فهو يعتبر أنه ينبغي على الجيش البنيني أن يقوم بما يلزم لاحتواء هجمات الإرهابيين المدججين بالسلاح. ثم ما لبث أن تساءل قائلا: "هل هم حقا على أهبة الاستعداد، وهل تلقوا التدريب الكافي لمواجهة هؤلاء الجهاديين الذين لا رادع أخلاقي أو قانوني لهم؟ الحذر واجب بشدة". من جانبه، اعتبر الكاتب البنيني، "فلوران كواو زوتي"، في عموده الأسبوعي الذي نشر في صحيفة "لا نوفال تريبون" تحت عنوان "البنين : في انتظار وصول "بوكو حرام"، أنه من بين كل الدول المجاورة لنيجيريا، تبدو بنين الحلقة الأضعف، حيث أن جيشنا هو الأقل خبرة والأقل حنكة". وكان الرئيس البنيني "بوني يايي" قد ذكّر خلال حفل لتبادل التهاني مع البعثات الدبلوماسية المعتمدة في بينين يوم 23 يناير/كانون الثاني الماضي بالتزام بلاده بإرسال قوات لمعاضدة جهود دول الجوار في القضاء على الارهاب. وشدد "يايي" في خطابه أثناء نفس المناسبة على النتائج الوخيمة التي تتسبب بها الأنشطة غير القانونية للجماعات الإرهابية في منطقة غرب إفريقيا ولا سيما في منطقة الساحل و الصحراء حيث تنشط بوكو حرام. كما دعا الرئيس البنيني المجموعة الدولية إلى الوحدة بغية القضاء على آفة الإرهاب. ومنذ منتصف شهر يناير، تخوض القوات التشادية، إلى جانب الجيش الكامروني، سلسلة من العمليات ضد الجماعة، لا سيما في أقصى شمال الكاميرون، قرب الحدود النيجيرية. أما الجيش البنيني، الذي التحق مؤخرا بالتحالف فهو يتدخل ضمن القوة المتعددة الجنسيات المشتركة، التي تشكلت مؤخرا وتجمع 8700 جنديا من بنينوالكاميرون والنيجر ونيجيريا والتشاد.